* من الأشياء التي أظل أفتخر بها جداً في هذه المهنة، وكدت بأخمص قلمي أطأ الثريا، ثلاث مكالمات على فترات متفاوتة من البروفيسور علي شمو، رجل الإعلام الأشهر في السودان، وذلك على إثر ثلاث مقالات. كنت بعد كل مكالمة أشعر كما لو أنني أضيف سطراً غالياً لسيرتي المهنية، وأن يشهد لك رجل في مقام البروف شمو، رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، فلا تبحث عن شهادة أخرى. * منذ فترة قليلة رأى «مُلاك صحيفة الأهرام» بالتشاور مع رئاسة تحريرها، رأوا أن يُصعِّدوا «صاحب الملاذات إلى درجة «مستشار تحرير» وذلك لتقديرات مهنية يعرفونها. ثم ذهبوا مباشرة ليزفوا هذا النبأ إلى جمهور القراء، ثم ليلحقوا اسمي بترويسة الصحيفة. وفي تطوِّر لاحق وخطوة مهنية طلب المجلس القومي للصحافة والمطبوعات «شطب اسمي» وتأجيل هذه الخطوة ريثما يتم التصديق عليها من قِبل المجلس، غير أن المجلس وفي مرحلة لاحقة وبعد النظر في مسيرة الملاذات والمستندات، رأى بعدم منح هذا اللقب لشخصي الضعيف». * تمنيت لو أن ذاكرة المجلس الموقَّر، غير الأوراق التي أمامها لو نظرت في العطاء المهني لصاحب الطلب، كأن يكون هنالك رصد مهني عن فعالية الصحافي خلال الفترة التي قضاها في هذا الحقل، لأن الذين يحملون مستندات هذا الضرب الآن هم عشرات الألوف. فعلى قدر اتساع كليات الإعلام في جامعات ثورة التعليم العالي، تتسع هذه المخرجات سنوياً. لكن يظل محك هذه المهنة في العطاء والثبات. فتاريخ هذه المهنة لن يخلِّد اسماً خاملا،ً ولم يصنع رسماً إلا للذي يفرض نفسه. وكنت أقول دائماً إن هذه المهنة لا تحتمل أي «عاطل عبقرية» وأنها جديرة بأن تلفظ خبثها فيمكث على أوراقها ما يفيد. * فالصحافي يبدو كما لو أنه منتخب من قِبل جمهور القراء. فالجماهير كل صباح تنزل إلى «مكتبات الصحف» لتمارس انتخاباً نظيفاً، فإذا ما ظل الكاتب الصحافي لأكثر من عقد من الزمان في «برلمان الصحافة» الذي يعاد انتخابه يومياً، فأعلم أن هذا الصحافي جدير بالاعتراف من قِبل «الجهات الرسمية» المهنية. فالقول ما قال به جمهور القراء. * وصاحب هذه الملاذات هو واحد من خريجي مدرسة الأستاذ حسين خوجلي، مدرسة الألوان التي تقع تحت قبضتها الآن ربما معظم العملية الصحافية، فهنالك أكثر من خمسة رؤساء تحرير وعدد مقدَّر من المستشارين والكُتَّاب والمحررين هم من منسوبي هذه المدرسة المميزة، الجامعة الأهلية المفتوحة. أرجو أن تكون مخرجاتها صدقة في ميزان الأخ العزيز الأستاذ حسين خوجلي، والذي هو وحده أغلبية. * وبعد ألوان، كانت مدرسة آخر لحظة على صاحبها ومؤسسها المرحوم حسن ساتي الرحمة والغفران. وأذكر في أحد أيام آخر لحظة دخل علينا الأستاذ ساتي، فسلَّم علينا فرداً فرداً، ولما جاء دوري قال «سلام عليك يا صاحب القلم الرشيق». فقلت لمن حولي ألا تشهدون؟! ثم كانت مدرسة (الأهرام اليوم) المميزة والتي كانت خلاصة لكل التجارب السابقة. * و«صاحب الملاذات» ليس بدعاً من الزملاء الآخرين الذين وفدوا إلى هذه المهنة برغبة ورهبة، فمنهم المهندس عثمان ميرغني، مهندس الحواسيب ومهندس الطرق والكباري إسحاق فضل الله، ومثلهم كثير. لكن لم أعد مصرفياً منذ سبعة أعوام وهي الفترة التي أخذت فيها «السِّجل الصحافي»، ومن ثمَّ نلت عضوية الاتحاد العام للصحافيين السودانيين. ومنذ أن أدخلت دهاليز هذه المهنة، لم أمثل في أي من المحاكم المهنية في قضية تخل بالأمانة أو بالأمن أو الخيانة أوالشرف حتى في أقل مستوياتها. * فضلاً عن أن هذا السودان يحتمل هذا الثناء، وهذه الاستثناءات ألم يدخل القصر الجمهوري يوماً المناضل مناوي أستاذ مرحلة الأساس في وظيفة «كبير مساعدي رئيس الجمهورية»؟ ألم يحتمل السودان وحكومته ازدواجية أن يكون الأستاذ العبيد أحمد مروح سفيراً بالخارجية وهو في ذات الوقت أمين عام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات وهو يومئذ بكامل أهليته وهو ذاته رئيس اللجنة التي قضت بعدم جواز مستشاريتي؟. * ومن المفارقات أن جهة سيادية إستراتيجية إنقاذية قد انتخبت «الملاذات» بأنها مؤهلة ضمن قلة لحمل لواء خطتها المحورية. مفارقة تفضي إلى جدلية ذلك المثل «ساعدوه في قبر أبوه دسَّ المحافير»! لا أعرف حكومة لها عبقرية في صناعة الأعداء مثلما تفعل الإنقاذ يومياً، لقد خسرت الإنقاذ بالأمس السيد مسار ومعظم الرزيقات. فماذا يزن الفقير لله أبشر الماحي؟. * وأخيراً سيدي سعادة البروف، أصدقكم القول بأنه قد استوى عندي «ذهب الإنقاذ وحجارتها»، غير أني أنفق هذا المقال لأجل الذين تورَّطوا في تهنئتي بما لم أكن أهلاًٌ له، وفق رؤية الأخ السفير العبيد المروح. أما مكانتي عند «إدارة الصحيفة» وذاكرة القراء فلا أظنها تحتاج لهكذا إجازة.. ودمتم