{ الحصافة السياسيَّة تستوجب أن تمضي الحكومة قُدُماً في اتفاقها المعلن مع حركة «العدل والمساواة» بعيداً عن ملف الحركات الأخرى.. { أمَّا إذا كانت الحكومة تظن وبعض الظن إثمٌ أنّها قادرة على توقيع اتفاق سلام شامل مع (جميع) الحركات قُبيْل الخامس عشر من مارس الجاري، أي بعد خمسة أيام فقط، فلا شك أنها تكون حكومة واهمة ومتوهِّمة.. وجانحة في الخيال.. { ويصبح الأمر مهزلةً، ومضحكةً أن يسافر قادة الدولة من حين لآخر لتوقيع اتفاق إطاري مع حركة من الحركات لا ينتهي إلى اتفاق سلام شامل وحقيقي!! { هل للحكومة غرام مع الاتفاقيات (الإطارية)؟! أم مع الرحلات الماكوكية.. والمراسم البرتوكولية؟! { والله، إنّي إن لم أشفق على الرئيس البشير من رهق الأسفار، فإنّني أرثى لحال مدير مراسم الدولة السيد «عاطف عبد الرحمن» الذي تلحظ آثار السفر الطويل على وجهه المتعب، وجسده المرهق النحيل.. والمدهش أن رجلاً بهذا الصفة التي تستلزم قُربَهُ من مقر الرئيس، يسكن شقة «بالإيجار» في أطراف مدينة الثورة..!! { هل أدمنت الحكومة الأسفار، أم أنها تسعى لتحصيل نقاط ومكاسب من خلال الأسفار؟! { إذا كان الهدف هو الوصول إلى النهايات وتوقيع الاتفاقيات الشاملة، فإن المنطق يفرض على الحكومة أن تنخرط في مفاوضات (منفردة).. سريعة وجادة مع حركة العدل والمساواة لتحقيق السلام خلال مرحلة ما قبل الانتخابات، ثم يُترك أمر التفاوض مع الحركات الأخرى للحكومة القادمة المُنتخبة.. { يجب أن نقرأ واقع الميدان في دارفور.. ونجيب على أسئلة من شاكلة: هل للمتمرِّد «عبد الواحد محمد نور» قوات في دارفور؟ هل للمتمرد «محجوب حسين» وحركته الجديدة وجود على أرض المعركة؟! هل الحركات الأخرى.. «عشرين».. أو «ثلاثين» حركة.. لها أثر.. ووجود في دارفور.. أم أنها موجودة في «طرابلس».. و«أديس أبابا»؟! { الحقائق الموضوعية تقول بأن حركة العدل هي الأكبر والأقوى في تمرد دارفور.. ويكفي أنها اقتحمت علينا «أم درمان» في رابعة النهار.. قاطعةً مسافة تفوق «الألف كيلومتر»!! { من حق حركة كهذي أن تطالب باتفاق حصري، ومن حق الشعب على الحكومة أن تتمثل الواقعية، وتنأى عن الخيال والأوهام.. فتفترض أنها قادرة على الوصول إلى اتفاق سلام مع (جميع) الحركات في وقت واحد..!! { لقد عجز كل الوسطاء في «أبوجا» عام 2006م بقيادة مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق، رئيس البنك الدولي الحالي «روبرت زوليك»، عن حمل ثلاث حركات فقط على توقيع اتفاق سلام دارفور (حركة عبد الواحد، حركة خليل وحركة مناوي)، فوقّعت حركة واحدة على الاتفاق هي حركة «منِّي أركو مناوي»، وتوعد المجتمع الدولي الحركتين الأخريين بالويل والثبور وعظائم الأمور!! ثم تحوَّل الوعيد إلى وعود، فنام «عبد الواحد» في عسل باريس.. وتضخّمت حركة «خليل»، وتضاعفت قدرتها العسكريّة مراتٍ ومرات..!! { إذن كيف تستطيع الحكومة أن تقنع الآن حركات بعدد الحصى، ينام أفرادها على وسائد الراحة بفندق «موڤنبيك» الدوحة، على توقيع اتفاق؟! { وقِّعوا مع «العدل والمساواة» منفردةً.. والبقية تأتي.. ولابد أن تأتي.. فلا خيار..