تلك كانت الزيارة الأولى.. أما الزيارة الثانية فكانت قبل أسبوع أو يزيد قليلاً مع وفد لجنة الإسناد الرئاسية لولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان التي ضمت عدداً من الوزراء الاتحاديين ويرأسها البروفيسور «الأمين دفع الله» أمين المجلس الأعلى للحكم الاتحادي.. وشارك الوفد في جلسات مؤتمر الإدارة الأهلية للقطاع الغربي الذي انعقد في إطار آلية التصالح الاجتماعي، وذلك في ما عرف بمؤتمر السلام الاجتماعي الذي أعلن فيه رئيس الجمهورية في أول انعقاد له قبل هذا الائتمار الثاني، أعلن عن وقف إطلاق النار من جانب واحد. { وفد الإسناد أشاد بالجهود الرامية للدفع بمسيرة الوفاق السياسي والاجتماعي هناك وأثنى على كل الخطوات التي أقدم عليها أهل الولاية من تحاور إيجابي، انطلاقاً في ذلك من أن السلام الاجتماعي هو عمل يرتكز أول ما يرتكز على رفض الإثنية والعنصرية، وأنه لن يكون هناك سلام اجتماعي إن لم يكن هناك تحاور يقوم على فهم (أنا سوداني وكفى). { البروفيسور الأمين دفع الله قال مخاطباً المؤتمر: أتينا وقد أعددنا العدة الكاملة للاستجابة لكل ما تطلبه الولاية في هذا الظرف دفعاً لجهود قيادة الولاية التي تعكف على إحداث طفرة نوعية وتنموية، وقال: «لن نخضع لابتزاز» في إشارة منه هنا لقوى التمرد التي تحاول النيل من الولاية. وأردف: «لقد بلغنا الثالث والعشرين من عمرنا ونحن نحكم السودان، فلن نحجر المشاركة على أحد لكننا لن نخضع لابتزاز»، في إشارة لتعنت سلفاكير واتفاق النفط. { نائب والي ولاية جنوب كردفان أشاد بجهود لجنة الإسناد، وقال: إننا ولاية حدودية ونجاور دولة أجنبية وهذا يحتاج منا لبعد نظر - في إشارة منه لأهمية الدور المرجو من الإدارة الأهلية. { عثمان قادم رئيس آلية التصالح الاجتماعي والتعايش السلمي قال إن مؤتمر الإدارة الأهلية عرف بمؤتمر السلام الاجتماعي الذي أعلن فيه رئيس الجمهورية وقف إطلاق النار من جانب واحد، وكان ذلك في المؤتمر الأول الذي انعقد بحاضرة الولاية كادوقلي، ليأتي هذا اللقاء الثاني مواصلة لمناقشة قضايا السلام الاجتماعي وترتيب حياة المواطن، وذلك بعد أن درسنا بروتكول اتفاقية السلام وبجهد محلي اكتشفنا حينها أن هناك ركيزة أو بنداً كان من المفترض أن يكون موجوداً في الاتفاقية ألا وهو التصالح الاجتماعي. ومضى «قادم» في القول: «كان لنا دور هام كآلية بذلناه مع الأحزاب السياسية في سبيل إحداث الوفاق السياسي، وأيضاً لقاءات مع منظمات المجتمع المدني بقصد الفاعلية والإيجابية ودور مع الإدارة الأهلية لتفعيل حكمتها في ما يختص بإدارة التعايش السلمي، وكانت لنا جلسات مع الإخوة في المجتمع الدولي.. كل هذا النشاط الذي لعبته الآلية أسهم بقدر كبير في إطفاء بؤر الاشتعال في هذه الولاية، فقد عقدنا واحداً وثلاثين مؤتمراً للتعايش ولا زلنا نمضي للأمام لنحقق الاستقرار ونبني السلام في هذه الولاية لنتيح الفرصة لصناع القرار ليقرروا، ولا زلنا نعمل وفق منظومة من ثمانية أحزاب، استطعنا من خلالها تحقيق الوفاق السياسي عبر توحيد الرؤى والأفكار، فصار هناك وفاق سياسي فريد في هذه الولاية، والآن نسعى لأن نخرج بفكرة الوفاق الاجتماعي، ولهذا نحن ننظر لمؤتمر الإدارة الأهلية للقطاع الغربي باهتمام، وذلك لخصوصية الإدارة الأهلية ودورها المنوط بها، فنريد أن نرتب للإدارة الأهلية أوضاعها وندفع بدورها من خلال النظر في