لم تخف رئيس حركة القوى الجديدة (حق)؛ هالة عبد الحليم، حرصها على جمع صفّ القوى السياسية في مواجهة الحزب الحاكم وهي تدفع ببيان أمس الأوّل (الأربعاء) تؤكّد فيه أنّ قوة المعارضة في وحدتها، وقولها إنّ المستفيد الأوحد من أزماتها هو النظام القائم، قبل أن تبذل حار ثنائها على الطريقة التي تعاطى بها الإمام الصادق المهدي والدكتور حسن الترابي مع مبادرة الصلح التي قادتها (الاثنين) الماضي بدار الحركة بالعمارات، والتي تمخضت عنها تعهّدات زعيمي (الأمة) و(الشعبي) بطي صفحة الخلاف ووقف المخاشنات بُعيد التجريدات الإعلامية الضخمة، والحرب الكلامية الشعواء التي تبادل خلالها الغريمان التراشقات على المنابر ومانشيتات الصحف. { تصريحات مسؤولة حركة القوة الديمقراطية الجديدة (حق) في ما يتعلق بضرورة وجود حزب الأمّة داخل منظومة العمل المعارض لاقتلاع النظام، تتشكّل بالضرورة في موازاتها رؤية الحزب الحاكم وقراءته للمعادلة السياسية عقب مشاركة الحزب الاتحادى الديمقراطي (الأصل) بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني، أحد قطبي المعادلة في حكومته، وإيثار القطب الثاني - الأمّة القومي - الجلوس في منطقة (الليمبو)، (كما هو الوصف عند «دانتي»)، على (أعراف) المسافة بينهم والمعارضة..!! { الوطني - على لسان نائب رئيسه لشؤون الحزب؛ د. نافع علي نافع د نافع - قلّل من تأثير المبادرة وخلاصاتها، واصفاً عودة العلاقة بين (المهدي) و(الترابي) بالعودة الظاهرية، جازماً بأنّها لن تستمر، لأنّ (كل واحد دافن ومترصّد التاني.. وهم يعلمون ذلك تماماً)، قبل أن يضيف بالقول إنّ (الأمّة) عارف رأي (الشعبي) فيه، و(الشعبي) عارف رأي (الأمّة) فيهو..!! { نافع بدا واثقاً - (الثلاثاء) الماضي - من ضعف قوى المعارضة و(الأمة) خارج قوسها، وقال في نبرة امتزجت بالحماس - على غير عادته في التعاطي مع أسئلة الصحفيين - وهو ينبري لتوضيح رؤية حزبه حول مبادرة رئيسة (حق): (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى)، مضيفاً أنّهم لا يخشون التحالف الذي اتهمه ببيع قضاياه وثوابته تزلّفاً وطاعةً للحركة الشعبية، معتبراً أنه – التحالف - بعد أن شعر بابتعاد الحركة الشعبية بدأ يتزلّف لحزب الأمّة القومي، خاصّة بعد خروج الاتحادي الديمقراطي (الأصل) عنه، متوقّعاً ألا تستمر علاقة أحزاب التحالف المعارض مع (الأمة)، جازماً بكونه لن يستطيع مواكبة (خط) حزب الأمّة الرافض للعلاقة مع عرمان وباقان والحركات المسلحة. { واعتبر دكتور نافع خلال حديثه إنّ أحزاب المعارضة تعلم أنّها لا تساوي شيئاً دون (الأمّة) بدليل أنّها تسبّه ثم تلاحقه أن يكون معهم. فيما يشير المتابعون أنّ هذا الشعور بالضعف والوهن الذي ينتاب المعارضة في غياب (الأمّة) هي مسألة أضحت غير خافية على خلفية التباين الواضح في علاقة المهدي معها مؤخراً، والانتقادات التي أضحت سمة ملازمة لخطاباته متى ما دعته الضرورة للحديث عنها، دون أن يكون للمعارضة موقف واضح إزاءه، وربّما أسفر عن نفسه كذلك من خلال قسمات وملامح عدم الرضى التي كست وجه زعيم الأنصار داخل (حق)، قبل يوجز خطابه المنتظر ذلك اليوم في عبارة (أثني على كل ما قالته «هالة»)..!! وهو حديث أدرجه البعض ضمن خانة (مجبرٌ أخاك)، خصوصاً وأنّ الحضور كان قد هيأ نفسه لسماع خطبة عصماء من (المهدي) في هكذا مناسبة..!! { يعضّد من القراءة كذلك أنّ الإمام رِفقة القيادي بالحزب الناصري المحامي ساطع الحاج كانا أوّل المغادرين لقاعة الاجتماع من القيادات السياسية عقب انفضاضه، في وقت فضّل د. الترابي البقاء واقفاً لفترة ليست بالقصيرة لتوضيح الخطوط العريضة للثورة على النظام وتجهيز البديل. { خطوة لمّ الشمل التي ابتدرتها (هالة)، وهرعت