(عيناك والجرح القديم) رائعة الشاعر الراحل محمد سعد دياب من أكثر القصائد التي وجدت قبولاً لدى الشباب لسنوات طوال وضمخ بها المحبون خطاباتهم الغرامية وما زالوا ينهلون من سنا برقها الكاشف للوجد في القلوب الظمأى للتحنان والمؤانسة المترعة بصدق العاطفة التي مضى عهدها الآن إلى غير رجعة، فهي قصيدة استحقت أن يجعلها الراحل عنواناً لأحد دواوينه المدهشة كشعره الذي تميز بالسلاسة والقبول المطلق ولنلق نظرة على حياة هذا الشاعر الذي حمل الوطن بين ضلوعه حتى رحيله بمدينة ينبع السعودية في أكتوبر من العام 2006م. ولد محمد سعد دياب بأم درمان في العام 1945م وتخرج في معهد المعلمين العالي (كلية التربية) متخصصاً في اللغة الإنجليزية، ثم التحق بجامعة ليدز بإنجلترا للحصول على دبلوم تدريس اللغة الإنجليزية لأقطار ما وراء البحار. ومكنته دراسته فى إنجلترا من تعميق رؤيته للأدب الإنجليزي واستيعابه بمنظور جديد. عمل بعد تخرجه مدرساً بالمدارس الثانوية، قدم العديد من البرامج الأدبية من الإذاعة السودانية والتلفزيون القومي، ونشر العديد من قصائده ومقالاته في الصحف السودانية، والصحف والمجلات السعودية. ومن أبرز دواوينه الشعرية:(حبيبتي والمساء 1971)- (عيناك والجرح القديم 1986) الذي طبع منه ثلاث طبعات، وكان يستعد لإصدار ديوانه الثالث الذي يحمل عنوان (ونكتب في زمن الحزن). ونقدم للقراء رائعته عيناك والجرح القديم إجلالاً لذكراه العطرة، فقد كان وما زال شاعراً لا يشق له غبار، أوفى جميلات بلادنا حقهن من النسيب الشفيف وعلى وقع تشببه سار الركبان وتعلم العشاق والحبان فماذا قال محمد سعد دياب لجميلة الحي: وكنت أحدث عنك الدوالي وكنت أحدث عنك النهارا أحدثها عن عيون تتوه بهن الأماسي، وتمشي سكارى وشعر ترامى على الكتف يهفو لوعد المساء يضيق انتظارا وكنت أباهى بعينيك زهوا أطاول كل الوجود افتخارا كتبت لهن مقاطع شعر كضوء الصباح تشف اخضرارا وكان هوانا حديث الرواة سقيناه نبضاً وعشناه دارا نقشنا على كل نجم حروفاً لميعاد حب نقشنا الجدارا يهش المساء إذا نحن جئنا وتهفو الدروب تطل انبهارا ويسأل عنك عشب الطريق لكم أوحشته خطاك مرارا ولما افترقنا، ظننت هوانا لقد مات عمراً، ومات مزارا وألقاك بعد السنين، وآهٍ إذا ما صحا الشوق نبضاً ونارا وأعجب، ما غيرتك السنين ولا العمر من فوق نهديك سارا فلا زلت وجهاً يضيء، ونهداً يتيه غروراً، ويأبى الإزارا وخصلات شعرك مثل المساء رقدن على الكتف، تهن حيارى أحبك، ما كان عندي خيار وهل عند عينيك ألقى خيارا لتبقى عذاباً لنا الذكريات وتدمي الفؤاد إذا الشوق ثارا