فاجأ والي القضارف كرم الله عباس الشيخ، أعضاء حكومته بقرارٍ حل بموجبه أمس (الخميس) حكومة الولاية، معلنا إعفاء جميع الوزراء والمعتمدين من مناصبهم من غير أن يوضح أسباب الخطوة. وعلمت (الأهرام اليوم) أن الوالي اتخذ القرار بعد أن عاد من الخرطوم الليلة قبل الماضية، وأشارت مصادر واسعة الاطلاع إلى خلافات وقعت بين كرم ووزير المالية وصلت إلى حد الملاسانات الحادة على خلفية ملاحقات الوالي المتكررة للوزير للوفاء بمستحقات مالية للولاية بطرف المركز. وصوب والي القضارف انتقادات لاذعة للحكومة المركزية ونعتها بالقبلية والجهوية والعنصرية، وقال كرم الله مخاطباً حشداً جماهيرياً بالقضارف أمس عقب إصداره قرار حل حكومة الولاية، قال: «إن الحكومة المركزية تتعامل في إدارتها لشؤون البلاد بمعايير الكيل بمكيالين وفقاً لأسس المحاباة والمحسوبية»، ووصف شعار الجمهورية الثانية بأنه يشتمل على ذات «الأوساخ والأدران والشعارات الجوفاء للفترة السابقة» - على حد تعبيره - مطالباً الحكومة المركزية بالاغتسال سبعين مرة على غرار ما كانت تطلبه من المعارضة سابقاً، وقال إنه ينتظر مستقبلاً بائساً في المرحلة المقبلة بسبب انهيار وتدني مؤسسات الحكم التنفيذية والمدنية والسياسية والتشريعية، وانتشار الفساد والمحسوبية في مفاصل الدولة. ودعا الحكومة الاتحادية لأخذ العبر والاتعاظ من انهيار الجبابرة والطغاة وسقوطهم في ثورات الربيع العربي، واتهم المركز بمحاولة خنق حكومته بعدم دفع مديونيات واستحقاقات الولاية على المركز بهدف إيقاف برنامجه الإصلاحي في الولاية، إلا أنه استدرك مؤكداً قدرة ولايته على تجاوز تلك التحديات. ونبه إلى أن قضيته مع المركز هي قضية حقوق، وقال: «إن صبر أهل الولاية قد نفد في مطالبتهم بحقوقهم من المركز»، وهدد بتمرد أهل الولاية إذا تمادى المركز في هدر حقوقهم. ودعا كافة قوى المعارضة بالولاية لتكوين حكومة وحدة وطنية عريضة، وقطع كرم الله بعدم تقديمه لاستقالته، وقال إنه سيقود حكومة الولاية من أجل مكافحة الفساد والمفسدين والمحافظة على حقوق الفقراء والمزارعين والضعفاء ومرضى الكلازار.. وتابع أنه لن يركع لغير الله ولن ينكس الراية التي رفعها من أجل حقوق أهل الولاية. ورفض كرم الله ربط حله لحكومة الولاية بعدم إيفاء المركز بتوفير العربات الخاصة بالدستوريين بالولاية. ووصف الوالي بعض القيادات النافذة بالمركز بأنها جاءت إلى الحكم من الريف «مفقرة» و»مشعثة»، لكنها تجبرت حينما امتلكت زمام الأمور وتمتعت برغد العيش والسكن في الأحياء. وطالب كرم الله رئيس الجمهورية ونائبيه بالتنحي إذا لم يستطيعوا قيادة البلاد في المرحلة المقبلة. إلى ذلك أرسل المؤتمر الوطني وفداً رفيع المستوى برئاسة أمين أمانة الشرق الدكتور الشريف أحمد عمر بدر لتقدير الموقف، وبحث أسباب المشكلة وحيثياتها، وقال أمين الإعلام بالوطني الدكتور بدر الدين أحمد عقب اجتماع طارئ للقطاع السياسي: «إن الوفد سيعود اليوم إلى الخرطوم ويرفع تقديراته للقيادة التي ستقرر بشأن ما قام به والي القضارف»، وقطع بأن جميع الترتيبات تجاه الوالي ستتم عبر المجلس التشريعي بولاية القضارف.