قبل التاسع من يوليو من العام الماضي؛ دفعت وزارة النفط بتطمينات عبر الوزير وقتها لوال دينق لكافة العاملين بقطاع النفط بحفظ حقوقهم، وأكد على عدم تضرر أحد من العاملين جراء الانفصال، غير أن تطمينات الوزير المعروف بميوله الوحدوية آنذاك ذهبت أدراج الرياح، فمنذ إعلان الانفصال ظل العاملون بالقطاع عُرضة للطرد من قبل حكومة الجنوب، فلم تمر ثلاثة أشهر منذ أن قامت حكومة جنوب السودان بطرد مدير شركة (بترودار) بعد اتهامه بالتعاون مع الخرطوم لسرقة نفط الجنوب. الحدث كان له وقعه في الأوساط السياسية والاقتصادية ولا يزال يقبع في الأذهان وسرعان ما جددَّت جوبا فعلتها بعد أن أمرت عدد (154) عاملاً في ذات الشركة بالخروج منها، غير أنهم في هذه المرة كان ذنبهم أنهم يحملون الجنسية السودانية، وإن كان في المرة الأولى استطاعت أن تُبرر فعلتها على لسان الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم بأن عدم تعاون رئيس الشركة مع الحكومة تسبب في استبعاده والمطالبة بتعيين رئيس جديد. إلا أن حادثة الطرد الأخيرة وإن لم تعلن أسبابها حتى الآن، ما هي إلا عبارة عن رد فعل تستتر داخله مسببات سياسية بعد أن جرت مياه كثيرة تحت الجسر، فلم يكن قرار حكومة الجنوب بإيقاف إنتاج النفط الأول، ولن يكون الهجوم على (هجليج) وتخريب المنشآت النفطية هو الأخير، فما زالت في حقيبة الطرفين الكثير من أدوات الحرب حول النفط، وها هي جوبا تتخذ موقفاً بطرد سودانيين يعملون بشركة (بترودار) كرد فعل مباشر على الأحداث السياسية، الأمر الذي يجعل الأنظار تتجه للطرف الآخر لمعرفة رد فعله على الخطوة. إلا أن وزارة النفط تستبعد وجود رد فعل من قبلها، الأمر الذي يؤكده وزير الدولة بوزارة النفط إسحق آدم بشير جماع بعدم وجود رد فعل من وزارته تجاه العاملين الذين تم طردهم بواسطة حكومة الجنوب، مبرراً ذلك بأن شركة (بترودار) تتبع إلى حكومة الجنوب، واعتبر في تصريح خص به (الأهرام اليوم) أن ذلك شأن خاص بحكومة الجنوب، وأوضح أن هنالك عدداً من العاملين الذين طردوا تم إيقافهم من العمل بعد توقفهم عن العمل، مشيراً إلى أن شركة (بترودار) تعمل في حقول تتبع بنسبة 100% للجنوب، وأكد على تولي الشركة الإيفاء بحقوق العاملين. وعن علاقة شركة (بترودار) مع حكومة الجنوب، قال جماع إن وضع الشركة يختلف عن الشركات الأخرى العاملة في الجنوب، مستشهداً بشركة النيل الكُبرى التي تتكون من أربع شركات ذات أصول صينية وهندية وماليزية، بالإضافة إلى الشركة الوطنية (سودابت)، منوهاً إلى أن شركة النيل تعمل في مربع (1) الواقع في ولاية الوحدة ومربعي (2،4) اللذين يقعان في منطقة هجليج. وأكد أن التباين بين شركتي بترودار والنيل يأتي في حال قيام حكومة الجنوب بطرد الشماليين العاملين في شركة النيل، فإن الشركة باستطاعتها أن تعمل على تحويل العاملين في الحقول التابعة للشمال خلاف شركة (بترودار) التي لا تملك حقولاً في الشمال حتى يعمل فيها المفصولون من الشركة بالجنوب. وجدَّد جماع تأكيده بعدم التدخل في شأن حكومة الجنوب الخاص. مصادر من داخل شركة (بترودار) اعتبرت عملية الطرد خطوة متوقعة من جانب حكومة الجنوب، وكشفت ل(الأهرام اليوم) عن بدء الجنسيات الأخرى العاملة بالشركة في سحب منسوبيها. وعن العاملين الذين قامت حكومة الجنوب بطردهم، قالت المصادر التي فضلت حجب اسمها إنها تتوقع من وزارة النفط رداً في هذا الشأن، لجهة أن الشركة عبارة عن اتحاد شركات تعمل لصالح حكومة السودان، وألمحت في ذات الوقت إلى وجود اتجاه لإيقاف عمل الشركة بالجنوب. وزير الطاقة الأسبق شريف التهامي يعتبر أن عملية طرد العاملين السودانيين بشركة بترودار تأتي في إطار آثار الهجوم على هجليج، إلا أنه في ذات الوقت توقع أن تهدأ الأمور إبان زيارة رئيس حكومة الجنوب إلى الصين، ودفعه بطلب للتوسط بينه وبين السودان للرجوع إلى التفاوض، بالإضافة إلى حديث كرتي بعدم الممانعة في العودة إلى طاولة التفاوض مرة أخرى. وأبلغ التهامي (الأهرام اليوم) أن هناك أصواتاً بدأت ترتفع للعودة إلى طاولة التفاوض مرة أخرى، وألمح إلى أن التصرفات التي تقوم بها حكومة الجنوب تجاه شركات النفط وعامليها ماهي إلا عبارة عن أفعال تهدف إلى التخلي عن كافة الشركات التي كانت تعمل بالجنوب قبل الانفصال، والاتجاه نحو الشركات الغربية، مؤكداً أن حكومة الجنوب تحاول منذ فترة الذهاب في هذا المنحى إلا أنها لم تجد الطريق ممهداً نحو الهدف الذي ترجوه، وأكد أن حكومة الجنوب تسعى منذ فترة إلى إنهاء العقود المبرمة مع الشركات القديمة.