{ كنت بصدد الكتابة عن برنامج (رفع الستار) الذي تقدمه الصديقة (أم وضاح) على فضائية الخرطوم الناشئة بالكثير من الجرأة والموضوعية وهو يفتح العديد من الملفات الشائكة والحساسة التي تعنينا جميعاً بالدرجة الأولى وتقلق منام كل البيوت، وأقول كنت لأنني في خضم إدراجي له في قائمة كتاباتي ريثما تكتمل لدي الفكرة فوجئت بإيقافه بصورة غير لائقة وعلى الهواء مباشرةً في سابقة غير مطروقة في العمل الإعلامي للمحترفين!!.. ولكن يبدو أن القائمين على أمر الفضائية التي صفقنا لها وتهللت أساريرنا بانطلاقتها هم أبعد ما يكون عن الاحتراف وإدراك الأبعاد الرسالية للعمل الإعلامي الفضائي في الوقت الذي أصبح فيه العالم مجرد (ريموت كنترول) البقاء فيه للأفضل والأصدق والأجمل وهي الصفات الثلاث التي لا تمت لقناة الخرطوم الفضائية بصلة. { والمتابع لبرنامج (رفع الستار) في حلقاته القلائل سيكون على يقين من أن البرنامج قد حقق النجاحات المرجوة وربما أكثر برفعه للستار عن بعض المسكوت عنه وكشف الحقائق وطرح جميع وجهات النظر لا سيما في ما يلي المواطن المسكين الذي يحتاج لمن يسمع صوته للمسؤولين في العديد من المواضيع وهذا ما اجتهد البرنامج ومقدمته ومنتجوه في القيام به لولا أن البقاء لم يعد للأفضل ولكنه للأسوأ والأجبن والأضعف...!! ولكم أن تعلموا أن البرنامج كان قد تناول في حلقته الأخيرة - قبل إيقافه بتلك الصورة المخزية – العديد من قضايا التعليم والمعلمين على وجه الخصوص في ما يتعلق بالاستقطاعات المالية المفروضة عليهم ولكن الأمر على ما يبدو لم يعجب السيد (عباس محمد حبيب الله) رئيس نقابة عمال التعليم المنوط به المحافظة على حقوقهم والسعي لتوفيق أوضاعهم!!! الذي رفض مواصلة الحوار في حضرة الضيوف الآخرين بدعوى عدم اعترافه بهم ككيانات مضادة، علماً بأنه تم في ذات الحلقة فتح ملف المناهج التي نعاني منها الأمرين داخل كل الأسر وأجري عليه استطلاع مع (أصحاب الوجعة) من الطلاب الذين أجمعوا على ركاكة وتداخل وخواء المناهج. ولما وجد سيادته نفسه في تلك (الزنقة) آثر الفرار مرغياً مزبداً مندداً بالحلقة وضيوفها والقائمين عليها!! وقد كان هذا من ردود الأفعال المتوقعة لأولئك الذين يجلسون على الكراسي ويخشون عليها. ولكن غير المتوقع أن يسعى جهاز إعلامي كامل أنشئ خصيصاً من أجل المواطنين ويحمل اسم العاصمة القومية ذات المشروع الحضاري إلى ترضية كل من هب ودب من حاملي الألقاب والمناصب على حساب مبادئ العمل الإعلامي ومصلحة الجماهير وكرامة العاملين به!!! { فهل كان يعتقد القائمون على أمر القناة - التي تعاني من ضعفها الشديد في كل شيء وتتخبط في مسيرتها وتمضي ببركة الله وجهد الصابرين من المنتمين إليها وبأبسط الإمكانيات - أننا من السذاجة بمكان بحيث لا نلحظ ذلك الانقطاع المفاجىء لإرسال البرنامج؟ أم كانوا يحسبون أن صاحبة القلم المسنون (أم وضاح) ستنسى رسالتها الإعلامية ووظيفتها الأولى كصوت للحق والحقيقة وتمضي في ما مضوا فيه من تراخ وتخاذل ومداهنة؟.. لقد سألنا واستقصينا وتأخرنا في الكتابة حتى تبينا بما لا يدع مجالاً للشك أن المشكلة ليست مشكلة (رفع الستار) فحسب، ولكنها قضية رفع الرايات البيضاء والسياسات غير الواضحة داخل القناة التي كنت من أول الذين وقفوا إلى جانبها وساندوها عندما قدر لي يوماً أن أشاهد الجهد الذي يبذله فنيوها المناضلون الصابرون على تأخير مستحقاتهم في إخراج برنامج (10÷10) الذي يعد من إشراقاتها القلائل وعلى رأسهم المايسترو (زهير بانقا) الذي بت أخشى عليه من وجوده حتى الآن ضمن كشوفاتها هو وغيره من المبدعين، إذ أن جميع الشواهد تؤكد فشل التجربة واندفاعها نحو الهاوية. { وربما لا أكون من أهل النقد المتخصصين ولكنني كمشاهدة أؤكد أن قناة الخرطوم قد خسرت كثيراً بتوقف برنامج (رفع الستار) وخسرت أكثر بمواقفها السلبية ومشاكلها الإدارية بينما كسبت (أم وضاح) وساماً جديداً للشجاعة يضاف إلى ما لديها. { تلويح: لا خير فينا إن لم نرفع الستار.. ونشهر الأقلام.. ونحترم أنفسنا.