{ كبيرة صفراء شجيراتها لا تسُر الناظرين والعابرين بشارع إفريقيا المالك على جانبيه أحدث وأفخم وأهم المنشآت الإقتصادية والتعليمية والطبية والترفيهية في ولاية الخرطوم. { في زمان سابق جداً تبرعت حكومة (الإنقاذ الوطني) لمجلس الصداقة الشعبية بمساحة كبيرة (شديد) لتُقيم فيها الدول الصديقة مع جمعياتها السودانية الداخلية أماكن أو نوادٍ إجتماعية ترفيهية. كذات فكرة نادي أبناء (......) بالعاصمة! { ووزعت المساحات بأفضلية التقادُم فمن جاء أولاً وطالب بتخطيط مساحة له مُنح حق إختيار المكان الذي يريد. وكانت حينها إنجازاً من إنجازاتها لتوطيد علاقاتها بالشعوب البعيدة وتحسين صورتها لدى القريبة! { وبدأ العمال بإنزال الطوب والأسمنت والحديد المسلح لإعلاء بنيان الصداقة الشعبية، ووضعت لافتات التعريف لإظهار عمق هذه الصداقة بين بلدنا والأقطار التي آمنت بفكرة الحديقة! ثم تتابعت اللافتات على جانب الحديقة وكذلك الطوب والشجيرات والنجيل الأخضر و...بعد قليل زمان بدأت الدعوات لحضور افتتاح دار جمعية الصداقة السودانية السويدية أو السورية أو ...الخ. { واستمر النشاط من أصدقاء هذه الدول السودانيين بإقامة ليالٍ غنائية وموسيقية وحفلات شاي وجلسات تفاكرية. ولأن الحديقة كانت (ومازالت) تفتقر للإضاءة الكاملة والأمن (ماعدا البوابة) بجانب أن مباني ديار الدول بعيدة جداً عن البوابة الرئيسة، كسِل معظم الناس والأصدقاء في الإستمرار بالمجئ ولا ريب أن مشاغل الحياة تُلهي ولا تترك قوة لمتابعة الأنشطة المسائية البعيدة للصداقات بين الشعوب البعيدة أيضاً. { ورويداً رويداً بدأت الإضاءات واللافتات والدعوات تخفت حتى سقطت أرضاً..وتحوّلت الحديقة الدولية إلى مسرح عبثي للمُتشرِّدين أم (المُشرَّدين)!! وقُطّاع الطُرق وشواذ المجتمع السوداني لا (الدولي) طبعا.ً { وأصبح الناس يمرون عليهم مُصبحين وفي المساء يبتعدون قدر الإمكان من التوقُّف بجانبها يرددون (سلامٌ قولاً من رّبٍ رحيم).. و(حكومة الإنقاذ) القديمة المتجددة بعد السلام انشغلت بكامل إداراتها الدبلوماسية في تحسين وجه السودان في المحافل السياسية الخارجية بين قاعات التفاوض والتحاور لا الحدائق، لخلق حالة سلام مستقرة ومُستدامة للشعب السوداني الذي لا يستمتع بالماء والخضرة السودانية التي أنعم الله بها علينا، لأنه مختنق بدخان حرائق غابات التمرد والإقتتال.. { ولأن التعبئة للسلام الداخلي خارجياً من أولويات الدبلوماسية الرسمية والشعبية ولأن التحديات لذلك أكبر من حفلات الشاي بالكيك الإنجليزي في حديقة دولية! جفّت نجائل الحديقة الدولية تماماً وأصبحت أطلالاً يُحكي عنها لأن العلاقات تتحكم فيها السياسات لا الشعبيات! { لا شك أن التخطيط العمراني لولاية الخرطوم يحتشد بخبرات وعقول وطنية أكثر مني ومن بقايا الأصدقاء أولئك ويعرف في كمال المعرفة لماذا منحت هذه المساحة الضخمة حينها لآخر؟ ولماذا حين هجرها ذاك الآخر لم يعدها أهلها لبيتهم معزّزة مكرّمة للإستفادة منها في شؤون العباد السودانيين (زيَّها) والذين يقدّرونّها حق قدرها..؟ ولا ريب أيضاً أنهم يملكون خُطة خمسينية لتجميل وجه الخرطوم العاصمة بتمليك معظم المساحات لمستثمرين يعرفون الوصفة الصحيحة لخبز الجمال الرفيع. { لكننا نقترح مثلاً بأن البُعد البعيد جداً لمستشفى القلب المجاني عن المواصلات لا الموجود بقرب الحديقة يمكن كان أن يكفينا شر الصدمات القلبية (للمسافرين) إليه راجلين لو مُنح تصديق بناءه بدلاً عن الحديقة الدولية خاصة وأنه تم تشييده بعد عقد الصداقة الشعبية المفسوخ ..! أو في أقل الأحوال تتحول لمنتزهات أُسرية غير خاصة تنظف بهوائها العليل أتربة النفوس العالقة لنعرف كيف نعقد صداقات بيننا كأبناء وطن واحد وبعدها ( نشوف صداقة شعوب الحدائق)!!