{ ما هي حدودك كسيدة عاملة ذات دخل راتب في الإسهام داخل بيت الزوجية؟... وما هو رد الفعل المطلوب من الزوج تجاه هذه المساهمة أياً كان قدرها؟... وما هو إحساسك وأنت تنفقين جزءاً غير يسير من مدخلاتك الشهرية على بيتك؟... وهل يؤثر ذلك على شكل العلاقة بينك وبين شريك حياتك؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت أبرز المحاور التي تداولناها على (قناة أم درمان) من خلال الجريدة الفضائية في فقرة قضية للنقاش وفي معيتي الشابان الرائعان (د. نبراس حسن) و(محمد يوسف) ولكليهما شكله الخاص والمميز وحضوره الأخاذ في العمل الإذاعي وهو ما أثرى النقاش في اتجاهين مختلفين كون (محمد) أخذ على عاتقه التصدي لنا دفاعاً عن بني جنسه رغم موضوعية الطرح واعترافنا المشترك أنا و(نبراس) بأن راتب الزوجة بالضرورة يسخر كلياً في خدمة الزوج ومعاونته على الحياة شاء ذلك أم أبى وهو ما نقدم عليه بطيب خاطر وقناعة تامة. { المداخلات التي قام بها المشاهدون ذهبت يومها في اتجاهين مختلفين وهو ما جعلنا نفرد هذه المساحة لتلك القضية الواقعية جداً التي ما عادت حتى تثير الجدل المطلوب كونها باتت من المسلمات وأصبحت الغالبية العظمى من الزوجات ينفقن يداً بيد على بيوتهن دون أن يتوقفن كثيراً للتفكير أو التذمر. أحد المستمعين من الرجال يرى أن راتب الزوجة في المقام الأول من حقها وحدها وليس عليها القيام بأي مساهمات طالما زوجها موجود فهو الجهة المنوط بها الإنفاق عليها وعلى عموم تفاصيل الحياة الزوجية وهي حرة في الإسهام أو الإحجام دون أن يثير ذلك حفيظة الزوج أو استنكاره!!... ورغم مثالية وجهة النظر تلك وانحيازها الكامل إلى جانب المرأة فإنها حتماً لن تجد التأييد الكافي منا معشر النساء، فالعديد من الأشياء تلزمنا على المشاركة الفاعلة في تصريف شؤون أسرنا المالية ليس من باب الاشتراك في معاونة الزوج فحسب ولكنها دوافع نسائية خالصة أبرزها الأمومة والرغبة الفطرية في توفير حياة كريمة للأبناء يتمتعون فيها بكل ما يتمنونه ويحتاجونه حالما كان ذلك بالإمكان.. كما إننا – كسيدات – مصابات بهوس المظهر الذي لا يتوقف عنده الرجال كثيراً، فلا يدخل ضمن اهتماماتهم الديكور أو الأناتيك ولا حتى (الحنة) والملايات...! ولا أحسب ذلك لشيء في أنفسهم ولكنها الفطرة. { إذن... نكاد نتفق على ضرورة إسهام الزوجة الفاعل بجزء غير يسير من راتبها على بيتها وأبنائها ما لم تكن لديها التزامات أخرى تجاه والديها.. وعليها أيضاً الإنفاق على نفسها واحتياجاتها دون أن يكون في الأمر غضاضة طالما كانت متفهمة لأوضاع زوجها المعني بالقيام بالأمور المالية الكبيرة كالإيجار ومصاريف الدراسة وغيرها.. إلى جانب ضرورة أن تحتاط الزوجة أيضاً للزمن – وهو ما نقوم به فعلياً – فيكاد من النادر أن تكون هناك امرأة عاملة ليس لديها ولو القليل من المدخرات فهي على أسوأ الفروض (داخلة صندوق).. والأولوية الكبرى دائماً لبيتها. بالمقابل استنكرت الرأي الآخر لأحد المتصلين من الرجال الذي أعرب عن ضرورة قيام المرأة بالعديد من الواجبات المالية في المنزل طالما تنازل هو كرجل عن حقه وسمح لها بالخروج للعمل!! بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك حين طالبها علانيةً بالإنفاق على نفسها وعدم المطالبة بوجود أية معاونة تساعدها في تصريف شؤون وأعمال المنزل طالما اختارت العمل وإلا فالبيت أولى بها.... وهذا ما أحسب أن جميع النساء يرفضنه جملةً وتفصيلاً. والمرأة بطبعها مستعدة لبذل كل التضحيات دون مقابل ولا تنتظر سوى بعض الامتنان والتقدير والكلمة الطيبة. أما أن ينبري أحدهم ليشعرني بأنني أشتري انتمائي الشرعي له براتبي فهذا هو المعول الأول في هدم كل ما يمكن أن يكون بيننا من مودة ورحمة وسكن لما يتركه من شعور قاتم بالنفور داخل المرأة. { فيا عزيزي الرجل... نحن ندرك أن من واجبنا الإنساني في المقام الأول أن نساهم معك في تحمل المسؤوليات، بل إننا لم نخرج للعمل إلا لذلك الغرض إلى جانب البحث عن الذات... ولكن لا تشعرني بأني مأجورة عليها القيام بذلك رغماً عن أنفها... أشعرني بمودتك واحترامك لما أقوم به وستجد أنني لن أدخر وسعاً ولا مالاً في سبيل راحتنا وسترتنا وسعادة أبنائنا، وإلا فلا خير فيك إن لم تثمن جهودي تلك.. ولا خير في إن جعلت من ذمتي المالية المنفصلة سيفاً على رقبة حياتنا الزوجية المقدسة. { تلويح: تحية وتقديرا لقضايا (قناة أم درمان) المهمة... وللتعامل الراقي والحميم من الأستاذ/خالد ساتي.. وللاحترام الكبير والتميز والمثابرة التي يتمتع بها محمد ونبراس... ولكل تلك الحرية وذلك الجمال... بالتوفيق.. ودمتم.