بعد رفض الدكتور عبد الحميد موسى «كاشا» تولى منصب والي شرق دارفور، وفشل المساعي لإقناعه، أصدر رئيس الجمهورية المشير عمر البشير مرسوماً جمهورياً في الأسابيع الماضية عين بموجبه اللواء (م) محمد حامد فضل الله حامد والياً مكلفاً لولاية شرق دارفور. «فضل الله» ولد بمنطقة (الغار أبو سيقان) شرق مدينة (الضعين) حاضرة الولاية الوليدة، ودرس المرحلتين الأولية والمتوسطة بمدينة (نيالا)، ثم التحق بالكلية الحربية السودانية الدفعة (27)، وبعد تخرجه عمل ملحقاً عسكرياً بسفارة السودان بليبيا، وعمل مديراً لهيئة الاستخبارات العسكرية، ثم انتقل لسلاح النقل والتموين، وبعدها تولى قيادة قوات حرس الحدود ثم عمل قائداً بمنطقة (خشم القربة) العسكرية ثم منطقة الخرطوم المركزية وبعدها أحيل للمعاش برتبة اللواء. (الأهرام اليوم) جلست إلى اللواء (م) محمد حامد وطرحت عليه عدة أسئلة، منها المتعلق بتحديات تنمية الولاية والتعامل مع الحدود المشتركة بينهم ودولة جنوب السودان، وكيفية المحافظة على النسيج الاجتماعي وتقويته، وسألناه عن انتشار السلاح في الولاية وآليات جمعه، وعرجنا إلى العلاقة بين الولايات والسلطة الإقليمية كما تناولنا كيفية تعامل حكومة الولاية مع الحركات المسلحة.. كل هذه المحاور وغيرها كانت حاضرة في لقائنا.. «فضل الله» استمع إلى أسئلة (الأهرام اليوم) ورد عليها رداً وافياً ومنضبطاً كانضباط العسكريين المعهود وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار: { على الرغم من توقيع اتفاق (الدوحة) إلا أن حالة الطوارئ ما زالت قائمة بدارفور.. ألا يعد هذا معوقاً للاتفاقية؟ - أبداً، لاعتبار أن رفع حالة الطوارئ مربوط بزوال المهددات الأمنية، وإذا ما جاءت كل الحركات، وأنا أدعوها باسم شعب السودان وشعب ولايات دارفور بصفة خاصة، أدعو جميع الحركات وقادتها إلى أن يعودوا لرشدهم ويرجعوا إلى حضن الوطن وينبذوا الفرقة والشتات، لأن الحرب لا تقدم الأوطان بل تؤخرها، وأن من يقتلونهم هم أبناؤهم وإخوانهم وأمهاتهم وأخواتهم وأطفالهم.. وعندما تزول هذه المهددات الأمنية ويعم السلام ربوع دارفور وتعود هذه الحركات الى حضن الوطن وتنبذ الحرب وتسلم أسلحتها وتدخل في حوار مع الدولة وتصل إلى سلام حقيقي.. ستُرفع حالة الطوارئ ويعيش شعب دارفور الكريم حياة رغدة وهنيئة ويتمتع بموارده الاقتصادية التي يزخر بها. { هناك حديث عن تداخل الاختصاصات بين الولايات والسلطة الإقليمية.. كيف تنظرون للأمر؟ - هذا حديث لا يمت للواقع بصلة، والولايات والسلطة الإقليمية جسم واحد، وهناك تناغم وعمل مشترك وتفاكر بيننا والسلطة الإقليمية في كل ما يخص شعب دارفور، ورئيس السلطة الإقليمية الدكتور «التجاني سيسي» ورفاقه في التحرير والعدالة هدفهم هو استتباب الأمن والسلام في دارفور، وهو ما نصبو إليه جميعاً، وجلسنا معهم مرات كثيرة ولمسنا هذه التوجهات وهذه الأريحية والرغبة الصادقة في السلام وتنمية دارفور وإعادتها سيرتها الأولى وتكون (أرض المحمل) مرة أخرى. { أنا أقصد هل هناك تضارب في الاختصاصات التنفيذية ما بين السلطة الإقليمية والسلطة التنفيذية في الولايات؟ - السلطة الإقليمية منوط بها العمل السياسي وجلب الموارد لإقليم دارفور والتنسيق بين المركز والولايات، وليس هناك تضارب في الاختصاصات، وكل له اختصاصاته، والاتفاقية وضحت ذلك، وقانون الحكم المحلي وغيره من القوانين هي قوانين مفسرة وموضحة لكل اختصاص من اختصاصات السلطة ورئيسها واختصاصات الولايات وحكوماتها، وهذه الاختصاصات جميعها واضحة، والدستور الانتقالي شمل كل هذه الاختصاصات والسلطات بالتفصيل، وأعتقد أن من يقول ذلك لم يراجع حقيقة اتفاقية (الدوحة) ولا الدستور الانتقالي ولا القوانين الولائية الصادرة من حكومات ولايات دارفور، ونقول إن أهل دارفور جميعهم أسرة واحدة وهمهم واحد وليس هناك تضارب في مصالحهم وآرائهم، وإذا وجد الرأي والرأي الآخر فإنه دفع للسلام وتعضيد للمعرفة، وكما يقول الحكماء (إن نصف رأيك عند أخيك) وعلاقتنا مع المركز أيضاً علاقة متناغمة، ونحن دولة واحدة وشعب واحد وهمه واحد، وموحدون خلف الأخ الرئيس عمر البشير، وليست هنالك تضاربات أو اختلافات، ومصلحة الوطن هي المصلحة العليا التي يقدرها ويعمل الجميع من أجلها. { هل ستتعامل حكومتكم مع أبناء الولاية الذين يحملون السلاح تعاملاً عسكرياً أم أنها ستتفاوض معهم وتوقع اتفاقيات محلية؟ - نحن بدأنا في اتصالات مع هذه الحركات بواسطة الخيرين والنيرين من أبناء الولاية، وحال ما نصل الى تفاهمات مشتركة معهم سيكون للحكومة الاتحادية دور كبير في تأطير هذا السلام وتقنينه ووضعه موضع التنفيذ وإنزاله الى الواقع، وأي اتفاقات سلام لا بد أن ترعاها الحكومة الاتحادية، ولا بد من التنسيق معها في هذا الشأن، ورسالتي لإخواني الذين يحملون السلاح مع الحركات (أن عودوا إلى الوطن.. أن عودوا إلى دارفور.. أن عودوا إلى شرق دارفور) وانبذوا الفرقة والشتات، لاعتبار أن الوطن لا يبنى بالمصالح الخاصة ولا الذاتية، بل يبنى الوطن بالتجرد ونكران الذات وإعلاء الشأن الوطني. { حكومة ولاية شرق دارفور، هل ستكون عريضة ويشارك فيها عدد كبير من الأحزاب والمكونات الاجتماعية بالولاية؟ - نحن حتى الآن لم نبدأ في المشاركات بالحكومة ولكن بعد أن نرتب أوضاعنا سنتشاور في أمر الحكومة، ولن تكون عريضة أو كبيرة، بل ستكون حكومة (معقولة) تناسب أوضاعنا الاقتصادية، وأيضا سيتم التشاور مع القواعد وكل مكونات الولاية في تشكيل هذه الحكومة وستكون حكومة يرى فيها الجميع أنفسهم خلال مرآة السلطة. { ولايتكم بها بترول مقدر في المحليات الشرقية، الأمر الذي يحتاج بالتأكيد إلى توفير الأمن في تلك المناطق.. ما خططكم لتأمينها؟ - كما ذكرت لك أن خطط التأمين دائما تضطلع بها أجهزة متخصصة مثل القوات المسلحة والشرطة والأمن، ونحن على ثقة من أن هذه القوات وضعت كل الخطط اللازمة لتأمين هذه المرافق، وأيضاً الحكومة الاتحادية تلعب دوراً كبيراً في تأمين هذه المنشآت لأنها منشآت قومية، وهناك دعم مقدر من المعدات الفنية والعسكرية وكل ما يدفع ويرفد في تأمين المنطقة وتأمين هذه المنشآت، والثروات موجود بصورة ممتازة ومحكمة، وليس