* المصائب لا تأتي على الخارجية السودانية فرادى!!.. قبل أن يفيق الدبلوماسيون السودانيون بالداخل والخارج من تداخل الاختصاصات وتباعد وتنافر لغة الخطاب السياسي بالدولة؛ قبل أن تفيق خارجيتنا من هذه (الربكة)، ها هي تواجه معضلة نحتاج فيها إلى وقت ليس بالقصير حتى نتعافى من الشروخ التي أحدثتها وستحدثها!! * قبل أن نعرض لموضوعنا في عنوان الزاوية؛ أحيل القارئ الكريم إلى تصريح مهم للسفير عمر دهب مدير إدارة الأزمة بالخارجية السودانية، نشرته نقلاً عنه صحيفة (السوداني) الغراء في عددها الصادر يوم أمس وفيه يقول السفير: (إن ما تم عرضه من صور للجنود القتلى من دولة جنوب السودان لا يمثل سياسة الدولة لأن الدولة تلتزم بنصوص القانون الدولي التي تنظم مثل هذه الحالات.. وقال السفير إن ما عرض من صور في بعض وسائل الإعلام الحكومية لجثث مقاتلين يتبعون لدولة الجنوب لا يمثل سياسة الدولة ورفض الربط بين الاثنين).. أ. ه.. والمعنى أن السفير يرفض ربط عرض صور الجثث في تلفزيون الدولة الرسمي بسياستها الخارجية التي تحترم المواثيق الدولية في هذا المجال!! * تصريحات السفير دهب جاءت على خلفية الأسئلة الحرجة التي طرحتها منظمة الصليب الأحمر حول أسباب عرض صور الجثث على شاشة تلفزيون السودان.. وبعيداً عن أسئلة منظمة الصليب الأحمر (الملفوفة) بالغرض علينا أن نسأل أنفسنا كمهنيين في مجال الإعلام: (هل كان عرض الصور متسقاً مع الشروط المهنية لعرض الصورة عبر الشاشة؟).. مجرد سؤال لا يلغي اجتهاد من يقول: إنها الحرب!!.. لكننا نقول أيضا إن للحرب (أخلاقاً) وقواعد لا يجب انتهاكها..!! * من يتابع عرض هذه الصور في قنوات وفضائيات أخرى يلحظ كثافة الاستغلال السيئ لها باعتبارها جزءاً من حملة السودان المسلم لإبادة الجنوب المسيحي حتى بعد انفصال دولته!!.. يحدث هذا في ظل غياب تام لوجهة النظر الرسمية التي جاءت اعتذارية كما قال بذلك السفير عمر دهب!! * صورة أخرى تتداولها الآن مواقع إلكترونية كثيرة.. صورة حرق الكنيسة الإنجيلية في مدينة الجريف.. الحدث يحتاج إلى دراسة عميقة تجمع أسباب تنامي ظاهرة الغلو والتطرف في التعامل مع مخالفينا الرأي في الدين أو السياسة أو المعتقد.. ليس من منهج الدين الإسلامي ولا مقاصد الشريعة إلغاء الآخر والتحريض عليه.. عندما ودع سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه جيش أسامة قال له مشدداً الوصية: (إنكم ستمرون على أقوام فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).. * ليس سراً القول بتنامي ظاهرة التطرف الديني في منابرنا ومساجدنا.. وليس سراً القول بتمدد هذا الخطاب المتطرف وتأثيره على مواقع في صناعة القرار بالدولة.. ما نطلبه الآن ونرجوه أن تتم دراسة الظاهرة بصورة أكثر جدية.. حسناً فعل معتمد محلية الخرطوم وهو يشكل لجنة لمباشرة التقصي حول الأحداث.. وما نلاحظه أن الأخ المعتمد أوكل رئاسة اللجنة لنائب المدير التنفيذي بالمحلية.. إن كان لرئيس اللجنة من المؤهلات والقدرات ما يمكنه للسير في التحري والتقصي والتوصل إلى نتائج إيجابية بأعجل ما تيسر؛ فبها ونعمت.. وإن كان الأمر غير ذلك فليس أمامنا غير المطالبة بترفيع اللجنة إلى مستوى أعلى.. فالمتربصون وأعداء التعايش الديني كما أسماهم المعتمد سيسددون ضربة أخرى لتعايشنا الديني في السودان.. هذا ما نخشاه.. * لا يستشعر كثيرون نعمة أن تكون البلاد آمنة من غلواء التطرف الديني وسالمة من بغضاء التحرش بدور العبادة.. وحتى ينعم الله علينا بنعمة الاستقرار هذه علينا تشديد الدعوة إلى احترام ما تبقى من ممسكات الوحدة الاجتماعية والدينية لوطن أثخنته جراح الحرب في أطرافه.. وها هو يدفع ثمن التطرف في عمقه!!