عميد (م) عبدالباقي الجيلاني قدمت لنا الإنقاذ وطوال عقدين من الزمان.. العديد من الشخصيات في مواقع مهمة استطاعوا وبما لديهم من رؤية ثاقبة ونظرة فاحصة وتعامل رصين مع مقتضيات الواقع أن يقدموا عصارة فكرهم وجهدهم من أجل مواطنيهم. فكانوا كالنجوم الزواهر.. وقناديل الضياء .. ومشاعل العطاء .. تجرّدوا من القبلية الضيّقة، ونبذوا العصبية المُهلِكة، وخاصموا الجهوية العقيمة.. فكانوا مثل المنارات وسط لجّة البحر يهتدي بها القبطان للوصول إلى مرافئ الأمان والسلام. أخي الهندي.. مقالك الواقعي والأصيل في حق الرجلين (إيلا) و(كِبر) والذي سطرته في بابك الهادف (شهادتي لله) هذا المقال أثار في نفسي قمة درجات الإعجاب والزهو والإمتنان، لاسيّما في حق الرجل (الشجاع) عثمان كِبر والي شمال دارفور! وإن تناولته في هذه السطور بوجه خاص، فإنني أُكنُّ للأخ الوالي محمد إيلا والي البحر الأحمر كل آيات التقدير والإحترام وما ظلّ يبذله من جهدٍ وعطاء للإرتقاء بولايته والوصول بها إلى أرقى درجات الرُّقي والتطوُّر. أكتب عن (كِبر) لأن الرجل ظلّ ولأعوام طويلة يخوض أُتون معارك ضارية ولهيب حروب دامية .. ويقاتل في عِدة جبهات ويُصارع في كافة المواقع التي تسلّلت منها الحركات المسلحة فما استكان ولا استسلم .. فكان عصياً وقوياً وكأني به أحد جنرالات قواتنا المسلحة الباسلة وقد تلقى تدريباً مُتقدماً في مصنع الرجال وعرين الأبطال (الكلية الحربية). من هنا جاء إعجابي وتقديري لهذا الرجل. وبجانب قوة منطقه، وشدة عريكته، وسعة أُفقه، ونُبل تعامله والذي ربما اكتسبه من خلفيته التعليمية، فالرجل في بداية حياته كان معلِّماً .. وما أروع مُعلِّمي وأساتذة ذلك الزمن الجميل! فالرجل يمتاز أيضاً بشخصية مُهابة ومُهيبة ويكفي ذلك الموقف مع أحد المسؤولين الكبار من دول الغرب والذي زار الفاشر إبان احتدام المعارك بين الحكومة والحركات المسلحة حيث طلب (الخواجة) الزائر من الوالي كِبر أن يحضر إليه داخل طائرته فما كان منه إلا أن ردّ عليه قائلاً:(أنا هنا الحاكم وانت هنا ضيفي.. وكل الأعراف والتقاليد وحتى قواعد ومراسم البرتوكول تفرض عليك الحضور إلى مكتبي). وقد كان، فقد خضع (الخواجة) وذهب إليه في مكتبه. لله درُّك يا كِبر!! إن مثل هذه الشخصية القوية والمُهيبة نريدها في كل من يتقدم لخدمة الوطن والمواطن فقد إتضح أن الوالي (كِبر) يجد من أهله وعشيرته كل محبة وإعزاز ومناصرة، كما يحفونه بكل التأييد والتعضيد والمساندة .. وحدثني من أثق في روايته أن الوالي كِبر ليست لديه (حاشية) أو (بطانة) أو حارق بخور. فهو يتميز بعدالته ومساواته للجميع، ويتعامل مع الكل من منطلق الكفاءة والقدرة والخبرة، كما يتميز بنقاء السريرة وطهار اليد ولم تفوح منه أي رائحة. كما قلت في بداية سطوري أن الإنقاذ قدمت عدداً من الرجال القدوة ولكي يظل وهج العطاء متصلاً ومتواصلاً، فإن الوطني في حاجة لأمثال هؤلاء والذين يجدون كل محبة ومؤازرة إينما وجدوا وحيثما حلوا .. أما من تأتي بهم معادلات السياسة من حيث القبلية المرفوضة والجهوية المنبوذة، أو من تدفع به المقادير إلى مواقع السلطة بحكم القرابة أوالعلاقات الشخصية أو (الشُّلليّة) فإن هؤلاء هم أبعد الناس عن خدمة الوطن والمواطن وسوف يكون همهم فقط إستغلال الزمن لكسب المزيد من المنافع الشخصية والمزيد من (اللّقف) و(اللّهِط). أخي الأستاذ الهندي.. إن إشادتك بهذين الرجلين هو وسام فخر وشرف يُزيِّن هامات كل الرجال الرائعين أمثال (كِبر) و(إيلا). وما أندر الرجال الرائعين في هذا الزمن الرمادي!!.