نيالا - عبدالرحمن العاجب - عبدالمنعم مادبو رويداً رويداً بدأت وتيرة الأحداث في حاضرة جنوب دارفور في التهدئة بعد موجة احتجاجات عاصفة انتظمت نيالا خلال اليومين الماضيين. التظاهرات التي تجدّدت لليوم الثالث على التوالي كانت أقلّ بكثير عن سابقاتها، حيث شهدت أحياء نيالاجنوب تجمّعات تم احتواؤها في منطقة السوق الشعبي، بجانب مظاهرات أخرى اندلعت في حي (الجير) غرب المدينة وسوق موقف (الجنينة). في السياق أفادت مصادر طبية تحدثت ل (الاهرام اليوم)عن مقتل شخصين وجرج العشرات في مظاهرات اليوم الثالث، بعد تجددها في الساعات الاولى من نهار أمس (الخميس)، ووصفت مصادر (الأهرام اليوم) تلك التظاهرات بالمحدودة، وتم تفريقها بواسطة قوات الشرطة بجانب مشاركة بعض المكاتب الخاصّة وشباب الحركة الاسلامية الذين كانوا يرتدون الزي الملكي ويحملون العصي ويستقلون بكاسي ملاكي شاركوا في فضّ المظاهرات. { وبحسب مشاهدات (الاهرام اليوم) فقد خرج المتظاهرون من أحياء نيالاجنوب وغرب بشكل تلقائي مرددين ذات الهتافات التي شكّلت مشهد الأيام الماضية؛ (عائد عائد ياكاشا) و(الشعب يريد اسقاط النظام)، وبعد أن احتشد المتظاهرون في أحيائهم بالمدينة قاموا بإحراق إطارات السيارات في الشوارع الرئيسية بأطراف المدينة، كما قاموا بإحراق (صومعة) تتبع للشرطة في السوق الشعبي وعدد من الدكاكين بالسوق. { من جهتها حاولت الشرطة تفريق المتظاهرين وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع فضلاً عن إطلاق كثيف للاعيرة النارية في الهواء من أسلحة الكلاشنكوف والدوشكا، إلا أنّ (البمبان) وأصوات السلاح لم تفلح في تفريق المتظاهرين بل زادت من حماسهم وإرتفاع أصوات الشعارات التي كانوا يرددونها، وتدخّلت الاجهزة الخاصة وساعدت في فض المظاهرات. { التعزيزات التي دفعت بها السلطات نهار أمس (الخميس) أسهمت في تهدئة الأوضاع بالمدينة الأمر الذي مكّن والي الولاية حماد إسماعيل من التطواف على بعض أجزاء سوق نيالا الكبير، في أعقاب اجتماع مغلق بأمانة حكومة الولاية مع وفد عالي المستوى حطّ بحاضرة الولاية الضاجّة بالانفعالات. { الوفد المشار إليه كان قد حطّ رحاله صباح أمس بعاصمة الولاية، ومهمته تتلخّص - كما أشارت سياقات الدفع به - في دفع المساعي الجارية لاحتواء تداعيات الأحداث في المدينة، وقد ضمّ في عضويته: مستشار رئيس الجمهورية البروفيسور إبراهيم احمد عمر، رئيس مجلس الولايات الفريق آدم حامد موسى، رئيس دائرة دارفور بالمؤتمر الوطني دكتور أزهري التجاني، وزير العمل دكتور فرح مصطفى، القيادي بالمؤتمر الوطني الشريف أحمد عمر بدر، اللواء طيار عبدالله صافي النور وعدد من قيادات المؤتمر الوطني. { والي جنوب دارفور في فاتحة الاجتماع قال إنّ الزيارة جاءت بمبادرة من الوفد لمؤازرتهم في الأزمة التي وصفها بالعابرة، التي ستمر دون خسائر تذكر - على حدّ قوله. { أمين حكومة الولاية طلب من الصحفيين بعدها مغادرة الاجتماع الذي استمر لأكثر من ساعتين، كما غادره بعض أعضاء حكومة الولاية - من بينهم أعضاء في حزب المؤتمر الوطني - لحساسية المداولات