المشكلات التي تواجهها، ونريد أن ندفع لها بسلطات قضائية وصلاحيات، فمن المعروف أن هذه المنطقة هي منطقة إنتاج بترول، نريد لهذا البترول أن لا يكون تأثيره سالباً وأن لا يكون بؤرة لزرع الفتن». { مستشار الوالي للقطاع الغربي «شيبون الضوي» أشار إلى خيبة الأمل التي منيت بها حركات التمرد في هذه الولاية، وذلك بعد أن تبددت أمانيهم، وقال: «ها نحن اليوم جئنا لنرسم لوحة الإجماع حول كلمة سواء نحو الغايات والأهداف الكبرى من خلال إعمال الحكمة في كيفية إدارة الأزمات، ولهذا قصدنا من هذا المؤتمر الخروج من التقليدية، فبدلاً من تأسيس كلمات الضعف لرجل الإدارة الأهلية، نريد أن نقوي دوره ليسعى للسلام الاجتماعي ويؤطر لحل النزاعات وفضها ويدفع بالإنتاج في إدارة الشأن العام لأفراد القبيلة والمجتمع». { مؤتمر الإدارة الأهلية للقطاع الغربي الذي نظمته آلية التصالح الاجتماعي والتعايش السلمي بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، مثل نقطة انطلاقة حقيقية ووثبة للإدارة الأهلية بولاية كردفان في ظل التحديات التي تواجهها، وذلك بغرض تقوية الإدارة الأهلية وتمكينها من القيام بأعبائها الاجتماعية في ظل خروقات المتمردين وفي ظل جوار دولة غير مسؤولة، مما يعد جوارها غير آمن. { في المؤتمر تمت إجراءات وخطوات عملية لتنظيم الإدارة الأهلية بغرض إعطائها المزيد من الصلاحيات والسلطات العملية، إذ أكد المشاركون أنه ليس من سبب للتوترات القبلية والاجتماعية في ظل النسيج الاجتماعي الواحد، فالتحديات ماثلة والحاجة للتوحد ملحة، هكذا كانت هي الروح السائدة في هذا المؤتمر الذي اختتم أعماله.. روح روح تؤسس لواقع جديد ومرحلة اجتماعية مهمة. { صدرت قرارات وتوصيات مهمة من المؤتمر تتعلق بحفظ الأمن والاستقرار والعلاقات بين القبائل وعدم التشابك بينها، وتكوين آليات فاعلة لحل النزاعات بين القبائل والتوافق في ما بينها ومحاولة خلق بيئة طيبة للتنمية والاستقرار، وحينما يتعلق الأمر بتنظيم وترتيب الإدارة الأهلية وفق خطة استراتيجية ومنهجية مدروسة فهذا يعني أن للإدارة الأهلية دوراً محورياً ينتظرها، دور يبني تعزيز التعايش السلمي وتحقيق التطلعات المجتمعية. { مخرجات عديدة جاء بها المؤتمر تنادي بسن قوانين جديدة للإدارة الأهلية وتشكيل آلية من المؤتمر لمعالجة القضايا ذات الصلة والمتابعة لتنفيذ التوصيات، مضافاً إليها إقرار المؤتمر لمبدأ الحرية المشاعة للمرعى وحرية التنقل. { مراقبون بالولاية أكدوا أن لغة السلاح لا تخدم القضية السياسية، وبالتالي تصبح لغة الحوار والتفاوض هي خير وسيلة لحل المشكلات، وأشاروا إلى أن ما يسمى بالحركة الشعبية قد خسرت الكثير بتغليبها لخيار الحرب، وما قامت به من خروقات هو ضد الاستقرار والتنمية، وقالوا إن الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب يجب أن تفهم وتعلم أن استقرار السودان الشمالي ضروري للاستقرار في منطقة أفريقيا الشرقية، كما أن عملية الوفاء بالعهود والمواثيق هي وصفة أساسية للشعب المتحضر، فما حدث في جنوب كردفان والنيل الأزرق عمل لا يتسق مع الاتفاقيات التي تم توقيعها في نيفاشا ولا يتسق أيضاً مع الحوارات الكثيفة والكثيرة التي تمت، وبالتالي تصبح الدروس المستفادة هي أن الناس لا بد أن يجتهدوا في إدارة التنوع الثقافي والفكري عند المكونات الاجتماعية للشعب السوداني بحيث يكون التقارب بين الناس طبيعيا.