ما بين العبارة التي أدلى بها الأمين العام للحركة الشعبية ورئيس الوفد المفاوض لحكومة جنوب السودان باقان أموم بعيد هبوطه في مطار جوبا، والتي حمل فحواها (نأمل أن نحل خلافات النفط خلال شهر أو اثنين) وبين الاتهامات المتبادلة بعد تضارب في الأنباء حول احتلال الجيش الشعبي لمنطقة هجليج تبدو عبارة أموم في طريقها إلى الذهاب أدراج الرياح لدى تعليق المفاوضات بين الطرفين إثر الحادثة، فمنطقة هجليح الواقعة جنوب كردفان تعد أحد الأركان الرئيسية في مدن الشمال بالمشتقات النفطية بإنتاج حقولها لما يتراوح مابين 55 - 58 ألف برميل يومياً، وهجليج التي تحتل أهمية اقتصادية كبرى عند الدولة بامتلاكها الحقول النفطية تضع النفط في الشمال في محك خطير بعد خروج الموارد النفطية الجنوبية واعتماد الدولة على الحقول في هجليج بمدن الشمال بالنفط الأمر الذي ينبئ بتأثر الإمداد النفطي بالشمال. إلا أن وزير الدولة بوزارة النفط إسحق بشير جماع قطع بعدم تأثر الإمدادات النفطية في الشمال بالهجوم الذي شنه الجيش الشعبي على منطقة هجليج، وأشار إلى أن الهجوم الذي حدث خارج دائرة المنشآت النفطية مؤكداً في تصريح خص به (الأهرام اليوم) التزامهم الكامل بالإجراءات الأمنية تجاه المنشآت النفطية، وكشف عن وجود ترتيبات لحماية المناطق النفطية بهجليج، وأكد أن الاشتباكات التي تمت تبعد عن المناطق النفطية الأمر الذي لا يؤثر عليها. وقال إن العمل النفطي بالمنطقة يمضي بسلاسة وانسياب، لافتاً إلى عدم تأثر الإمدادات النفطية بالشمال بالهجوم. وفي ذات السياق يؤكد وزير الطاقة الأسبق د. شريف التهامي ما قالته وزارة النفط بعدم تأثر الحقول النفطية في هجليج بالهجوم، مشيراً إلى أن الهجوم ليس بالقدر الذي يوقف إنتاج الآبار النفطية بالمنطقة، غير أنه في الوقت ذاته أبدى التهامي انزعاجه للصحيفة من الهجوم بسبب خلقه نوعاً من التوتر الأمني والخوف لدى العاملين بالقطاع النفطي وخلق حالة من الحذر في أوساطهم، لافتاً إلى أن الجنوب ليس لديه القدرة على السيطرة على قواته الأمر الذي يتسبب في خلق بعض الهجمات بمساعدة بعض الحركات المسلحة في دارفور، مؤكداً في الوقت ذاته على امتلاك الجيش السوداني قوة لحسم أي تفلتات في المناطق النفطية التي تشكل مواقع استراتيجية بالنسبة للدولة، وألمح إلى وجود تأثير للهجوم على المناخ الاستثماري النفطي الأمر الذي يستلزم معه خلق حالة من الاستقرار بمناطق الإنتاج ومنع بث حالات القلق بها. ووفقاً للتهامي فإن هجليج تمثل إحدى أهم الدعامات الأساسية لنفط الشمال، لافتاً إلى أن أية محاولة تخريبية بحقول هجليج ستعمل على تعطيل الإنتاج وإحداث زعزعة في الإمداد النفطي للشمال. وعن مدى تأثير الهجوم على المناخ الاستثماري النفطي العام في الشمال، قلل التهامي من ذلك منبهاً إلى أن المستثمرين لديهم معلومات قبل ولوجهم إلى هذا المجال، الأمر الذي يعمل على خلق نوع من التحفظات أو الموافقة قبل الاستثمار في المجال النفطي. من جانبه أكد وزير الدولة الأسبق بوزارة المالية والاقتصاد الوطني د.عز الدين إبراهيم أهمية هجليج في امتلاكها لآبار نفطية ومركز تجميع. ويرى أن فكرة الهجوم تقوم على تعطيل الاتفاق الإطاري متفقاً مع ما أدلى به جماع والتهامي في عدم تأثر الإمدادات النفطية بالهجوم الذي وصفه بالمحدود. وقطع إبراهيم في حديثه ل(الأهرام اليوم) بأن الاتفاق الإطاري والاتفاق على النفط نفعهما على دولة الجنوب أكبر من الشمال، موضحاً أن الشمال سيستفيد من الحريات الأربعة في جلب عمالة ماهرة للشمال في بعض القطاعات، إلا أنه قال إن الهجوم عمل على تعطيل هذه الاتفاقية بالإضافة إلى تعليقه لكافة الاتفاقيات الأخرى في النفط والتجارة بين البلدين بما يتطلب من الدولة بحث موارد أخرى غير تلك التي يمكن أن تأتي من خلال رسوم عبور وتصدير النفط من الجنوب، مؤكداً في الوقت نفسه أن الجنوب هو الخاسر من تعطيل هذه الاتفاقيات نظراً لاعتماده الكبير على النفط في موازنته العامة على الصعيد الاقتصادي، علاوة على تأثره على الصعيد السياسي بهز الثقة بينه وبين الوسطاء بعد رعاية كل من رئيس أثيوبيا مليس زيناوي والوسيط الأفريقي للاتفاقيات السابقة وقيام الجنوب بخرقها، لافتاً إلى أن ذلك سيعمل على هز الثقة بين حكومة الجنوب ومواطنيها في ظل المشكلات الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها الجنوب، من بطالة وتجارة معطلة وارتفاع كبير في أسعار السلع.