عطفا على سابق كتابة عن العافية جاءتني رسالة أنيقة موضوعها عافية الصحافة ونصها: الصحافة شغف للمثقف وأوجه خطى لآخرين ..تتنوع الميول فيها من السياسي البحت والاجتماعي والثقافي _المرتاح_والرياضي المتعصب وصحف الإثارة والأحداث والجرائم.. وفي خضم هذا لابد لنا ان نتعرض للممتهن للصحافة وعافية ما قد يتسرب الى العقول القارئة منه بقصد أو من غير قصد وبتوضيح فأنا أشير الى شخصية الصحفي وانفعاله بالقضايا ومخالطة ما ينقله بأحساسه وانفعاله أو ما يعرض عنه. وفي تقديري أغلبهم اما وصولي أو انفعالي أو متملق. وقليل منهم هم الذين يحملون عبء معالجة الأوضاع وهموم الناس وقضايا الوطن والأحداث. والعافية مقابلها المرض وأمراض الصحافة هي السلطة والتعالي والسادية وفرض الرأي والتملق! والشهرة غرور النجاح الخ... فلابد إن أردنا أن نشنّف أذن القارئ ونشد عقل المتلقي ونخاطب الوجدان ونشحذ الهمم ونرفع رايات الوطن ونسمو بما عرف به إنسان السودان كمثقف.. التخلص من هذه الأمراض وعلاجها، فالعافية تكون بما تجود به ويبقى أثرا يقتدى وسلوكا مهنيا يعرفك بمن تعرف ومن لا تعرفه ويكون صلة لك بالبسطاء الذين استحوذت على ألبابهم ووجدانهم.. فأعرف نفسك وعرّفها بما تحب أن تعرف به وكن صادقا أولا معها ثم مع الناس واحمل هم الجميع كأمانة تناضل لأجلها ثم أكتب... وأكتب ! اخوكم - عماد الدين عبد لقادر الشريف { وقد أخذت أكثر من أسبوع لرد الرسالة لحساسية موضوعها وذكائه الذي يجعلك واقعا بين قوسي الاتهام في مهنتك والغيرة عليها ... ولأني أثق أن خارج النص هو أحلى من النص الأساسي لذلك أجدني أحفل بكتابات (الخوارج) إذا صحت التسمية لأنهم يرون بعدساتهم الثاقبة واللاصقة ما لا نراها بعيوننا المجردة أو المرمدة اذا شئتم ! إن عافية الصحفي لا تقتصر على خلوه من أمراض الجسد لأنه يسعى بقدميه للوصول الى دوائر الأخبار ومكاتب المسئولين لحوار أو تقرير ويكتب بيديه مواده .. وشاهدنا نماذج يكتب لها آخرون.. ربما لإصابتها بمرض روماتيزم اللغة القاتل للإبداع! ويسهر بعيونه حتى وصول الملزمة الى المطبعة و ...الخ العمل الصحفي اللا نهائي، إنما تتعدى عافية الجسد لعافية العقل والروح لأنهما المحرك الأساسي لجسده المتعافي بعافيتهما . وكامل الحق معك في الأمراض التي تصيب الصحفي في روحه وعقله وترقده سرير المتابعة المتواترة من الناس أما مشفقين أو شامتين - والعياذ بالله - وأضيف لك أمراضا أخرى كإساءة استخدام المهنة على كافة المستويات وهذه بالذات تتضرر منها كثير من بنات المهنة وربما خوفا من الإصابة بالعدوى يسارعنّ بالابتعاد فتخسر المهنة (صحفية شاطرة نفدت بجلدها)! ومرض شهوة القتل ! لا تتعجب عزيزي القارئ فالقتلة في هذه المهنة فاعل مستتر تقديره المادة السامة التي يبثها للناس فيقتل فيهم الأمل بالحياة أو يقتل أمامهم فنان أو عمل أو انجاز أو مهنة أخرى بلا مبرر سوى شهوته المرضية!! والجثث تمتلئ بها مشرحة الراجع وسطح المكتبات!! ومرض آخر مضحك جدا حد إتلاف خلايا المخ هو مرض التسلق الجبلي في التسلسل والتعريف الوظيفي للصحفي داخل مؤسسته أو في أروقة المجلس أو الأتحاد أو في الأماكن العامة وأنظروا كمية الخبراء والمدراء والرقباء التي تطير فوق رؤوسنا بخبراتهم الضوئية مع كمية الأساتذة التي تمشي على بلاط الصحافة بأنعكاس ظل سنوات خبرتهم فيها ... أو نبوغهم فيها! رحلة الشفاء من كل هذه الأمراض صعبة جدا ووعرة وتحتاج لسنوات أطول من التي عاشها الصحفي معافى داخل قصر السلطة الرابعة كما أن تكلفة العلاج بالداخل - من الذات -غالية جدا لأنها تحسب بملايين الأجسام المضادة الفكرية والأخلاقية.. لذلك تقبلونا بأمراضنا المزمنة هذه وبمحاولاتنا للحصول على مضادات حيوية بكتاباتكم الملتزمة هذه ودعاؤنا الصادق أن يشفينا الله ويعافي الصحافة...كداء ودواء لنا.