زاد حجم المخزون العالمي من القطن لأعلى نسبة، مما جعل أسعار السلعة في هبوط مستمر قد يصل إلى أدنى مستوياته القياسية، ويتوقع أن يؤدي الهبوط مع انخفاض الاستهلاك إلى زيادة حجم المخزون العالمي ليسجل أعلى نسبة يشهدها منذ عام 2005، على نحو يدفع إلى مزيد من الهبوط في سعر السلعة الأسوأ أداء هذا العام. وعلى ضوء ما يحدث من تدنٍ للأسعار فشلت آلية تحديد أسعار شراء القطن زهرة من المزارعين في التوصل لتحديد سعر محفز بسبب الركود العالمي والمحلي لسوق القطن بحسب إفادات المنتجين. ودعا خبراء زراعيون واقتصاديون الجهات الحكومية ذات الصلة المباشرة بالقطن لتحديد سعر شراء عادل لمحصول القطن هذا العام حتى لا ينصرف المنتجون مستقبلاً عن زراعته. وأجمع الخبراء على أن المزارع مظلوم بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة وعدم الحصول على سعر عادل للقطن في التوقيت الحالي بسبب انخفاض سعر القطن في البورصات العالمية لمستويات دنيا. { المهندس الزراعي والخبير صديق يوسف مسؤول التأمين الزراعي بمشروع الجزيرة سابقاً، قال إن المزارع ممتنع عن بيع القطن لحين ارتفاع الأسعار أسوة بالعام الماضي لأن الأسعار العالمية لن تعوضه عن ارتفاع تكاليف المستلزمات وتكلفة الإنتاج. ويؤكد أن الحل في تدخل الحكومة بدعم المحصول بفرض سعر ضمان لمحصول القطن لتشتري محصول العام الحالي بواسطة شركة الأقطان حتى لا يمتنع المنتجون عن زراعة القطن العام القادم. { رئيس مجلس القطن محمد عثمان السباعي أعرب عن قلقة إزاء تراجع أسعار القطن محلياً وعالمياً، وقال ل (الأهرام اليوم) إن الأسعار غير محفزة للمنتجين وتهدد زراعة القطن مستقبلاً. وطالب السباعي الجهات المسوقة للسلعة بإلغاء الرسوم المفروضة على تسويق البذرة التي تصل إلى 4 بالمئة، واعتبر الرسوم معوقاً حقيقياً، وقال إن المزارعين ما زالوا يعانون من مشاكل التسويق، موضحاً أن الجهات المعنية قررت رفع سعر صرف الدولار دعماً للقطن. { المدير العام لشركة السودان للأقطان؛ د.عابدين محمد علي، قال إن أسعار القطن في الأسواق تشهد ركوداً عالمياً ومحلياً وإن الأسعار الحالية للقنطار لا تزيد عن 85 دولاراً، بواقع 91 سنتاً للرطل، وأكد التزام إدارته بالعقود المبرمة مع المنتجين، وأشار إلى أن الأسعار ستعلن خلال اليومين القادمين، وقال ل (الأهرام اليوم) إن الحكومة أولت قضية تراجع أسعار القطن اهتماماً كبيراً ووعدت بوضع معالجات إسعافية لانتشال القطن من الركود. وكشف عابدين عن تدخل النائب الأول للرئيس علي عثمان لرفع سعر الدولار المتعلق بشراء القطن إلى (3500) جنيه مقابل الجنيه السوداني حماية للمنتجين والاقتصاد الوطني. ولفت عابدين إلى أنه لم يطرح حتى الآن سعر على اجتماع آلية تحديد سعر شراء القطن زهرة، وتوقع أن تكون أسعار الشراء من المنتجين محفزة ومشجعة. { وقالت مصادر إن شركة السودان للأقطان ربما تكون فشلت حتى الآن في وضع آلية جديدة لشراء وتسعير القطن زهرة رغم الاجتماعات الماراثونية المتكررة في الشركة بين الجهات المستفيدة من السلعة لإيجاد صيغة مناسبة إلا أن جميع المعنيين في الاجتماع قد أجمعوا على أن ليس هناك أي اتفاق جديد أو التوصل لصيغة جديدة لفاتورة القطن في ظل تراجع الأسعار. ووفقاً للمصادر، فإن المشكلة تتفاقم لكون المزارعين يقفون في ناحية ومجلس الأقطان في ناحية أخرى، فمؤسسة الأقطان ما زالت تصر على موقفها بعدم إعلان أسعار الأقطان التي تراها لا تتلاءم مع المنتجين، الأمر الذي جعل المزارعين يرغبون في تسويق البذرة لزيادة فاتورة الشراء. وأكد رئيس مزارعي الرهد حسين الشوبلي أنه لا يمكن أن تباع بأقل من سعر المادة الأولية للقطن على اعتبار أن ذلك سوف يزيد من خسارتهم، متذرعاً بعدم قدرة المزارعين على تحمل مزيد من الخسائر. { عضو اتحاد مزارعي الرهد جمال حسن ألمح إلى أن الشركة حتى هذا الوقت لم توفر التمويل اللازم لشراء القطن بسبب عدم وضوح الرؤية الخاص بتسويق المحصول. وقال: ربما تنخفض الأسعار بنسبة كبيرة تحول دون إقدام المنتجين على زراعته. { اتحادات المنتجين للقطن بمشاريع (الرهد، الجزيرة، حلفا، السوكي، النيل