التلوث البيئي من همومنا ونعمل على الحد من إنشاء مصانع وسط الأحياء المضاربون يستغلّون الفرصة للتربّح على حساب المواطن البسيط أساليب الغشّ التجاري والتّلاعب بالأسعار، تكدّس الأسواق بسلع منتهية الصلاحية تجد حظّها على قارعة الأسواق بصورة تدعو لقلق المواطن البسيط - خالي الذهن عن أيّ مخاطر صحيّة تتربّص به – واكتشافه للمسألة بعد فوات الأوان بعد تناوله السمّ المغلّف بالدسم. تماسيح السوق المتاجرون بقوت المواطن والمضاربون بأرواح الفقراء والمعدمين. هذه القضايا وغيرها تناولتها (الأهرام اليوم) في جلسة ملؤها الصدق والمكاشفة مع وزير التنمية الاقتصاديّة وحماية المستهلك د. علي الجيلاني فضل، الذي أفرد لنا هذه المساحة من وقته وقلبه مبتدراً حديثه بالقول إنّ التحوّلات الاقتصاديّة التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية اقتضت ضرورة إنشاء وزارة للتنمية الاقتصادية لتقوم بالدور المنوط بها حمايةً للمستهلك من أساليب التحايل والغشّ التجاري للمواطن البسيط، فضلاً عن حمايته من جشع التجار الذين يقومون من وقت لآخر ببيع سلع ومنتجات بأسعار مضاعفة للتكسّب على حساب ذات المواطن البسيط.. معاً نتابع بقيّة ما طرحه من حلول وحصيلة مخرجات هذه المكاشفة. وضعنا الإجراءات اللازمة لحسم الممارسات الخاطئة والمتلاعبون بقوت المواطنين تنتظرهم عقوبات رادعة تمّ إيقاف عدد من مصانع تعبئة السكر * أجندة ومهام الوزارة للمرحلة القادمة، ماذا تحمل؟ - هناك مهام ودور كبير ستعمل من خلاله الإدارات المختصة التي تم إنشاؤها لضبط ومراقبة حركة الأسواق من كلّ هذه المخاطر. هناك زيارات من الإدارات المختصّة لجهات عدة من خلال الحملات المكثّفة لضبط الأسواق من الغشّ التجاري، وبيع سلع منتهية الصلاحية أو إخفاء بعضها مثل السكر المدعوم من قبل الدولة حتى يصل إلى المواطن بسعر مناسب، وغيرها من المهام. فالتّصدي للمتلاعبين بقوت المواطن يحتاج لقوانين رادعة يتوقّع صدورها قريباً وحقيبة الوزارة ما زالت ممتلئة بالخطط والبرامج. * إذن ما هي أهم ملامح الخطط الموضوعة لتحقيق هذه الأهداف، سيّما وأنّ وزارة التنمية الاقتصادية وحماية المستهلك منوط بها التصدي لقضايا بهذه الأهميّة وترتبط مباشرةً بحياة المواطنين المعيشية؟ - أريد أن أشير إلى أنّها أوّل مرة يتم من خلالها تسمية وزارة تهتمّ بالمستهلك. المهام الموكلة للوزارة كبيرة خاصّة الجزء المعني بحماية المستهلك فهي إدارة مستحدثة تضمّ الجانب الإنتاجي والاستهلاكي؛ الإنتاجي مقسّم إلى حرفي وصناعي وزراعي، ولتفعيل دور الوزارة لا بد من التعاون والتنسيق مع الجهات الأخرى المعنيّة في الصناعة والتجارة والتعاون والتخطيط الاقتصادي ومفوضية الاستثمار، وهناك ملفّات عدة للوزارة، الجزء الأهم شؤون المستهلك. وهناك خطط وبرامج مشتركة مع هيئة المواصفات والمقاييس والأجهزة الأمنيّة ونيابة حماية المستهلك وجمعية حماية المستهلك ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك الأجهزة الإعلامية المختلفة. هذه المنظومة المتكاملة نعمل معها للخروج برؤية واضحة في المرحلة القادمة لتحقيق الأهداف الموضوعة. * إذن ما هو المطلوب من المستهلك والمستورد؟ - لا بدّ أن يعلم المستهلك أنّ لديه حقوقا ولكن أيضاً عليه واجبات. نحن نعمل بالتنسيق مع عدد من الجهات لحماية المستهلكين ومراعاة مصالحهم والدفاع عن حقوقهم والتشجيع على الانخراط في العمل التطوعي لإقامة العديد من الأنشطة التي تسهم في زيادة وعي المستهلكين ومراقبة الأسواق عبر الجهات المختصة بحماية المستهلك وغرس مفهوم ثقافة المستهلك والسعي لوضع التشريعات الخاصة بحماية المستهلك بحيث تتضمن مجموعة من القواعد التي تجنّبه حيازة وشراء السلع المقلّدة والمغشوشة والاتجار بها والترويج لها. من جهة ثانية يجب إلزام المستورد بوضع اسمه على المواد الغذائية والاستهلاكية وتنظيم بعض القطاعات لأن نشر ثقافة المستهلك هو جزء من منظومة كاملة وشاملة، يحتاج إليها الإنسان ليعيش حياة صحية ويتناول سلعة بسعر مناسب. * السكر صار هاجس (محمّد أحمد) الدائم.. بدون أيّ مبررات تحدث قفزات بين الفينة والأخرى في أسعاره. نودّ أن نتعرّف على الجهود التي ستقوم بها الوزارة للحدّ من التجاوزات التي تحدث من قبل بعض مصانع التعبئة وغيرها من الفئات؟ - صحيح السّكّر من أكثر السّلع التي يحدث تلاعب في أسعارها وهناك مضاربون يستغلّون الفرصة للتربّح على حساب المواطن البسيط، ولكن الآن نحن وضعنا الإجراءات اللازمة لإيقاف الممارسات الخاطئة وستكون هناك عقوبات على المتلاعبين، وسيتم حرمان أي مصنع تعبئة أو وكلاء توزيع لم يلتزموا بالإجراءات الموضوعة وحرمانهم من الحصة المقررة. فعليّاً تم إيقاف عدد من مصانع تعبئة السكر لعدم التزامها بتسليم كميات السكر المسموح بها المقدرة ب(100) طن أسبوعيا للمحليات، وتم إبلاغ شركتي كنانة والسكر السودانية لإيقاف تسليم المصانع المخالفة للحصص المقررة عطفاً على القرار الصادر من آلية توزيع السكر وأيّ مصنع تعبئة لا يلتزم بتسليم الحصة في الموعد المحدد تسحب منه الحصة وتسلم للمصانع الملتزمة. هناك أيضاً فساد وتلاعب كبير في سلعة السكر من بعض التجار الذين يسعون للتخزين والاحتكار، وخلق ندرة لتحقيق أرباح إضافية رغم توفر السلعة، لذلك سيتم اتخاذ إجراءات عقابية وسيتم حرمانهم من مزاولة هذا العمل مرة أخرى ليصل السكر بالسعر الرسمي المعلن وهو (34) جنيهاً للجوال زنة (10) كيلو، والوزارة ستواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدّي للتجاوزات التي تحدث في مختلف أنواع السلع الأخرى كما إنّ الحملات التفتيشيّة التي قامت بها الإدارة العامة لشؤون المستهلك أثمرت عن مخالفات عدة وتم فتح بلاغات في مواجهة (90) من وكلاء توزيع الغاز لعدم التزامهم بالأسعار المعلنة كما أسفرت الحملات على المواقع التجارية عن ضبط (45) عينة من السلع الفاسدة، والحملات لضبط المتلاعبين بقوت المواطن نؤكد أنّها ستستمر. * إذن ما هي الفلسفة الموضوعة والإطار النظري الذي تتحرّكون على هداه لحماية المستهلك من التلاعب؟ - لدينا ثلاثة مرتكزات (احمِ)، (اخدم)، (ثقّف). فأوّلاً لا بد أن أعلم المجتمع بحقوقة - أي حماية حقوق المستهلك - ومن أهم هذه الحقوق حق الأمان، يعني حماية منتجاته وخدماته من خلال متابعة عملية الإنتاج التي تؤدي إلى مخاطر صحية تهدد حياته. كذلك لا بدّ من المحافظة على حق المعرفة وتزويد المستهلك بالحقائق التي تساعده على الاختيار الصحيح للسّلع والمنتجات بعيدا عن الإعلانات المضللة، كما إن واجبنا هو مساعدة المستهلك في التمييز بين مختلف السلع وتوعيته كي لا يقع ضحية الدعاية المضللة لذلك دائماً ما نعوّل على الإعلام الذي يلعب دوراً أساسياً في حقّ الاختيار للسلعة الجيّدة، وتقديم الخدمات بأسعار مناسبة. دور الإعلام تحديداً يمكن استقراؤه عبر عمليات توعيته للمستهلك بأنّ ارتفاع سعر سلعة ما لا يعني بالضرورة أنها جيدة، والتنبيه الدائم بأنّ حق الاختيار من الحقوق التي يجب أن نحافظ عليها ليستطيع المستهلك اختيار السلع والمنتجات التي تعرض بأسعار تنافسية