بحسب مصادر تحدثت ل (لاهرام اليوم). { عقب الاجتماع قام الوالي بجولة في أطراف سوق نيالا لتفقّد الأحوال والوقوف على الاوضاع ميدانياً. الوالي خاطب المواطنين الذين تجمهروا حوله بسوق نيالا قائلاً: (إذا حدثت أيّ مضايقات غير مبررة من الأجهزة الحكومية فلن تتكرّر مرة أخرى)، وأضاف: لن نسمح لأجهزتنا الأمنية أن تؤذي انسانا أو تعمل له مشكلة، متعهداً خلال حديثه بتوفير الامن والاستقرار. { في السياق أكّدت عدد من القيادات بالحركة الاسلامية بالولاية ان الاحداث التي مرت بها مدينة نيالا تم التعامل معها بواسطة استنفار مجموعات من شباب الحركة واشاروا الى ان اجتماعا وصفوه بالحاسم تم بامانة حزب المؤتمر الوطني مساء أمس الاول تعاهد فيه الشباب بحماية حكم الانقاذ بالمدينة لافتين الى ان الاجتماع خرج بضرورة ان ينبري الشباب لمواجهة المتظاهرين والتعامل معهم بحسم، وتم توزيع كميات من (العصي والبولسين) بجانب توفير سيارات لتجول الشباب بشوارع المدينة، وقال عدد من الشباب الذين تحدثوا ل (لاهرام اليوم) انهم انتشروا في الشوارع وبدأوا يتعاملون مع المتظاهرين بالضرب حتى تم تفريقهم تماماً، الامر الذي احدث الاستقرار النسبي بالمدينة. { الزيارة التي قام بها الوفد الذي قدم من الخرطوم مثّلت قلق المركز وانفعاله البالغ بالأحداث واعترافه بحجم المشكلة بولاية جنوب دارفور، حيث انخرط في اجتماعات مغلقة استمرت طوال نهار امس، واللافت للنظر ان جميع الاجتماعات كانت محاطة بسياج من السرية ولم تعقبها تصريحات من المسؤولين، إلا أن الوالي قال للصحفيين إن زيارة الوفد جاءت في اطار الاحداث وتداعياتها وقد إجتمعوا مع مجلس وزراء حكومة جنوب دارفور، وأكد الوالي سعادته بزيارة الوفد واعتبرها ستسهم في ان تمر الاحداث بخير، مشيرا الي ان الوفد جاء ليقف على الحقائق ووضع الحلول لها والانطلاق من منصة واحدة في الاجراءات المستقبلية. { على صعيد آخر شهدت دار المؤتمر الوطني بمدينة نيالا حشودا جماهيرية من منتسبي الحزب شبابا ونساء، إلا أن جميع الشباب الذين كانوا يتواجدون بدار الحزب كانوا يحملون العصي والبعض الآخر منهم يحمل اسلحة الكلاشنكوف وخراطيش المياه ويبدو من خلال أشكالهم أنهم كانوا يقومون بتفريق المتظاهرين. { في اللقاء الجماهيري الذي تم بدار المؤتمر الوطني أشار القيادي بالمؤتمر الوطني الشريف أحمد عمر بدر إلى أن وفدهم جاء لأهمية ولاية جنوب دارفور في خارطة السودان وزاد قائلا: أتينا لنطمئن علي الأحوال، مبينا أنهم جاءوا مبعوثين من قبل رئيس الجمهورية لتلمس ومعرفة الحقائق موضحا أنهم التقوا لجنة الامن وحكومة الولاية والمكتب القيادي للمؤتمر الوطني كي يتشاوروا في الترتيبات المطلوبة. { أثناء مضي الشريف بدر بالحديث قال إن قيادات المؤتمر الوطني.. وقبل أن يكمل جملته قاطعه أحد الشباب قائلاً: (نحنا ما مؤتمر وطني.. نحنا حركة اسلامية)..!! { الشريف خلال حديثه قال إن حزبهم يرفض التشنج والتعصب لاعتبار أن حكم الانقاذ يختلف عن حكم الحقب السابقة في السودان، مبينا أن دعوتهم لجميع أهل السودان وأنهم كحزب مؤتمر وطني جاءوا