} نعود إلى (موضوع أمريكا) التي صارت ظاهرة، ليس في ريادتها للعالم وإنما لغطرستها التي تجاوزت ريادتها في الميزان الأخلاقي والحضاري والإنساني وهى قد أضحت لا تستحي أن تفعل أي شيء دون أن تلتفت لأية قيمة أخلاقية يمكن أن تعصمها من أن تستبيح حياة الشعوب وهي تحرمهم من الحياة الكريمة التي يجب أن يحيونها كبشر وتسلب منهم إرادتهم وتدفع بهم عبر قوتها المفرطة في اتجاه مصالحها وتسرق مواردهم ولا ترفع يدها عنها إلا في الميقات الذي تفرضه مصلحتها وهي للأسف تحبس هذه الموارد وشعوبها في أمس الحاجة إليها وهي تنتظر لعقود معدمة وبائسة ويائسة، وأمريكا فوق ذلك كله تقتل وتدمر وتحسب أنها بمنأى عن العذاب (سبحانك ربي تمهل ولا تهمل). ( نعود أيضاً لمسألتنا نحن كسودانيين مع أمريكا، وكنا قد كتبنا أمس عن ذات الموضوع واليوم نعاود دون هتافية أو ضوضاء لنرصف طريقاً جديدًا للتعامل مع أمريكا، نحن كمجتمع سوداني بغض النظر عن الطريقة التي تتعاطى بها حكومتنا مع أمريكا، نحن كشماليين بما في ذلك دارفور المسلمة وجبال النوبة المسلمة والنيل الأزرق المسلم والشرق والشمال الأقصى والوسط وقد خرج منا الجنوب الأقصى وصار قاعدة لانطلاق الأذى الأمريكي تجاه شمالنا الحبيب واليوم والحمد لله قد صار الشمال هو كل الاتجاهات، صار هو الشرق والغرب والشمال والجنوب الجديد. } أمريكا تستعدي الشمال وتضيّق عليه وهي تحاصره لأكثر من عشرين سنة وتعاقبه لأكثر من عشرين سنة، وما أن انفصل عنه الجنوب حتى سارعت ورفعت الحصار والقوائم عن الدولة الجديدة. عداء أمريكا للشمال والشماليين يخطئ من يؤرخ له مع نظام الإنقاذ وكلنا يذكر أن أمريكا وشركتها (شيفرون) وبعد أن وصلت (محافيرها) إلى النفط السوداني في (أبوجابرة) - الذي هو مربع (6) الآن ويتوقع أن يصل إنتاجه لستمائة ألف برميل خلال أربعة أعوام - في خواتيم عقد السبعينات، أغلقت الآبار ب (صبّات) أسمنتية غير مسبوقة وهربت، وها نحن انتظرنا لأكثر من ثلاثة عقود حتى نستخرج نفطنا من هذا المربع، وإن انتظرناهم لن نستخرجه أبدًا إلا في الوقت الذي يريدونه هم. أمريكا تعاقبنا لأننا لم ننتظر حتى تأتي هي وتستخرج نفطنا وتعاقبنا لأننا أتينا بالصينيين لاستخراج النفط والحرب التي تدور الآن هي لطرد الصين ومعاقبتنا نحن كسودانيين. } أمريكا يا سادتي بعدائها هذا لا تستهدف النظام وهي التي أنتجت مصطلح (تغيير بنية النظام) ومن ثم توحيد شطري السودان ليحكمه أناس آخرون هم الآن يحاربوننا من داخل الجبهة الثورية السودانية. السودان الذي تريده أمريكا ليس في نظامه الجديد مكان للصادق المهدي ولا للبشير وللترابي ولا للميرغني ولا لنُقد، هو سودان سيحكمه باقان والحلو وعقار ومناوي، وهذا الأخير على مضض قبلوا به، وتذكرون قبل أيام هرب إلى يوغندا خشية أن تتم تصفيته. } الطريق الجديد الذي سنقاوم به المؤامرة الأمريكية الخطيرة يبدأ بحصر كافة المواقف العدائية الأمريكية ضد بلادنا وداخل هذه المواقف محاور اقتصادية ترصد تفاصيل الحصار الاقتصادي الطويل وإفرازاته السلبية على المواطن السوداني، وترصد عدم وفائها بإعفاء ديون السودان مقابل التوقيع على السلام وكذلك مؤامرة النفط التي تديرها هي وفي الواجهة باقان وحكومة جنوب السودان وما لحق ببلادنا من ضرر. وفي المحور السياسي والأمني كل مواقفها ضد بلادنا في مجلس الأمن وفرص السلام العديدة التي أضاعتها على بلادنا وتسببت في استمرار نزيف الدم والقتل والدمار في جنوب السودان ودارفور، وما تنتجه الآن من صراعات في جنوب كردفان والنيل الأزرق وهي للأسف من يشعل الحرب وفي ذات الوقت يطالب حكومة الخرطوم بإطفائها وهي من وراء الحدود من يمنع إطفائها، وتعاقبنا لأننا ندافع عن وطننا بدلاً من معاقبة من أشعل الحرب في جنوب كردفان وخرج على اتفاقية السلام، وقد قبلنا بخسارة الانتخابات في النيل الأزرق ولم يقبلوا بخسارتها في جنوب كردفان. وكذلك نعاقب نحن بالمحكمة الجنائية ونحن ندافع ومن يهاجمنا يغتال أكثر من عشرين سياسياً وأكثر من خمسمائة مدني وكل ذلك موثق ومعلوم لمجلس الأمن ولأمريكا ولكنها للأسف تمارس عداءً غير مبرر مع الشعب. } بعد أن نحصر كل تفاصيل الظلم الأمريكي للشماليين نتوجه إلى أطفالنا وشبابنا ونسائنا وشيوخنا ومنابرنا وكافة منظماتنا وإلى ساحاتنا في الخرطوم وفي كل المدن والقرى في بلادنا وإلى صحفنا ومواقعنا على الإنترنت وداخل بيوتنا وفي المواصلات العامة ومؤسساتنا ومسارحنا، نبصّر شعبنا بعداء أمريكا لنا ونكتب الأغاني والقصائد والروايات والمسرحيات ونرسم ونصوّر ونبدع في كل شيء...