إذا تحدثنا عن الجماعة السياسية على مدى القرن العشرين فسنجد أن هناك ثلاث قمم برزوا في هذا المجال على مستوى الدولة المصرية وهم: سعد زغلول وحسن البنا وجمال عبد الناصر، وكلهم كانوا حركيين، كانت حركاتهم السياسية معبرة عن دعواتهم وأفكارهم، وهم لم يطرحوا فكراً نظرياً مجرداً، إنما طرحوا حركات سياسية أو تشكيلات تنظيمية أو تكوينات مؤسسية، وأن كل منهم صار علامة على تشكيل جماعي سياسي، فكانت الجماعة المصرية عند سعد زغلول، والجماعة الإسلامية عند حسن البنا والجماعة العربية عند جمال عبد الناصر. وإذا كانت صراعات سياسية حادة جرت بين أصحاب تلك الاتجاهات عبر عقود القرن العشرين، فنحن الآن ننظر في حصيلة قرن كامل، ومتى يمكن أن نتجاوز الطارئ والمؤقت والمتغير من هذه الصراعات، ويمكن القول بأن أسس بناء الجماعة السياسية وبناء التيار السياسي الأساسي تكمن في وجود التناسق والتكامل بين ما يجمع بينها من أهداف مشتركة. والحق يقال إن الحركة السياسية ذات القدرة الأوسع على الانتشار الشعبي ومازلنا نحتاج إلى استخراج الصياغات السياسية التي تمكن من توسيع رقعة المساحة المشتركة من الأهداف العامة للتيارات السياسية الوطنية في بلادنا وليس المقصد من ذلك الإشارة إلى أهداف السياسات العملية المتخذة فقط، إنما المقصود أيضاً أن يكون هنالك قدر من التقبل الفكري أو على الأقل التفاهم الفكري، والمعرفة بحقائق ما يقصده كل تيار تجاه التيارات الأخرى، إن لغة التعبير الفكري عن السياسات والأهداف تتنوع بتنوع المرجعيات الفكرية وبأثر التراث الثقافي لدى كل تيار في صياغته لما يعنيه، فالجهاد مثلاً يعني لدى آخرين مقاومة الاحتلال والاستبداد... وهكذا. والقراءة تقول إن جسر التفاهم الفكري سيكون امتداداً طبيعياً لأفرع في الشجرة ذاتها مما يدل على عدم انفصالها عن ذاتها. حاولت بالصياغة أعلاه أن ألغي ما اعتقده أطر النظر السياسي الاجتماعي الذي يصدر عن هذا الفكر أو حاولت أن أبسط خطوطاً عامة للرؤى السياسية الاجتماعية التي يمكن أن تقوم على الأسس السابق وضعها، بحسبانها تعريفات محتملة لها وفق قراءة قارئ بذاته هو أنا ذا لكي أسد فجوة من فجوات الثقافة السياسية في بلادنا بين تيارات ذات أصول ثقافية متباينة. وختاماً يتعين على المسلمين النظر في إطار تخليص الأوطان من أي نفوذ استعماري سواء في السياسة أو الاقتصاد أو من الفكر والعقيدة. علماً بأن السياسة الخارجية هي السياسة التي ترمي إلى استقلال الأمة وضمان حريتها وإشعارها بكرامتها وعزتها والسير بها إلى الأهداف المجيدة التي تحتل بها مكانتها بين الأمم، وتخليصها من استبداد غيرها بها وتدخله في شؤونها، وأن تحدد الصلة بينها وبين سواها تحديداً يفصل حقوقها جميعاً ويوجه الدولة كلها إلى الإسلام العالمي القائم على العدل، ودون ذلك يعد بلطجة سياسية.. وهو ما حدث من دولة الجنوب، على سبيل المثال، تحاور وتعد للهجوم وهكذا.