كي يجمعوا الناس حولهم، وأضاف ان اجتماعاتهم تناولوا فيها ترتيب الاوضاع في الولاية مع الاجهزة المختصة، موضحا أن الاوضاع هدأت بشكل نسبي وأن مسيرتهم سوف تسري الى الامام مثل القطار ولا تتوقف أبدا، ومضى قائلا (ان أهل جنوب دارفور ولوفين وايضا شعبها ولوف لذلك كانوا يريدون كاشا وجميع الولاة الذين سبقوه) وأضاف ان المرحلة المقبلة تحتاج لهدوء وصفحات جديدة في العمل، قبل أن يشير إلى أن المؤتمر الوطني في جنوب دارفور لديه كامل صلاحياته مطالبا أن يعتبر الجميع الاحداث التي شهدتها الولاية إحدى العثرات التي واجهت المسيرة مطالباً إياهم بأن يباشروا مهامهم. { أما أمين دائرة دارفور الكبرى بالمؤتمر الوطني الدكتور أزهري التجاني فقد قال في خطابه للحشود الجماهيرية التي كانت متواجدة بدار الحزب ان حزبهم يمثل تيارا اسلاميا، الكبير عندهم هو الله فقط لاسواه، مبينا ان الاصل ليس هو واقع الحياة المادية بل الاصل عندهم هو الرسالة، مؤكدا ان مسيرة الانقاذ لا زالت مستمرة مشيرا الي ان مخرج المؤتمر الوطني هو التمسك برسالته لاعتبار ان قياداته تنطلق من فكر ديني رسالي، مشيرا الي ان القيادة تحتاج لتفان وتجرد وترتيب الصفوف. { أزهري نصح أعضاء المؤتمر الوطني بأن عليهم أن يفهموا ان المواقع دول ومتحركة مشددا علي ضرورة تبادل المواقع التنفيذية في الدولة وأن لا يتم شخص أكثر من دورة واحدة في المنصب، مطالبا أعضاء المؤتمر الوطني بالتقديم للحزب أكثر من ما يقدم لهم الحزب وزاد ان التداول سنة يجب أن نستنها، مطالبا بالتنظيم لاعتبار ان الاحداث جاءت نتيجة لعدم التنظيم وسوء الادارة، وطالب امانات الحزب المختلفة بنيالا بالطواف علي المساجد وتبشير المواطنين بالخير والاستقرار، وكشف أزهري عن أن حزبهم يسعى لاعادة ترتيب امانات المؤتمر الوطني بجنوب دارفور وزاد: ولهذا السبب دفعنا بحماد للولاية، واشار الي ان كاشا ادى دورا مقدرا في الولاية وحماد جاء ليكمله مشيرا الي أنه من مكونات الولاية الاجتماعية. { في ذات الاتجاه طالب والي جنوب دارفور حماد اسماعيل أن تكون الحكومة حكومة الحزب وليس الاشخاص وليس حزب الحكومة، مؤكدا حوجة الولاية للتنمية الامر الذي اعتبره يحتاج لتكاتف، مشيرا الي وجود مهددات نحتاج الي تحويلها الي فرص نجاح، مبينا ان الشباب قاموا بدحر المظاهرات واعتبره عملا ايجابيا، مؤكدا ان الحزب سيكون مؤسسيا في الولاية يعمل بالاجهزة. { البعض من قيادات الحزب اعتبرت ان هذه الاحداث شكلت نقطة تحول في العمل التنظيمي للحزب بالولاية لافتين الي أنها أظهرت حقيقة وصدق المنتمين للحزب عن قناعات واولئك الذين انضموا من أجل المصالح الذاتية، واشاروا الي ضرورة أن تحدث في المرحلة المقبلة عمليات جراحية بالغة لتطهير الحزب من ما أسموهم ب(الشوائب) التي تسببت في هذه الازمة علي حد قولهم. { مراقبون أشاروا إلى أنّ أحاديث الأمس نضح من ثناياها ما يشير إلى أن هنالك صراعات فعلية كانت موجودة في داخل الحزب المؤتمر الوطني بجنوب دارفور بجانب وجود خلافات بين الحزب في الولاية والمركز، وهو ما ستنبئ عن صدقه من عدمه قادم الأيام..!!