رغم هذه الكتابات الكثيرة عن سيدة الغناء العربي أم كلثوم إبراهيم السيد التي توفيت في عام 1975م وعاصرنا بعض مراحل عمرها الغنائي وعشقنا فنها الرفيع غير القابل للتكرار ورغم أنها عندما كانت تحيي حفلها الشهري يوم الخميس الأول من كل شهر بدار سينما قصر النيل القريبة جداً من ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية القاهرة وكنا في ذلك الوقت من أول سبعينات القرن الماضي نتلقى الطب في كليته الأشهر والأعرق بالقصر العيني بجامعة القاهرة وكنا بصفة عامة نقيم في الأحياء القريبة من الكلية التي هي في نفس الوقت قريبة من دار سينما قصر النيل حيث حفلة أم كلثوم الشهرية رغم ذلك كله فإنني لم أحضر أياً من هذه الحفلات ولم يكن هناك سبب مقنع لعدم حضور ولو حفلة واحدة. وعندما زارت السيدة أم كلثوم السودان عام 1968م استجابة لدعوة رسمية وجهها الأستاذ المحامي وزير الإعلام المرحوم عبدالماجد أبوحسبو لتغني للشعب العظيم الفنان بالمسرح القومي بالعاصمة الوطنية أم درمان فإنني لم أحضر أياً من حفلتيها رغم اتفاقي مع بعض الأصحاب وكان منهم الزميلان بمدرسة كوستي الثانوية الدكتور معاوية الصادق حميدة والراحل الفاضل الهادي المهدي وأيضاً لم يكن هناك سبب قوي مقنع لعدم السفر من كوستي لحضور حفلة أم كلثوم في أم درمان . لكنه القدر أو المكتوب أو القسمة التي كانت في كثير من تجارب ومواقف وعلاقات العمر المنصرم مايلة ومهببة، كما يقول المصريون أهل السيدة أم كلثوم . وما أكثر أغنيات أم كلثوم الجميلة الخالدة التي لا يمل المرء سماعها في كل الأوقات على مدى العمر ومنها أغنيات باللغة الفصحى وكانت أم كلثوم مقتدرة في هذا الجانب فعلى كثرة ما غنت فإنها لم تضبط قط متلبسة بارتكاب خطأ في نحو وصرف اللغة الجميلة التي طالما أخطأ فيها أهل الكلام في الصفوة العربية من كتاب وصحفيين ومحامين وقضاة وهلمجرا. ومنها أغنيات عامية نظمها شعراء موهوبون وكان بعضهم شعراء محترفين وكان بعضهم يتخذون الشعر هواية مع احتفاظهم بمهنهم الأصلية ومنهم الفكهاني بائع البرتقال والعنب والخوخ والتين الشوكي الأستاذ المرحوم مرسى جميل عزيز شاعر فات المعاد وكانت إحدى الأغنيات التي شدت بها أم كلثوم في أم درمان عام 1968م ومن أبياتها: وقسوة التنهيد والوحدة والتسهيد لسه ما همش بعيد وعايزنا نرجع زي زمان قول للزمان إرجع يا زمان وهات لي قلب لا داب ولا حب ولا انجرح ولا شاف حرمان { ورد خطأ غير مقصود في عمود أمس والصحيح هو أن اللواء عبدالغفار نميري ووالد الرئيس نميري أبناء عم.