{ خسارة جنوب السودان نتيجة مواقفه الغريبة في مفاوضاته مع حكومة السودان التي تشرف عليها الألية الأفريقية رفيعة المستوى والتي انتهت بإصرارها على وقف ضخ النفط لتستخلص الدول الأفريقية قناعات تجعل تلك الدول تدير عقلها ومن ثم ظهرها عن مواقف الدولة الوليدة وتتسع دائرة القناعات لتشمل جمهورية الصين الشعبية وقد رسخ لديها تماماً أن جنوب السودان ليس طرفا آمناً لاستثماراتها النفطية وقد كانت شركاتها طيلة السبعة أشهر الماضية ترى من الجنوبيين ما لم تره من قبل حتى جاءت قاصمة الظهر تحملها تلك المواقف الغريبة التي انتهت كما أسلفنا بوقف ضخ النفط دون أدنى اعتبار لمصالح الشركات الصينية. { الآن تتجه الشركات الصينية بكلياتها لتوسيع استثماراتها في الشمال؛ تشجعهم التجربة السابقة التي جمعتهم بالشمال وقد كانت ناجحة حققت فيها الشركات الصينية فوائد مهولة ويحس بهذا الاتجاه من الشركات الصينية نحو الشمال كل العاملين في حقل النفط وهم يشعرون بتسريع للخطوات في الأنشطة النفطية من قبل الشركات الصينية بعد أن تراخت بعض الشيء واتجهت بصورة واضحة نحو الجنوب ولكن كانت السبعة أشهر كافية لتتعرف على حقيقة هؤلاء البشر وطرائق التفكير الغريبة التي يديرون بها شؤونهم ومن المؤكد أنها لن تنتج إلا مواقف غريبة وسياسات أغرب. { بيئة الحقول في جنوب السودان تراجعت بشكل كبير بسبب ممارسات الجنوبيين وضعف أدائهم وقلة خبرتهم مما أسهم في توقف الإنتاج في عدد من حقول الوحدة وقد استعصى على الجنوبيين إدارة هذه الحقول في الأنشطة التي تتطلب عمالة محلية وبعض الخبرات الوطنية مما تسبب في تدفق النفط بكميات كبيرة مما أدى لأضرار بالغة للبيئة وأعطال لا حصر لها ويضاف إلى ذلك النقص الحاد في الغذاءات وسوء ما يجده الصينيون من أطعمة غالية الثمن وقليلة القيمة الغذائية، كما أن انعدام الأمن تتسع رقعته يوماً بعد يوم حتى صارت بعض الحقول تقع تحت سيطرة بعض القبائل التي تطلب المال باستمرار حتى يتركوا العمل يتواصل وفي هذا الجانب بالذات هناك (لياقة) لا يعلم بها إلا الله. { نهاية الأسبوع الفائت اجتمعت شركة (CNBC)؛ كبرى الشركات الصينية العاملة في استخراج النفط في جنوب السودان والسودان بالدكتور عوض الجاز وزير النفط وهي تريد أن ترمي بثقلها في الشمال وبالذات في المربعات المطروحة حالياً للاستثمار وقد كان لهذه الشركة دورها في استخراج النفط السوداني وهي الآن تكتوي بنيران الجنوبيين وسوء إدارتهم لملف النفط في بلدهم ويعد هذا مكسباً كبيراً للسودان من المؤكد أن يسرع الخطى في اتجاه زيادة الإنتاج من النفط، لا سيما وأن السودان يمتلك بنية تحتية جيدة وكوادر في كافة المجالات ستساعد الشركات العاملة في نجاح عملياتها بالسودان، كما أن وجود معامل في السودان تقوم بالفحوصات اللازمة لمثل هذه الأنشطة يدفع في ذات الاتجاه، كما أن السودان دولة غير منغلقة تمتلك عدداً من الموانئ لتصدير النفط. { الجنوبيون كانوا يعتقدون أن وقف النفط سيعجل بسقوط الحكومة في الخرطوم وهم قد صاروا مثل الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق يعملون لإسقاط النظام في بلد آخر، كان من الأوجب عليهم أن يغيروا سياساتهم وهم قد أصبحوا دولة تحكمها معايير وقوانين وأعراف دولية وها هو وقف النفط يعجل بسقوط آخر الكروت التي في أيديهم وهو النفط وقد أطلقت عليه في مقالة سابقة (سلة النفط)، نتيجة لوضع كافة قضاياهم العالقة في سلة النفط ويقايضون به وهذا ما أزعج الصينيين وجعلهم يستنكرون على دولة الجنوب ربط النفط بقضايا أخرى لا دخل لاستثماراتهم بها. { ربما الكاسب الأكبر من عملية وقف النفط هو الشمال، لا سيما وأن الجنوب سيعود اليوم أو غدا ليستأنف ضخ نفطه عبر الشمال وحتى يعود ذلك فإن الشمال سيكون قد قطع شوطاً في تدبير أموره وستكون الشركات الصينية قد قطعت هى أيضاً أشواطاً مقدرة في الدخول في استثمارات نفطية في الشمال وفي جانب الدول الأفريقية ستتغير فكرتها عن دولة جنوب السودان وهذا سيكون خصماً على قضاياها الأخرى غير النفطية.