قيادات المعارضة لتكون جزءاً منها (الشيوعي، المؤتمر السوداني، العدالة، الاتحادي الموحّد، والاتحادي الهيئة العامّة، البعث العربي الاشتراكي، الحزب الناصري، بجانب حزبي الأمّة القومي والمؤتمر الشعبي)، هذه الخطوة تعامت بشكل واضح عن الانتقادات اللاذعة والهجوم المتكرر الذى بات يشنّه عليها (المهدي)، وبحسب مصادر (الأهرام اليوم) فإنّ هيئة قيادة تحالف المعارضة بقيادة فاروق أبو عيسى كانت قد تراجعت عن مذكرة شديدة اللهجة انتوت تسليمها (الأمة) في اجتماع مشترك كان منتظراً أن يلتئم في السابع والعشرين من ديسمبر الماضي، لتفنيد انتقادات الصادق المهدي ووصفه لمسار عملهم وثبات هياكل كيانهم بالهلامية..!! { كما رشح في السياق أن التحالف المعارض قرّر مقاطعة أنشطة الحزب في أعقاب الاتهامات التي كالها رئيسه أخيراً لمكونات التحالف، وأكدت مصادر (الأهرام اليوم) أنّ التحالف عقد اجتماعاً يوم الأربعاء الماضي استبق به احتفال حزب الأمة القومي بالعيد ال (56) للاستقلال بدار حركة حق في غياب ممثل حزب الأمة القومي، وبحث خلاله موقف المهدي من التحالف، حيث تمّ تشكيل لجنة – بحسب ما أفادت المصادر - من كمال عمر ومحمد ضياء ويحيى الحسين بغرض صياغة مذكرة توضيحية لحزب الأمة، وتم تسليم المذكرة لمريم الصادق المهدي، لم يرد عليها الأمة لكنه على لسان مريم طبقاً لمصادر أكّد أنّ موقفهم واضح من التحالف، وأنهم يطالبون بإعادة هيكلته. { مواقف المعارضة ورؤية الحزب الحاكم على نحو ما يجري حول حزب الأمة القومي وتأثيره على المعادلة السياسية، يكشف بوضوح قناعة الطرفين بالدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه (الأمة) في المرحلة المقبلة حال توافقه مع المعارضة في الإطاحة بالنظام القائم بشتى السبل أو ركونه لخط المرونة في التعاطي مع (الوطني) لتحقيق برنامجه الذى حمل ديباجة (الأجندة الوطنية) وعبر نهج (حلاً بالإيد أخير من حلّ بالسنون)..!! { الأسئلة التي تتناسل في أعقاب مبادرة (حق) وتسفر عن نفسها بلا مواربة: حتى متى يمكن أن تستمر العلاقة بين الزعيمين على نحو ما أرادت لها هالة عبد الحليم؟ وأي الطرفين باستطاعته استقطاب حزب الأمة إلى جانبه في سياق المعركة المعلنة بين التحالف المعارض والمؤتمر الوطني؟!.. قوى التحالف المعارض تحفّظت في الإجابة على تساؤلات (الأهرام اليوم)، ورأت أنّ موقف حزب الأمة في المرحلة من مبادرة رئيسة حركة (حق) من جهة وتماهيه مع أحد طرفي الصراع من جهة أخرى رهين بمدى التزامه بمخرجات المبادرة ومقرّرات قوى الإجماع الوطني في ما يتعلق بمسألة الحوار مع الحزب الحاكم والدعوة لإحداث التغيير الجذري الذي أشارت إلى أن (الأمّة) ظل يردده على الدوام، واعتبر عضو التحالف المعارض، الناطق باسم حزب البعث العربي، محمد ضياء الدين في إفادته ل(الأهرام اليوم) أنّ الأيام القادمة ستحمل في جوفها إجابات تلك التساؤلات وستكشف إلى أيّ مدى يمكن لقوى الاجماع أن تمضى موحّدة في مواجهة المرحلة المقبلة، لافتاً إلى حرصهم على وحدة قوى الاجماع الوطني، مشيراً إلى أنّ حزب الأمّة القومي من مؤسسي التحالف وأنّهم حريصون أن يسيروا جنباً إلى جنب في المرحلة المقبلة. { ما انتحاه عضو تحالف المعارضة في التكهّن بمستقبل العلاقة بينهم والصادق المهدي في المرحلة المقبلة يبدو متعارضاً على نحو واضح لما حملته تصريحات د. نافع علي نافع، ففيما قطع الأخير باستحالة استمرار المعارضة وحزب الأمة في المرحلة المقبلة، ترك الأول للأيام مسؤولية استقراء وضعية حزب الأمة في صراع المرحلة المقبلة بين أحزاب المعارضة والمؤتمر الوطني، رغم إقرار الطرفين بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الحزب العتيق تحت قيادة الصادق المهدي.