أخيراً اغتالت قوات خاصة من (الجيش الشعبي) أمس (الثلاثاء) الجنرال جورج أطور على الحدود مع أفريقيا الوسطى في أعقاب معركة امتدت لأكثر من (18) ساعة. في يوم 16 مايو 1983م تمرد الجنرال جورج أطور الذي ترجع أصوله إلى قبيلة (دينكا عطار) على حكومة الخرطوم ضمن كتيبتيْ (104 - 105) في توريت وأيوت. وفي عام 1991م إبّان انشقاق الحركة الشعبية، ما عُرف لاحقاً بانشقاق الناصر، انحاز الجنرال أطور إلى مجموعة د. جون قرنق ضد مجموعة الناصر التي عُرفت بمجموعة حق تقرير المصير. وفي 6 مايو 2010م تمرّد الجنرال أطور في ذات المنطقة بجونقلي في خور فلوس. وما بين أيوت وخور فلوس كانت رحلة (23) عاماً من التمرُّد!! مع اختيار الجنوب للانفصال فإن حكومته واجهت خطر المنشقين بقيادة جورج أطور الذين بادرتهم بالعداء في السابق. والذين يعرفون الفريق جورج أطور يقولون إنه ينتمي ل(دينكا عطار) الذين لا يوجد عدد كبير منهم وسط قادة الجيش الشعبي، لكن عددهم كأفراد مقاتلين فيه كبير. وعمل أطور في منطقة (خور فلوس) لمدة تصل لعشرين عاماً وهو عسكري من الطراز الأول وأفضل من يجيد حرب العصابات بين قادة الجيش الشعبي. وقد قاد تمرده بقوة مهولة قوامها (33) ألف جندي أغلبهم من النوير والدينكا انتشرت في خور فلوس وعطار بولاية جونقلي. هاجم أطور في بداية تمرده كتيبته التي يعرفها جيداً في منطقة (خور فلوس) واستولى على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر واتخذ من المنطقة معقلاً لقواته، بعدها بدأت نيران التمرد تتسع دائرتها شيئاً فشيئاً حتى كسب مناطق جديدة بعد أن ألحق بمعسكرات الجيش الشعبي التي يهاجمها خسائر فادحة. وصّور بعض القادة حجم العمليات التي قام بها أطور بالقول إن أية قوة يهاجمها إما أن تسلم له بأسلحتها وبالتالي يكسب مقاتلين جدداً، أو يحصل منها على معلومات عن مواقع جديدة ليهاجمها. وهو ما أدى أن يكون هذا التمرد هو الأعنف والأكثر تأثيراً على الجيش الشعبي رغم محاولة الحركة التقليل من شأنه بداية الأمر. ولا شك أن أطور كان يمد قواته ويدعم تمرده بالأسلحة التي يغتنمها من المعسكرات التي يهاجمها، وهو ما جعله يقاتل الحركة بسلاحها، وهي الحقيقة المرة التي تدركها الحركة الشعبية ولكنها تحاول تغطيتها باتهام الآخرين. تحركت الحركة الشعبية وأجرت اتصالات مع المتمردين لوقف مدهم مع اقتراب موعد الاستفتاء حتى لا يشكلوا تهديداً لقيامه، وقد سهلت منظمات أجنبية ودول أوربية التواصل حتى أعلن سلفاكير العفو عن الذين يحملون السلاح. وطرح أطور شروطه بضرورة تنحي مانيانق وإلغاء نتيجة الانتخابات، وهو ما اعتبرته الحركة شروطاً تعجيزية. واستمرت المحاولات إلى أن تم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار. وتأتي أسباب موافقة أطور على التفاوض مع الحركة لضمان فترة هدنة تضمن له تحقيق مكاسب، وهي إطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار الذي ضربته الحركة على قواته، وحصوله على السلاح من تجار الأسلحة الناشطين في المنطقة ومن بعض الجنرالات الفاسدين في الجيش الشعبي، وبالفعل حصل أطور على كميات من المواد التموينية والأدوية من الوسطاء الأوربيين بعد الاتفاق. أطور الذي التحق بالجيش الشعبي في العام 1983، تدرج في الرتب إلى أن وصل إلى رتبة فريق، وأصبح نائباً لرئيس هيئة الأركان للتوجيه المعنوي في قوات الحركة الشعبية، تنحدر أصوله لقبيلة الدينكا أكبر القبائل الجنوبية. أطور عمل في منطقة خور فلوس لمدة تصل لعشرين عاماً وهو عسكري من الطراز الأول وأفضل من يجيد حرب العصابات بين قادة الجيش الشعبي، وهو ما أدى أن يكون هذا التمرد هو الأعنف والأكثر تأثيراً على الجيش الشعبي رغم محاولة الحركة التقليل من شأنه بداية الأمر، لا سيما بعد أن قاد تمرده بقوة مهولة قوامها (33) ألف جندي أغلبهم من النوير والدينكا انتشرت في خور فلوس وعطار بولاية جونقلي. اللافت للأنظار أن تعامل رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت مع أطور أنه لم يطلق أيدي قوات جيشه الشعبي لقتاله بشكل حاسم، مكتفياً برد الهجوم عليه في حال اشتداد أوار المعارك واستخدام سياسة الحصار، وهذا الأمر يعكس حاجة سلفا لسير الأوضاع بهدوء في دولته، ومن ثم اتجه إلى حواره بدعوته للمشاركة في مؤتمر الحوار (الجنوبي الجنوبي) الذي انعقد في جوبا في العام الماضي، ولكن الرجل لم يستجب إلا عقب انتهاء المؤتمر، فهبط إلى جوبا واجتمع إلى سلفا، ولم تخرج نتائج تفاوضهما للعلن، ليتصدع الاتفاق سريعاً ويعود إطلاق الرصاص بشكل أكثر ضراوة.