في الوقت الذي يتكفل فيه نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم يوسف بدعم الموسم المسرحي للعام 2012م كاملاً إنتاجاً وعرضاً وتجوالاً في أرجاء السودان بمباركة السيد رئيس الجمهورية ليحيي المسرح بعد أن أصبح هيكلاً عظمياً ونساه وتناساه أهل السودان لا لعيب في فنانيه أو مخرجيه أو كُتَّاب السيناريو، فإن أحداثاً مؤسفة تشهدها ولاية جنوب دارفور وفي حاضرتها مدينة نيالا (البحير) إحدى القلاع الاقتصادية القوية في بلادنا بسبب تغيير الحكومة لواليها السابق عبدالحميد موسى كاشا وتولى حماد إسماعيل مهامه والياً لجنوب دارفور خلفاً لكاشا. هذه الأحداث جعلت المواطن السوداني في كل مكان يدخل غرفة «التكهنات» ليصدق كل ما يرد إليه بالهاتف من موقع الحدث لأن الإعلام الرسمي مازال يعتبر ما يجري ما هو إلا (كلام ساكت). غير أن صحف أمس الخميس كشفت عن مصرع ثلاثة طلاب وأصابة عشرين آخرين في تجدد المظاهرات الرافضة للوالي الجديد، وأن سيارة المعتمد ومبنى محلية نيالا شمال ودار المؤتمر الوطني قد أُحرقت ونالت أمانة الحكومة نصيبها من الحصب بالحجارة بأيدي المحتجين. فهذه الأحداث إن كان لإحدى القنوات الخارجية مراسل داخل مدينة نيالا نخشى أن تكون نواة حقيقية لاضطرابات قد تتوسع دائرتها وتُدخِل البلاد في دوامة لا يُحمد عقباها. ودارفور في الأساس تحاول الآن أن تسترد عافيتها عقب تسلُّم الدكتور التجاني السيسي ملفها رئيساً للسلطة الإقليمية بجميع ولاياتها. ولن نخوض في جوهر الأمر لأنه الآن بيد وفد المؤتمر الوطني الرفيع بقيادة البروفيسور إبراهيم أحمد عمر الذي توجَّه إلى مدينة نيالا للوقوف على فحواه. ولكننا كمواطنين وشركاء أصيلين في قيادة بلادنا بالرأي والمشورة نسأل القائمين على أمر الدولة، ألم يضعوا في الحسبان أن تغيير والٍ منتخب من شعبه الذي هرع إلى صناديق الاقتراع وأدلى بصوته ليأتي به والياً عليه من شأنه أن يؤجج نيران الفتنة والشقاق؟ ولماذا لم يُعيَّن الأستاذ حماد إسماعيل منذ البداية والياً لشرق دارفور ويظل كاشا في مكانه الذي ناله عن استحقاق ديمقراطي حقيقي، ألسنا من دعاة الديمقراطية والمؤسسية؟!. إن ما يحدث في نيالا نذير شؤم فما ذنب الأستاذ حماد إسماعيل والي جنوب دارفور الجديد أن يتم استقباله بالحجارة كالجنود الإسرائيليين في غزة وهو ابن دارفور ولا يدري له وطناً أصيلاً غيرها؟. كل ثقتنا الآن في شيخ حكماء الإنقاذ البروفيسور إبراهيم أحمد في أن يخرج بنيالا البحير إلى بر الأمان.