تعدي دولة جنوب السودان على منطقة هجليج النفطية السودانية دفع الدولة والبرلمان والجيش للإسراع بتنفيذ هجمات لصد الهجوم الغادر من الحركة الشعبية دفاعًا عن الأرض والمنشآت النفطية، ويمثل الوضع الاقتصادي المتعثر في كلا البلدين عاملاً مهمًا على الأرجح في نتيجة الصراع. ويبدو أن الجنوب لا يريد علاقات حسن الجوار بأي حال من الأحوال حتى بعد أن نال مبتغاه بالانفصال وما زال يضمر في جعبته كثير من الدمار والحرب وسوء العلاقات للسودان.. والهجوم على هجليج ذكرني بحديث سابق لوزير النفط الأسبق د. لوال دينق عن أحلامه بالرباط بين الشمال والجنوب عبر النفط، وشدد وقت ذاك على أهمية عمل السياسين لاستقرار مناطق التمازج لجهة أن إنتاج النفط يأتي منها، ودعا للتعاون لتنمية أرض السودان الكبرى على حد تعبيره وقال «هذا ليس وقت القتال أو اللوم بل وقت العمل».. وأعرب عن تفاؤله بإمكانية زيادة احتياطي النفط في حقلي هجليج والوحدة مقدرًا الاحتياطي بحقل هجليج ب «90» مليون برميل، واحتياطي حقل الوحدة «170» مليون برميل، ولكن هيهات من تحقق تلك الأماني والشاهد تكرار الاعتداء على هجليج من الحركة الشعبية وتواصل حلقات الاستهداف والتآمر بدلاً من التعاون بين البلدين نفطيًا ولعل سبب الهجوم الذي وصفه الخبراء بأنه ليس من صُنع حكومة الجنوب وحدها وإنما هي أجندة دولية ليس الغرض منها هزيمة الجيش السوداني وإنما كرت ضغط لزيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية على حكومة الشمال. وقبل فترة وجيزة بشّرت وزارة النفط بإمكانية زيادة الاستخلاص النفطي.. وكشفت عن مخزون السودان من النفط بباطن الأرض يقدر ب «17» مليار برميل وأوضح مدير إدارة الاستكشاف بالوزارة أزهري عبد القادر أن مخزون حقل هجليج يصل إلى «982» مليون برميل موضحًا إمكانية زيادة الاحتياطي في الحقل إلى «9» ملايين برميل. وبما أن هجليج تتبع للشمال وتتوفر بها حقول ومنشآت نفطية سعت وزارة النفط جاهدة بث تطمينات حول عدم تأثر الإمدادات النفطية بالهجوم وأنه خارج دائرة المنشآت النفطية قطعت بأن العمل النفطي بالمنطقة يمضي بسلاسة وانسياب بيد أن عددًا من الخبراء الاقتصاديين وصفوا الهجوم على هجليج بأنه استفزاز للحكومة ومزيد من الضغوط الاقتصادية وليس من أجل المكاسب العسكرية وإنما لزعزعة البنية التحتية، والسيطرة على المنطقة الغنية بالنفط والمستقلة بواسطة الشمال بعد حرمانه من نفط الجنوب وإحكام الحصار عليه وإيقاف ضخ النفط. ورأى مراقبون أن الهجوم متوقع والهجمات ليست صنيعة حكومة الجنوب وحدها وإنما خطة محكمة وأجندة خارجية ليس الغرض منها هزيمة الجيش السوداني وإنما مزيداً من الضغوط الاقتصادية على السودان حتى تدفع حكومة الشمال مزيدًا من التنازلات خاصة أنها تقع تحت ضغوط دولية هائلة وحصار اقتصادي واعتبروا الهجوم حلقة من حلقات التضييق ضد حكومة الشمال. وفي ذات الوقت أعلنت القوات المسلحة السودانية عن سيطرتها على حقول النفط في منطقة هجليج بنسبة «100%» وذهب الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك في تصريح سابق ل «الإنتباهة» بأن الهجوم على المنطقة سينعكس على النشاطات المختلفة الخاصة باستخراج البترول وإعداده للتصدير، بجانب تأثير العاملين بالقطاع النفطي وتوقف نشاطهم عن العمل، مشيراً إلى الآثار السلبية للمنطقة في مجال خدمات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالنفط والمواطن.. وقال هجليج منطقة ذات نشاط اقتصادي كبير وأي هجوم أو حرب عليها سيؤثر حتمًا.. وحذر الخبراء من الآثار المترتبة على الهجوم على منطقة هجليج، داعيين لضرورة استردادها قبل أن تتعرض للتخريب من قبل المتمردين الذين يهدفون من خلال ذلك لتعطيل عجلة اقتصاد البلاد خاصة أن منطقة هجليج تنتج حوالى «55» ألف برميل يومياً، منبهين لخطورة أن يستغل البعض هذه المشكلة لإحداث أزمة مفتعلة بزيادة الطلب على الوقود، يذكر أن الإنتاج الفعلي للنفط كان حوالى «600» ألف برميل يومياً قبل الانفصال، وكان «85%» يأتي من الجنوب وتراجع بعد الانفصال إلى «120» ألف برميل يومياً، نصيب الشمال منها «55» ألف برميل يومياً، وكان من المتوقع أن يرتفع الإنتاج بعد تشغيل الحقول التي كانت معطلة بسبب التوترات في المنطقة وزيادة الاستثمار في التنقيب إلى «180» ألف برميل بنهاية العام «2012م»، وإلى «320» ألف برميل يومياً بنهاية «2030م».