أقودكم اليوم لنتجول في سياحة روحية بعيداً عن الاقتصاد والارقام الجافة ولغة المال المحبوبة جداً لدينا.. فالما له عبق خاص إلا أننا اليوم نتركه جانباً لحين العودة إليه لاحقاً.. نعيش هذه الأيام مولد سيد البشيرة محمد صلوات الله عليه وسلم الذي اصطفاه الله واختاره وكرمه حين اقترن اسمه مع اسم الله سبحانه وتعالى.. مدحه في القرآن حينما قال «وإنك لعلى خلق عظيم».. ولد المصطفى يتيماً وفقيراً كان يمتهن الرعي لذلك نجد أن هذه المهنة من أحب المهن إلى نفوس الكثيرين، وأذيع لكم سراً بأنني في يوم ما وأنا بالشمالية كنت أقود كماً هائلاً من الأغنام ترعى في إحدى الساحات المليئة بالاعشاب والخضر بعد أن ترك الخريف والسيل الذي زار المنطقة الكثير من المياه والتي تحولت بعد ذلك إلى خضرة.. كنت سعيدة جداً وغنمي ترعى وسط المرعى كما تقول إحدى القصائد بالمرحلة الابتدائية.. فالتحية لأهلي الرعاة والمزارعين المنتشرين في كل بقاع العالم الاسلامي.. التحية كذلك للفقراء الذين ولدوا فقراء وماتوا وهم فقراء نسأل الله أن يزيل الفقر والعوز والحاجة منا اجمعين وأن يديم نعمة الصحة والعافية على الجميع حتى نحقق التقدم المنشود وأن نرتقي بالاقتصاد إلى أكبر القمم في عالم فيه الكثير من التقنيات.. عالم يحترمك فقط وأنت ذو مال واقتصاد متقدم.. رسولنا الكريم وجد ما وجد في سبيل نشر الدين الاسلامي حتى اخرجوه من مكة والتي كانت من أحب بلاد الله إلى نفسه حينما قال وهو مهاجر إلى المدينة بصحبة أبو بكر الصديق.. قال يودع مكة «الله يعلم انك أحب بلاد الله إلى نفسي ولولا أهلك اخرجوني لما خرجت».. خرج وعاد إليها في فتح مكة «إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً» صدق الله العظيم.. بعد ذلك توالت الانتصارات والافتتاحات وانتشر الدين الاسلامي وعمت الرسالة المحمدية كل البقاع الاسلامية (إنا أرسلناك للناس بشيراً ونذيراً).. كان يبشر بالدين الاسلامي وبتقبل الاذى الجسيم في سبيل الدعوة وقد استقبله أطفال الطائف بالحجارة حتى جلس وقال (اللهم اشكو إليك ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس) حينما جاءه ملك الجبال ليخسف بهم الأرض ولكن رسولنا الكريم رفض وقال له «عسى أن يأتي منهم أمة يؤمنون بالله» بعد ذلك جاءته البشريات عقب هذا اليوم اسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى ثم عرج إلى السماء.. يا له من تعظيم كبير في حق سيد البشرية الذي ظلمه أهل الطائف.. اسري به ثم عرج إلى السماء وفرضت الصلاة «والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى»، «وكان قاب قوسين أو أدنى»... فمن هنا لابد أن نحتفل بهذا الشهر المبارك شهر (المولد) كما يقول أهلنا (المولد النبوي الشريف) ولماذا لا نحتفل به وأبو لهب يخفف عنه العذاب يوم الاثنين من كل اسبوع وذلك عندما جاءه أحد أبناء قريش ليخبره بأن أخاه قد رزق ولداً ذكراً.. اعطاه الحلوى بعد أن فرح بالمولود وهو محمد سيد قريش صلى الله عليه وسلم.. لابد أن نحتفل به وهو الذي سيشفع لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. أن نحتفل به وهو الذي ارسى مقومات الدعوة والعمل الاسلامي.. علمنا الصبر على الاذى والتسامح والمغفرة واللين (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)... تعلمنا منه كيف نعامل اليتامى وكان يحكي تجربة اليتم لأنه عاش يتيماً.. تعلمنا منه أن الصلاة تريح النفس (أرحنا بها يا بلال). وقبل ذلك كله لابد أن نقف مع المعاني الجميلة التي تدل على عظمة المصطفى وقد كرمه الله وهو في سرير الموت حينما قال له ملك الموت إن الله يخيرك ما بين الموت والحياة فإن اردت الحياة ابقاك ولكن رسولنا قال له «اقبض» والله تعالى يقول إنك ميت وانهم ميتون.. يا لها من عظمة حتى في لحظات الموت. وختاماً نذكركم بالصلاة على النبي والله تعالى يقول: «إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما».. صدق الله العظيم