كل الكيد الذي تقوم به دولة الجنوب الآن من حروب في أكثر من جبهة تجاه وطننا السودان، ومحاولة تمددها في أراضينا بالقوة، وثالثة الأثافي الخريطة التي اعتمدها عصابة الحركة الشعبية، كل ذلك وراءه إسرائيل!! فلنسأل أولاً في أية دولة طُبعت تلك الخريطة وجنوب السودان لا يمتلك مقومات الدولة حتى الآن؟!! إن الأسلوب الإسرائيلي يكاد المرء يلمسه بيده، وذلك في المفاوضات التي بيننا وبينهم ونتيجتها الحتمية حتى الآن «لا شيء»!، وهي تماماً كمفاوضات إسرائيل مع الفلسطينيين التي ظلت منذ «أوسلو» وحتى كتابة هذه السطور «محلك سر». أما اللجنة الرباعية التي شكلت لحل القضية فقد أصبحت أشبه بالعربة التي تعطلت في أرض طينية تمتلئ بمياه الخريف والأوحال.. وإسرائيل من قبل أصدرت خريطة «إسرائيل الكبرى»، والآن حكومة الحركة الشعبية تعتمد خريطتها بالأسلوب الإسرائيلي نفسه وكأنها تتحدث بلسان حال يقول: (فليبل السودان خرائطه التاريخية منذ عام 1900 وليقذف بها في نهر بحر العرب)!! ودولة الجنوب تتمدد الآن في أكثر من منطقة في أرضنا وتريد أن تبتلعها، وهذا عين ما تفعله إسرائيل في فلسطينوالقدسالشرقية، بينما يتبع الأمريكان سياسة التطفيف والانحياز لإسرائيل في كل الأحوال وكل الظروف وتنهج في ذلك (برجماتية) بأسلوب قميء.. فكم قرار من (الفيتو) أجهضت به أمريكا العدالة التي تتباكى عليها؟! أما الأمرَّ من «السلعلع» فهو إعطاؤها لإسرائيل الإشارات الخضراء للتمادي في غيّها مع لعبة توبيخها لها أمام العالم حتى لا يقال إنها منحازة، ونورد لكم هنا شهادة من أهلها أنفسهم، فقد كتب (كيفن بيراينو) في مجلة ال(نيوز ويك) الأمريكية بتاريخ 23 يونيو 2009م يقول: «في عام 2003م عقد فريق من الإسرائيليين من مكتب رئيس الوزراء سلسلة من الاجتماعات السرية مع نظرائهم في مجلس الأمن القومي الأمريكي في كل من القدس وواشنطن، حسب ما أبلغني به مساعد (أولمرت)، وقد صُممت تلك الاجتماعات لبحث الصيغ لمواصلة البناء ضمن الكتل الاستيطانية القائمة...». ويقول الكاتب أيضاً: (فخلال سنوات عهد «أولمرت»، كان بوش ووزيرة خارجيته كوندليزا رايس يلعبان أحياناً دور الشرطي الطيب والشرطي السيىء مع الإسرائيليين، إذ كانت رايس تقوم بالاعتراض على نمو المستوطنات في الوقت الذي كان فيه بوش ينأى بنفسه عن هذا النقاش».. لاحظ الأسلوب القذر الذي يتعامل به الأمريكان مع القضية الفلسطينية بالرغم من أن القضية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار!! والآن حكومة الحركة الشعبية تلعب نفس اللعبة الإسرائيلية وتسير على منوالهم، فها هي تدعي أن المناطق المختلف عليها هي ست، بينما بيان الاتحاد الأفريقي يقول أربع مناطق، وذلك باتفاق كل أعضاء اللجنة، أي أن الحركة الشعبية نقضت ما اتفقت عليه من قبل مع دولتنا، ولكن على مفاوضينا التمسك بما تم من قبل وعدم الرجوع لمفاوضات جديدة في هذا الأمر حتى ولو أُلغيت المفاوضات نفسها!! وإذا كانت إسرائيل تريد من الفلسطينيين الاتفاق الأمني وما تحتاج إليه فقط، فكذلك تريد دولة الجنوب ما تطلبه هي، مثل تصدير البترول وما يُعرف بالحريات الأربع التي يصرّح قادتها بأنهم ملتزمون بها، كما صرح بذلك فاقان أموم لمركز دراسات التنمية الدولية بلندن في الندوة التي أُقيمت بالمركز ونشرت صحيفة (الانتباهة) تقريراً عنها. وإذا كانت الدولة قد أخطأت من قبل في نيفاشا، إذ كان يجب عليها أن تربط ترسيم الحدود قبل قيام الاستفتاء وإلا فليس هناك استفتاء حتى لا تصبح الحدود المختلف عليها أشبه بثغرة «الدفرسوار» التي استغلتها إسرائيل إبان حربها مع مصر!! وتخطئ الحكومة الآن إن وقّعت ما يُعرف بالحريات الأربع.. إن هذه الحريات لم توضع إلا للعبث بأمن