مع ضمان الجودة ومحاربة الاحتكار لذلك لابد من إتاحة الفرصة للمستهلك في حرية اختيار السلع من خلال توفيرها بأسعار واضحة ومعروفة ومعبأة بطريقة جيدة وكذا الاستماع لآرائه من خلال الشكاوى التي تقدّم وأن يكون صوته مسموعاً حال اشتكى. أيضاً يجب توعيته بأنّ السلعة التي يشتريها هي بالسعر الحقيقي، ومن حقه أن تكون مطابقة لاحتياجاته وتتصف بالجودة والأمان. الدور الإعلامي نقرأ في ثناياه كذلك تأهيل المستهلك وترقيته وإعلامه بكل الوسائل المتاحة لتمكينه من الحصول على السلع والخدمات المطابقة لمقاييس الجودة والأمان وتفعيل دوره لمقاطعة المنتجات غير المطابقة للمواصفات وذات الأسعار المرتفعة. * حسناً.. ما هي الآلية التي تعتمدون عليها لإنفاذ هذا الجهد الضخم، كونكم تتجهون وفق هذه الخطة لبعض التغيير في الخريطة السلوكية لمواطن دأب على ممارسة استهلاكيّة مختلفة ويتعامل مع احتياجاته السلعية كيفما اتفق؟ - سيكون هناك موقع بالوزارة والصحف من خلال خط ساخن بأرقام معيّنة لتلقي شكاوى المواطنين وإبداء الرأي، وسنقوم في إدارة حماية المستهلك باستقبال كل الشكاوى، وسيتم عبر الموقع تثقيف المواطن بحقوقه وواجباته لتحديد المسؤولية، لأنّ هناك حلقة مفقودة بين المنتج والمستهلك ولا بدّ من الوصول لحدّ أدنى لتثقيف المستهلك وتغيير النمط الاستهلاكي بما يتماشى مع احتياجاته الضرورية. * التلوث البيئي مشكلة ما زالت قائمة.. ما هو دوركم لحماية المواطن من مثل هذه المخاطر؟ - صحيح التلوث البيئي واحد من همومنا، وهو حق آخر للمستهلك؛ حقّه في العيش في بيئة صحية نقية بعيداً عن التلوث وحماية الأجيال القادمة من المخاطر عبر الحد من عمليات إنشاء مصانع بوسط الأحياء السكنية أو حرق النفايات وسط المواقع السكنية. بداهةً من حق المواطن أن يستنشق هواء نقيّاً لتفادي الأمراض التي تهدد حياة الكثيرين من مثل هذه الملوثات الضارة. الإدارة العامة لشؤون المستهلك ستعمل بالشراكة مع الجهات المختصة لتحقيق ذلك حماية للمجتمع من مثل هذه المخاطر. أريد أن أقول إنّ حماية المستهلك تقودنا للتنمية المستدامة وهذا يتطلب تشجيع وتجويد الإنتاج الزراعي والصناعي والالتزام بمعايير الجودة عبر المحافظة على البيئة حتى يكون لدينا إنتاجية مميزة وذات جودة لننافس في الأسواق المحلية والخارجية، لأنه الآن أصبحت السلع العالمية بالأسواق موجودة بكم هائل. السلع والمنتجات ذات السمعة الجيدة ما زلنا بعيدين عن المنافسة الداخلية معها والخارجية، ولذلك لابد من التنسيق والتعاون بين الجهات ذات الصلة لوضع رؤية واضحة لإحداث التطور المطلوب للمنتجات والسلع السودانية. * حدّثنا عن مصير قانون حماية المستهلك ولماذا لم يرَ النور حتى الآن؟ - قانون حماية المستهلك من التشريعات القانونية المهمة وهو الآن في مرحلة القراءة الثالثة أمام المجلس التشريعي. هو قانون ضروري بالطبع لحماية حقوق المستهلك وتبرز أهميته من كونه مكملا للقوانين الأخرى المتعلقة بالتموين والتسعير وقمع الغش والتدليس إلى جانب صدور تشريعات تهتم بحماية المستهلك مثل قانون المنافسة ومنع الاحتكار وقانون سلامة الغذاء وغيرها، فضلاً عن السعي لإصدار قانون الأسواق ليتمكن المواطن من الحصول على السلع والخدمات بأسس سليمة ومطابقة للمواصفات لضمان نزاهة المعاملات التجارية لأن حماية المستهلك مسؤولية اجتماعية وعملية تكاملية تتم فيها المراقبة على مستوى الإنتاج وما يدخل إلى الأسواق المحلية تطال كل ما يتلقى المستهلك من منتجات وسلع وخدمات إلى جانب توعية وتثقيف المستهلك