صدرت للصحافي الباحث إبراهيم أبو شنب الطبعة الأولى من كتاب ظلال من تاريخ الغناء السوداني وذلك في أغسطس من عام عشرة وألفين والكتاب يحتوي على مئتين وأربعين صفحة والكاتب يتناول الغناء القديم وغناء الهمباتة والبرامكة وأغاني السيرة والغناء للفرسان والصالحين ثم مرحلة الغناء الراقي (الحقيبة) وفترة ما بعد الحقيبة كما تناول الموسيقى السودانية القديمة والأغنية الوطنية وفي جانب آخر تناول النقد والمعارك الفنية ولم ينس الكاتب أن يتطرق الى الأغنية الشعبية والأغاني الرمزية بين الخليل والكابلي ومصطفى سيد أحمد. الصحافي والباحث إبراهيم أبو شنب في هذه الإصدارة على حد قوله، ليست هي بحثاً نقدياً يدرس الحقائق ويحللها كما أنها ليست دراسة اجتماعية ترصد تحولات المجتمع وتغيراته ولكنها إصدارة تاريخية تعنى بذكر الحقائق مجردة ولذكر الحقائق مجردة كما أراد الصحافي الباحث إبراهيم أبو شنب سأتناول في البدء الغناء القديم في السودان الذي كان كما ذكر مزيجاً واضحاً بين أساليب الإيقاع الافريقي بإيقاعه الصاخب والفن العربي الترنيمي إذا جاز التعبير ومن الأغاني التي اشتهرت في الغناء القديم (الغالي تمر السوق) وهي من أغاني غرب السودان فالتمر هنالك غالي الثمن وهي على لسان شابة أحبت شاباً رحل عن منطقتها الى منطقة أخرى فأزمعت الرحيل واللحاق به وراحت تغني: الغالي تمر السوق كان قسمو ما بحق زارعنو في البورة واطاتا في البورة واطاتا ممطورة زولاً سمح صورة بالفاتحة بندورا زولا سرب سربة خلى الجبال غربه أدوني لي شربة خلوني النقص دربه وانتشرت هذه الأغنية في كل بقاع السودان وأصبحت كما يقول المؤلف والباحث الصحافي إبراهيم أبو شنب تضاف إليها أبيات جديدة حتى أنها كافحت الاستعمار حيث كان يرددها الناس.. الغالي تمر السوق كان قسمو ما بحوق زولاً سنونو بروق في محكمة زروق وهي إشارة واضحة للمحامي البارع والمناضل الوطني إبراهيم زروق الذي عرف ببلاغته وجودة دفاعاته عن الوطنيين الذين تقدمهم السلطات الاستعمارية للمحاكم. وتناول الكاتب الأغاني الفلكلورية ومنها التي انتشرت على نطاق كبير مثل (الوافر ضراعو) و(حجر الزلط) وقد غناها عدد من الفنانين بصور مختلفة منهم عثمان حميدة ومهلة العبادية وعثمان عوض الله ومن أشهر أبياتها: بوصيكم علي الولد اليتيم ربوه بوصيكم علي الجار إن وقع شيلوه بوصيكم علي ضيف الهجوع عشوه بوصيكم علي السيف السنين اسعوه بوصيكم علي الفايت الحدود واسوه ولكن كما يقول الصحافي الباحث إبراهيم أبو شنب إن الشيء الذي لا جدال فيه أن الظروف التاريخية والاجتماعية التي ولدت فيها الأغنية القديمة لم تتغير تماماً حتى الآن رغم التقدم العلمي وإنما انعكست على الناس في مجموعاتهم السكنية والسكانية فالشخص الذي لا يعرف الخشونة ليس له مكان في تلك المجموعات وقد صاغ المؤلف نماذج لتلك الأغاني التي ظهرت في ذلك الزمان وسادت وانتشرت ومنها أُم تغني لابنها (حسين) الذي أصبح سميناً ناعماً ليس له اهتمام بالنساء أو احتفال بالضرب والحرب والقتال.. يا حسين أنا أمك وإنت ماك ولدي بطنك كرشت غي البنات ناسي دقنك حمست جلدك خرش مافي ومن الأغاني أيضاً التي اشتهرت في ذلك الزمان.. غنيلو يا أم رشوم... دابي الروم شرابو سموم الما بقودو زمام.... جاموس الخلا للرجال كزام وذكر الصحافي الباحث إبراهيم أبو شنب في الغناء القديم أن النساء في السودان تغنين قبل الرجال لأسباب اجتماعية عزاها الكاتب، ففي غنائهن تعشقن الشاب القوي الجميل مربوع القامة كريم الخصال كثير المال الشجاع الذي لايهاب الأعداء والخصوم. تغنيلو بت عمو دا الدابي الزرق سمو ومال الدنيا ما بهمو شوف الجنا وشوف خصالو وفي الديوان لافي شالو