قرعت الأجراس أمس الاثنين بمدارس ولاية الخرطوم إيذانا ببدء امتحانات الأساس وسط أجواء متباينة في اليوم الأول بين التوتر والاطمئنان مع وجود عدد كبير من الأمهات وأولياء الأمور في مراكز الامتحانات لمساندة أبنائهم الممتحنين، وكان لافتا خوض عدد من المحكومين في السجون لامتحانات هذا العام، في حين شهد هذا العام لأول مرة خضوع الطلاب الموهوبين لامتحانات بصورة منفصلة. ورغم أن توترا شديدا قد لازم الطلاب قبل دخول قاعات الامتحانات، إلا أنه سرعان ما زال وحلت الطمأنينة التي صاحبت ورقة الامتحان الأولى وهي القرآن الكريم، حيث جاء كما تمناه الكل، فكان نصف الزمن موعدا تلاقى فيه جميع الطلبة خارج قاعات جلوسهم راضين كل الرضا عن أسئلة الامتحان وإمكانية حلها. (الأهرام اليوم) زارت عددا من المدارس ورصدت بعض مشاهد اليوم الأول. { قبل أن يمضي نصف الزمن كانت الابتسامة تعلو وجهه وهو يسرع لإبلاغ والدته بالإنجاز الذي حققه نجاح يومه الأول ليحل السلام موطن قلبه كما حدث له. استوقفته (الأهرام اليوم)، فقال الطالب أنس صلاح من داخل مدرسة أم بدة: كان الامتحان سهلا جدا والأسئلة موضوعية ومعقولة ولم نجد صعوبة تذكر بالإضافة إلى أن المراقبة جيدة والقاعات مهيأة بطريقة مريحة. لكن الطالب مهند خالد نال منه التوتر في بداية الجلسة، وقال ل(الأهرام اليوم) إنه لم يستطع أن يتذكر شيئا مما درسه لاعتقاده أن الأسئلة البسيطة لن توضع وسيكون الامتحان صعبا للغاية، ولكنه بعد مرور 10 دقائق تمالك نفسه وصار قادرا على الإجابة على أسئلة الامتحان بكل سهولة ويسر، وأعرب عن أمله في أن تكون جميع الامتحانات بذات مستوى مادة القرآن الكريم، وذكر أن شعوره بالخوف قد زال تماما بعد التجربة الأولى. لكن التفاؤل لدى مهند يقابله شعور بالخوف من قبل الطالبة نسيبة مصطفى من مدرسة الشقلة التي أعربت في حديثها ل(الأهرام اليوم) عن خشيتها من صعوبات في أوراق الامتحانات المقبلة، لكنها لم تنف أن الجلسة الأولى قد بثت الطمأنينة وسط زميلاتها، كل زميلاتها خرجن والفرحة تملأ قلوبهن. كذلك فإن لبعض الطلاب أسبابا أخرى لتعاملهم بسهولة مع جلسة اليوم الأول للامتحانات، فقد ذكرت الطالبة سامية الصديق من مدرسة محجوب عبيد طه أن ما توفر لها من بيئة مدرسية ودعم من أساتذتها ورعاية أسرية، أسهم بشكل أساسي في خوضها للامتحان الأول وهي في حالة نفسية إيجابية رغم ما اعتبرته تغييرا صاحب ورقة القرآن الكريم. { امتحان الموهوبين ولأول مرة في السودان تعقد امتحانات منفصلة للطلاب الموهوبين بمنهج خلاف المنهج القومي، وحسب شهادة مدير مدرسة محجوب عبيد طه للموهبة والتميز بأم درمان الأستاذ آدم داؤود فقد وصف اليوم الأول للامتحان بأنه كان هادئا، وسار بصورة طبيعية، واعتبر أن لمادة القرآن الكريم تأثيرا في تهدئة الطلاب وإزالة التوتر عنهم. ويرى مدير المدرسة أن الامتحان قد جاء بصورة مختلفة تماما عن طلبة الأساس الممتحنين بالمنهج القومي، وأردف: "حتى الورقة حملت اللون الأزرق" وهو مختلف عن الأوراق الأخرى، وقال: "إن أكثر ما يميز امتحانات الموهوبين أن مستوى الأسئلة يخاطب مهارات التفكير العليا ولذا فهم يحتاجون إلى زمن أكثر من طلاب المنهج القومي وهو ساعة ونصف". وشدد الأستاذ آدم على ضرورة تفاعل الأساتذة مع الطلاب وجدانيا، بتشجيعهم وطمأنتهم، معتبرا أن العامل النفسي عنصر مهم في تعامل الطلاب مع امتحات الأساس. { مناهج مختلفة ومن جانبها تقول المدير التنفيذي للجنة العليا لرعاية الطلاب الموهوبين الدكتورة مريم حسن عمر إنهم امتحنوا العامين الماضيين وفق المنهج القومي وحققوا نجاحا باهرا وهذا العام لأول مرة أعددنا امتحانا مختلفا لأنهم يدرسون منهجا مختلفا منذ السنة الرابعة بعد اختيارهم من مدارسهم بناء على قدرات محددة يظهرونها. وأضافت الدكتورة مريم أن الموهوبين يدرسون منهج الحاسوب والإلكترونيات والروبوت وهو منهج إثرائي لا يتوفر في المدارس الأخرى والهدف من الامتحانات ليس التحصيل الأكاديمي بقدر ما هو تحفيز لقدرات الطلاب خصوصا أنهم أظهروا تميزا فبعض الطلاب لديهم اختراعات ويعدون بحوثا ولديهم تفكير عميق ويأتون بنظريات غير الموجودة بالكتب. وتعتقد الدكتورة مريم أن كل المؤشرات تدل على نجاح التجربة بالرغم من ما يثار حولها، وقالت خلال زيارتها مراكز الامتحانات أمس الاثنين: قوبلت بارتياح من قبل الطلاب، وأكدت أن المجموع الكلي للطلاب (340) درجة بدلا عن (180) درجة وهي عشر مواد. وتشير الدكتورة مريم إلى أن إدارتها تقوم بالإعداد حاليا لتنظيم مدارس ثانوية للموهوبين بناء على ما تلقوه في المراحل السابقة، وقالت إن الدخول للثانوي لا يتوقف عند مجموع بعينه بقدر ما يتوقف على (الهاردويرك) وهي بمثابة أعمال سنة للسنوات الماضية وإنتاج فكري سواء أكان اختراعات أم أعمالا أدبية.