الأبيض، سنار، خور أبوحبل والنيل الأزرق) اتفقت في اجتماع، على رفض كافة العطاءات المطروحة من الغرفة الصناعية لشراء البذرة بواقع (1,600) جنيه للطن. وقال رئيس اتحاد منتجي القطن بمشروع الرهد الناطق باسم المنتجين؛ حسين الشوبلي، إن المنتجين غير ملزمين ببيع البذرة للغرفة الصناعية بالأسعار التي طرحتها آلية تحديد أسعار القطن زهرة. { واتهم عضو اتحاد مزارعي النيل الأبيض؛ جمال عبدالرحمن، آلية تسعيرة شراء القطن زهرة بالفشل في تحديد فاتورة شراء القطن في الاجتماعين السابقين نتيجة لتباين الآراء وانخفاض أسعار القطن محلياً وعالمياً، وقال ل (الأهرام اليوم) إن الآلية تضم (رؤساء اتحادات المنتجين، مديري المشاريع الزراعية، رئيس مجلس القطن بالنهضة الزراعية، وزير الزراعة سنار، رئيس لجنة الزراعة بمجلس تشريعي الجزيرة، اللجنة الإدارية لمجلس شركة الأقطان، نائب رئيس المجلس التشريعي كسلا)، معتبراً أنها فشلت في الوصول لصيغة نهائية لإعلان سعر الشراء، وأكد رفضهم مقترحا قدم في الاجتماع بأن يكون سعر الشراء (370) جنيهاً للقنطار. فيما طمأن مدير عام شركة السودان للأقطان؛ د.عابدين محمد علي، المنتجين بالتزام الشركة بشراء كافة المنتج من القطن بالمشاريع الزراعية وبأسعار معقولة بحسب الأسعار العالمية، وكشف عن اجتماع ضم جهات حكومية ذات صلة لوضع الأسس التي يتم بها حساب قيمة القطن لرفع الضرر عن المزارعين وحماية الاقتصاد الوطني. واتهم ئيس الاتحاد الفرعي لمزارعي التحاميد رحمة المولى محمد أحمد شركة الأقطان بأنها وراء الكارثة التي يعاني منها المنتجون حالياً، وأشار إلى أن السعر أصبح متدنياً جداً عن العام الماضي، حيث ألمحت الشركة إلى أن سعر القنطار الواحد 370 جنيهاً في الوقت الذي كان سعره في العام الماضي 460 جنيهاً وأن تدنى الأسعار يرجع إلى رفع الحكومة يدها عن المزارع. { عالمياً تزايدت ردود الأفعال لانخففاض سعر القطن، وقال "جيمس دايلي" الذي يدير أصولاً قيمتها 215 مليون دولار في شركة (تيم فينانشيال مندجمنت إل إل سي) في هاريسبرغ بولاية بنسلفانيا.. قال لوكالة (بلومبيرغ): (إنها كارثة مزدوجة.. القطن يواجه أسوأ حالاته كسلعة زراعية، حيث توجد وفرة هائلة في الإنتاج مصحوبة بانخفاض في الطلب). { ويشهد إنتاج القطن زيادة من أستراليا مروراً بالصين ووصولاً إلى الهند، بحيث يعوض الهبوط الأميركي الذي سببه أسوأ ظروف تشهدها المحاصيل منذ حقبة الثلاثينات. ويعتبر المضاربون في سوق العقود الآجلة الأميركية هم الأقل تفاؤلاً خلال فترة العامين والنصف العام، حسب ما تشير إليه بيانات لجنة المتاجرة في العقود الآجلة للسلع. { ويشير هبوط الأسعار هذا العام بنسبة 37 في المائة إلى أن القطن هو الأكثر هبوطاً بين 24 سلعة في مؤشر (ستاندرد آند بورز غولدمان ساكس للسلع)، وسوف يصل سعر القطن إلى 85 سنتاً خلال ستة أشهر، هذا ما صرحت به شركة (غولدمان ساكس غروب) في تقرير صدر في 10 نوفمبر مخفضة توقعها السابق الذي قدرت فيه سعره بدولار واحد. { ويشهد محصول القطن في الصين، الأكبر حجماً من أي دولة، ارتفاعاً للمرة الأولى خلال أربع سنوات، بحسب تقديرات وزارة الزراعة الأميركية. وربما يزداد الإنتاج في أستراليا بنسبة 25 في المائة مسجلاً رقماً قياسياً مع تحسن إمدادات المياه، حسب ما أشار إليه أدام كاي، الرئيس التنفيذي لشركة (كوتون أستراليا)، شركة إنتاج القطن الكائنة في نيو ساوث ويلز، وربما ترتفع نسبة الصادرات من الهند، ثاني أكبر مورد بنسبة 14 في المائة، حسب ما أخبرت به شركة (بي إيه باتيل)، شركة الغزل والنسيج الرئيسية في الدولة. { وخفضت وزارة الزراعة الأميركية توقعها للطلب العالمي خمس مرات خلال ستة الأشهر الماضية، بناء على توقعات بأن يشهد النمو العالمي تباطؤاً. وهو أكبر هبوط يشهده خلال نصف قرن على الأقل، في ظل أسوأ هبوط عالمي في الأسعار منذ الكساد العظيم. ويتوقع أن تشهد الصين، أكبر مستهلك للقطن، نمواً نسبته 9 في المائة، في حين يتوقع أن تشهد الهند، ثاني أكبر مستهلك للقطن، نمواً نسبته 7.5 في المائة، بحسب تقديرات المنظمة الكائنة في واشنطن.