السودان ومقدراته، وإذا كان أحمد فارس الشدياق قد ألَّف من قبل كتاب «الجاسوس على القاموس» فقطعاً سنقرأ لاحقاً من يكتب لنا كتاباً بعنوان «الجاسوس على المدسوس» وهو يعني بحث إسرائيل عن مقدراتنا وأمننا وحياة ومستقبل أبنائنا، وتذكرون كيف كان كل أبناء السودان في حالة من الشد، دولة ومواطنين، إبان احتلال هجليج، خوفاً من الجواسيس والخلايا النائمة وأذنابهم، ودونكم أيضاً أحداث كلية الشرطة وهستريا فرح أبناء الجنوب الذين يدرسون بها، لأن دولتهم أعلنت احتلالها!! ولنسأل أيضاً هل طُبقت الحريات الأربع في الدول التي تشابه الحالة السودانية؟! فهل طُبقت هذه الحريات المزعومة بين الكوريتين.. وهل طُبقت بين إريتريا وإثيوبيا؟!! أما ثالثة الأثافي ومسمار جحا فيكمن في عدم إلغاء الاتفاقية تحت أي ظرف من الظروف، أي حتى ولو دخل البلدان في حرب شاملة!!!! ألا يوجد في هذا النص ما يشير إلى تبييت النية للكثير من التخريب والكثير من المصائب التي تأتينا عبرها؟!! لقد دخلت حكومة الجنوب في نفق مظلم جراء إيقافها لتصدير بترولها الذي يضخ لها موارد دولتها الوليدة بنسبة 98%، وخسرت معركة هجليج التي لن تتعافى منها قريباً ثم دخلوا جحر الضب بإدراج ما بيننا وبينهم إلى مجلس الأمن ويريدون منا أن ندخل معهم هذا الجحر طوعاً أو كرهاً!! على الدولة أن تكون حذرة وأن تتفاوض بعينيين مفتوحتين حتى لا نؤخذ على حين غرة ويعصف بنا مكر الماكرين، ويقدمون لنا السم في الدسم، والمرء يصاب بالإحباط أحياناً عندما يقرأ كتابات التخذيل والأفكار الهلامية.. فمتى يدرك البعض أن السودان لم يعد كما كان قبل الانفصال؟!! أما الذين يتحدثون عن عودة الجنوب لحضن الوطن، فسيطول انتظارهم وستردد دواخلهم أغنية الأحاجي السودانية التي تتحدث بلسان فتاة صغيرة تبحث عن والدها قائلة: «يا جلابة ما شفتو أبوي.. أخدر طوييل.. سوطو الوروير ... جملو الهدِّير...»!! ويرد عليها «الجلابة» ما شفناهو!! هذا هو حال بعضنا الذين يتباكون، بينما أهل البكاء يرسلون لن يعزونهم الموت والغدر بدلاً عن التحايا الطيبة والأمنيات الصادقة ويشكرونهم لمواساتهم!! ويندهش المرء بحق عندما يقرأ لأحدهم وهو يطالب قائلاً: على السودان ألا يحاصر دولة الجنوب بالغذاء. ونقول له كيف للمرء أن يقدم الغذاء لقاتله بطيب خاطر، بينما لا يجد من هذا العمل الطيب إلا خنجراً مسموماً يغرزه العدو في جسده. وأضرب للقائل مثالاً فالسودان الآن يقدم الغذاء لأبناء الجنوب العالقين بميناء كوستي النهري، ونطعمهم برغم الظروف الاقتصادية، وها هو فاقان أموم يقول في ندوة مركز دراسات التنمية الدولية بلندن إن السودان يسترق هؤلاء القوم فتأمل؟!!! وكما يقول أبناء الكنانة في مثل لهم: «خيراً تفعل شراً تلقى»!! ونقولها بالفم المليان إن الاحزاب التي لا تتلمس نبض المواطن وترسب في ذلك بامتياز لن تجد لها مكاناً في دواخل المواطنين الذين سيكون لسان حالهم ما كتبه المرحوم نقد في «كرتونته» المشهورة. «حضرنا ولم نجدكم»!!! ولنسأل أصحاب هذه الفيوض الإنسانية والمشاعر المتدفقة كشلال «نيرتتي»، ونقول لهم: من قتل أبناءنا في الكثير من أرض الوطن؟! من سعى لتدمير اقتصادنا في هجليج؟! من يقف وراء كل المصائب التي تحل بالوطن؟! وهل ينطبق على الحركة الشعبية وحكومتها قول الشاعر: فهم الأقربون من كل خير وهم الأبعدون من كل ذم وإن لم يكن ذلك كذلك: فلِمَ التباكي وادعاء الإنسانية لمن يقتل أبناء جلدتنا وبجدتنا، ويقضي على الحرث والنسل ويقف مع أعدائنا في خندق واحد لإيذائنا .. ولماذا نقدم الغذاء لقوم شيمتهم الغدر، بل وينطبق عليها قول الأغنية: «التقول بيناتن قرابة» أعني بالطبع الغدر وأضرابه وأذنابه...!!! عووووووووووك المرفعين!!!!!!!!!!