من القوانين القديمة التي تنسب لأحد الملوك القدامى، ذلك القانون الذي يحدد بأن تكون العقوبة من جنسها.. فالذي يكسر سنَّك يعاقب بكسر سنه. ومن يفقأ عينك، تُفقأ عينه وهكذا. فالسنُ بالسنِ والعينُ بالعينِ وهلمجرا.. وأجرى الإسرائيليون خاصة عند تعاملهم مع الفلسطينيين والعرب تعديلاً كبيراً على هذا القانون، فالسن ليست بالسن، وإنما بالعين.. فعندما يقتل الفلسطينيون إسرائيلياً بعد عملية فدائية، فإن إسرائيل ترد بطلعة جوية يلقى خلالها عشرات الفلسطينيين حتفهم. وكان من نتائج ذلك وبعد عقود من الصراع العربي الإسرائيلي أن خفتت وتيرة الكفاح الفلسطيني المُسلَّح، بل إن كبرى حركات المقاومة الفلسطينية فتح تخلت عنه واستبدلته بالكفاح السياسي.. فالأسنان الإسرائيلية الكثيرة التي كُسرت تم إيجاد بدائل لها سواء بالزراعة أو تركيب الأطقم. أما الأعين الفلسطينية التي فُقِئت، فقد اختفت أو تعطلت إلى الأبد وضاعت معها القدرة على الإبصار. وفي عام 1945م عند خواتيم الحرب العالمية الثانية، كان إلقاء الأمريكيين لقنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين تنفيذاً لسياسة السن بالعين وليس بالسن كما ورد في ذلك القانون القديم من قوانين الزمن الغابر. فالاعتداء على بيرل هاربور وكل ما اقترفه اليابانيون من قتل وتدمير في الحرب العالمية الثانية، أخف كثيراً من هول القنبلتين الذريتين اللتين أُلقيتا على المدينتين اليابانيتين لكنهما في نفس الوقت كانتا سبباً قوياً جعل اليابانيين يلقون السلاح ويستسلمون استسلاماً كاملاً، كان مثل كل الاستسلامات التي سبقته وتلك التي جاءت بعده مُذلاً مهيناً. ومن هنا وحتى لا تتكرر الاعتداءات الجنوبية على السودان، فإن البعض يرون أن يكون التعامل معها بتطبيق سياسة السن بالعين. فعندما يحتل الجيش الشعبي هجليج يكون الرد باحتلال واو أو ملكال أو جوبا أو ولاية الوحدة. وإذا ما حدث ذلك فإن الحركة الشعبية التي تسيطر على الجنوب سوف تفكر ألف مرة قبل شروعها في أي عدوان على السودان، ويتحقق بالتالي السلام والأمن والاطمئنان. والتحية دوماً للجيش البطل، الذي يجب أن نوقره وأن نعرف أن بقاءنا واستمرارنا شعباً واحداً في هذا الوطن المقدس يستلزم أول ما يستلزم أن يكون الجيش قوياً رادعاً وأن تكون له دواماً الأولوية.. ولن يخذل الجيش شعبه العظيم.. ولن يقصر الشعب في تلبية كل احتياجات جيشه البطل