ليس بعيدا عن الواقع الهلالي ملامح مبادرة لرأب الصدع بين فرقاء مجلس الهلال حيث تتشكل في الأفق القريب خطوات المحاولة الأخيرة والتي تتبناها شخصيات نافذة نتوقع أن تنجح في لم الشمل بوضع اليد على مكمن الخلل وإلزام كل الأطراف بالحل الودي النهائي على قاعدة من احترام وجهات النظر المختلفة ونتوقع أن يكون القاسم المشترك في العملية المنتظرة هو فصل السلطات والاختصاصات وإعادة إيجاد وصف وظيفي مفصل للأمانات المختلفة. نعلم أن المحاولة محفوفة بالمخاطر في ضوء العناصر المتطرفة التي لا يعجبها التلاقي المتوقع لأنه سينسف أحلامهم أو لأن الأجندة الشخصية حاضرة فيما يتم تغييب المصلحة الهلالية. لا يمكن لأي من الأطراف الهلالية المعنية بالمصالحة القادمة إنكار دور الجهات التي ستقوم بالمبادرة مثلما لن تنسى التعهدات التي أطلقتها إبان الحملة الانتخابية والفترة التي سبقت الانتخابات وما قبل تكوين مجموعة تيار المستقبل عندما كانت في رحم الغيب. ولعل الجهة المذكورة نجحت من قبل أو اضطرت لرفع العصا الغليظة قبل فترة عندما ذكرت أحدطرفي الصراع بجلوسه على ذات الكرسي قبل الانتخابات والتزامه التام بأن يكون طوع بنان المجموعة في أي توجهات لخدمة الغرض. والغرض الأساس هو خدمة الهلال وجمع الصف ولم الشمل وتوحيد الطاقات وتفجيرها والعمل وفق منظومة على قاعدة العمل الجماعي الذي لا تظهر فيه بوادر الانفراد والتحكم والسيطرة. وليس بعيدا عن الجهات التي تمسك بالملفات الحساسة للمجلس أنها رصدت بدقة متناهية أعمال المجلس منذ تكوينه قبل نحو عام تقريبا وما وصلت إليه الأحوال خلال الفترة بكل إيجابياتها وسلبياتها. ولكن الملف الأخطر والأبرز والمحور الأساس لأعمال الجهة المذكورة سيتركز حول المال والادعاءات أو الارقام التي حامت حول نسبها لبعض الأسماء والأسر وسرقة الجهد الرسمي وإسهامات الدولة ممثلة في كيانات لا يمكن تجاوزها. بل ويعتبر تجاوزها وضعها في دائرة الاتهام باعتبار أن المال الذي تدفق منها لم يصل للهلال خاصة وأن الأحاديث تدور هذه الأيام حول الفساد والمفوضية التي تم تشكيلها على أهبة الاستعداد للتحقيق في الأموال. المحور الأخطر في هذا الموضوع الطريقة التي تم بها تحويل أموال أوتوبونج وكيفية توريد دعم الدولة. نتوقع أن تكون الجلسات القادمة حاسمة للحد البعيد وعلى هديها نتوقع أن ترسم ملامح الهلال الجديد هلال المستقبل اسما وفعلا لا قولا فقط. تراجع وزارة العدل!! أصدر الأستاذ عبد الباسط سبدرات وزير العدل وقتها في العام 2003 منشورا لكل وكلاء النيابات على مستوى السودان وبموجبه تم تحديد وكالة نيابة واحدة بالخرطوم لمباشرة استلام الدعاوى وتقييم ووزن البينات وفتح البلاغات الخاصة بالنشر ومن ثم إصدار أوامر المثول أو التكليف بالحضور بدلا عن القبض تكريما للصحفيين وللسلطة الرابعة واحتراما لدور الصحافة. وزاد على ذلك بإلزام النيابات إخطار اتحاد الصحفيين كتابة عند إصدار أمر التكليف بالحضور أو المثول أو حتى أمر القبض حتى يكون الاتحاد المهني على علم بما تتعرض له عضويته وحتى يتحرك لتأمين محام للدفاع عن العضو. ولكننا فوجئنا قبل أيام بتراجع وزارة العدل عن القرار السابق بالموافقة على إنشاء نيابة متخصصة للصحافة ومعنية بقضايا النشر بولاية الجزيرة دون سواها حتى الآن. القرار يندرج في سياق مهام وزارة العدل لا ننكر ذلك ولكنه يمثل تراجعا عن التوجهات السابقة التي كانت تعزز دور رئيس التحرير وتعمل على تسهيل التقاضي ضده بما يمكنه من المثول أمام النيابات والمحاكم ومن ثم العودة لمباشرة مهامه. في ظل نيابة واحدة بالخرطوم تتداخل البلاغات وبعضها كيدي ولا يصمد أمام القضاء ويقضي رؤساء التحرير جزءا من أيام الأسبوع يترددون ما بين التحري والنيابة والقاضي ومع ذلك يحافظون على صحفهم والأداء المهني والتحريري ويكتبون بصورة راتبة. يبدو أن من أعد قرار إنشاء نيابة مدني كان في عجالة من أمره حيث أشار إلى قانون الصحافة والمطبوعات للعام 2004 كمرجعية فيما تمت إجازة القانون الحالي للصحافة عام 2009 وبالتالي فإن الاستناد للقانون المشار إليه في حكم العدم. ولم يشر القرار الجديد لإلغاء قرار الوزير سبدرات أو توجيهات المدعي العام الأستاذ صلاح أبوزيد والموجهة لوكلاء النيابات في عام 2004 والتي ألزمتهم بتوجيه الشاكين في قضايا النشر لنيابة الصحافة. ونتمنى أن تتوحد جهود الزملاء الصحفيين تحت راية الاتحاد لمناشدة الجهات المسؤولة التراجع عن القرار أو مناهضته بكل السبل حتى لا يتم إنهاك رؤساء التحرير بالسفر لكل الأصقاع أو تتوقف الصحف إجباريا.