هناك أي خوف من أن تصل المهددات الأمنية الى هذه المناطق وتخرب، أو تصل القوات المعادية الى هذه المناطق وتخرب هذه المشاريع، ونحن نتعاون مع قواتنا المسلحة والشرطة والأمن، وشعب الولاية سيعض على هذه المكاسب بالنواجذ ويقف ضد كل من يحاول أن يلعب بهذه المقدرات والمكتسبات. { قبل عدة أسابيع تظاهر أبناء محليتي (عديلة) و(أبوكارنكا) احتجاجاً على عدم توظيفهم في الشركات المنقبة عن البترول في مناطقهم.. كيف تنظرون إلى الأمر؟ - أنظر إلى التوظيف في شركات البترول للسكان المحليين على أنه مطلب عادل، ولكن يكون التوظيف دائما في المجالات التي يستطيع المواطن العمل بها، وفي الأعمال التي يستطيع المواطن بقدراته التعليمية والتقنية أن يقوم بها، وإذا ما وجد من أبناء الولاية من هم فنيون مهرة وذوو كفاءات وخبرات في مجال البترول سيتم استيعابهم في العمل مع هذه الشركات، وهذا الأمر تم تطبيقه في ولاية جنوب كردفان، والمواطن استفاد من وجود الشركات في التوظيف والخدمات الأخرى، وستقوم هذه الشركات بتنمية وإعمار المناطق أسوة بما قامت به في (الفولة) و(هجليج) حتى أصبحت مدناً راقية يشار إليها بالبنان، ونحن في هذا الصدد ستكون لنا اجتماعات مع إخوتنا في الإدارة الأهلية ومواطني تلك المناطق وتبشيرهم بأن البترول هو نعمة من الله سبحانه وتعالى، وهم سيكونون شركاء في تقاسم الفوائد ومستخرجات هذه النعمة، ولكن فقط عليهم أن يتعاونوا ويصبروا وكل حقوقهم وما يصبون إليه من تنمية وخدمات ستأتيهم بدون أي مشادات وبدون أي نوع من التوتر. { هل ستأخذ ولاية شرق دارفور نصيبها من البترول المستخرج منها، وكيف؟ - طبعا هنالك مبادئ رئيسية وضعتها الدولة والحكومة الاتحادية في ما يختص باستفادة الولاية المعنية من البترول المكتشف في أراضيها، وقد طبقت ذلك في جنوب كردفان وفي منطقة (أبيي)، وأيضا سيطبق هذا في ولاية شرق دارفور، ونحن واثقون من أن الدولة عادلة بين مواطنيها وسيجد كل ذي حق حقه. { قبل أن نشكرك نفسح لك المجال إذا كانت لديك رسائل تريد أن ترسلها؟ - رسالتي هي أن السودان دولة قوية وزاخرة بمواردها، وشعبها يتمتع بقدرات هائلة، والسودانيون قادرون على أن يبنوا وطنهم، ولكن فقط عليهم أن يتحدوا ويلتفوا حول قيادتهم ويتركوا الفرقة والشتات، لاعتبار أن هذا الوطن لا يبنى بالأماني وإنما يبنى بالعمل وبسواعد بنيه، ورسالتي لأهلنا في شرق دارفور هي أن الولاية واعدة ومبشرة بخير وغنية بمواردها، سواء أكانت ثروة حيوانية أو مراعي أو مزارع أو ثروات معدنية في باطن الأرض أو بترولاَ أو مياهاً في حوض البقارة الذي فيه كميات كبيرة من المياه الجوفية.. والولاية زاخرة بشعبها وأبنائها ولديها من الخبرات والعلماء والتقنيين ما يمكن أن يقدم الكثير لإعمارها، فقط عليهم أن يكونوا أسرة واحدة وعلى قلب رجل واحد، وأن ينبذوا الفرقة والشتات ويرتقوا النسيج الاجتماعي، وأن نوقر إداراتنا الأهلية ونحترمها لاعتبار أنهم أصحاب خبرة وتجارب ثرة، وإذا تعاضدنا معهم وأعطيناهم كل ما يمكن من إمكانات وتقدير سيبدعون ويقدمون لشعب الولاية الكثير.