يفترض في العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة أن تكون علاقة خاصة واستثنائية، تُلغى فيها الحواجز وتتسم بالأريحية والانفتاح..، ولكن هل يعني هذا أن يُلغى الحياء والاحترام..؟ وهل نقصد بإزالة الحواجز التمادي والتعدي والامتهان؟!! كل النفوس البشرية فُطرت على رفض الذُل والتجريح والاستفزاز، ومن غير اللائق أن يتمادى أحد الزوجين في المساس بكرامة الآخر أو الاساءة اليه بأية صورة من الصور حتى وإن كان ذلك لا يتعدى إطلاق العبارات غير اللائقة أياً كان زمان ومكان اطلاقها أو الحالة النفسية المصاحبة لها أو النوايا المقصودة منها. ومهما كان معدل الحميمية والانسجام فإن ذلك لا يسمح بالتجاوزات الكلامية غير اللائقة حتى في ساعات الصفاء ولو من باب المزاح. وقديماً قيل أن «جرح السيف يبرأ وجرح الكلمة لا يبرأ»، والانسان لا يمكنه تجاوز الاحراج والتنكيل ببساطة حتى لو كان من أقرب الأقربين..، فلماذا درج بعض الأزواج على الإساءة المتعمدة أو غيرها لزوجاتهم كان يناديها: «يا حيوانة»، ويا «مرض» ويا «زفتة» على إعتقاد أنها لا تتأثر أو أن الأمر طبيعي ومعتاد أو للتدليل على مدى رهبة وسطوة هذا الزوج وجبروته، والأدهى والأمر أن ذلك يتم أحياناً على مرأى ومسمع من الأبناء أو الأهل أو الأغراب..، وفي كل هذه الحالات هي كارثة..، فالأبناء يتعلمون ذلك ويستصحبونه كموروث اجتماعي في حياتهم حتى أنهم قد يمارسونه لاحقاً..، والأغراب يستنكرون الأمر ويجعلونه مثاراً للتندر والسخرية والاستحقار. أما الأهل ولا سيما إن كانوا أهل الزوج فذلك يكون فرصة للشماتة وفش الغِل والنيل من الأصل المسكينة التي يتفاقم لديها الإحساس بالهوان مئات المرات في حضرة «نسابتها». أما إذا كان الحضور من أهل الزوجة فقد يتحفظ الزوج قليلاً ويكتفي ببعض الاستخفاف وإصدار التعليمات والتعليقات اللاذعة التي تشير لقصور في أداء الزوجة مما يوغر الصدور ويبث الحنق والاستياء والاستنكار لدى الجميع خصوصاً «أم الزوجة». والحقيقة أن عبارة «ألفاظ غير لائقة» عبارة مطاطية تحتمل الكثير من العبارات وليست قاصرة على الإساءة المباشرة ولكنها أي عبارة تبدر وتشعر المرأة بالوجع لدرجة الألم والامتعاض وتفجر بداخلها أحاسيس الحنق والرغبة في التمرد والأسف على هذا الزوج اللعين. وهناك رجال قادرون بألسنتهم على تحطيم كيان المرأة تماماً وزعزعة ثقتها في نفسها وحرمانها من متعة الشراكة والراحة والأمان تحت مظلة الزواج من خلال التلفظ بكلام يحط من قدرها أو توجيه الشتائم لها ووصفها بأوصاف مؤلمة قد تطال شكلها أو أهلها أو قدراتها أو سلوكها، وقد يصل الكلام الى حد التهديد والوعيد بالضرب أو الطلاق. وبعد كل ذلك يتحجج الرجال بأنهم عصبيون ومنهكون ويجب على المرأة أن تحتمل تهورهم وعصبيتهم و«قلة أدبهم» وكأنها كائن مصفح أو آلة خلقت فقط لتقبل جميع الأوضاع التي يفرضونها عليها على اعتبار أن هذا هو الزواج، لهذا تحاول بعض النساء إقناع أنفسهن بأن الأمر ليس على درجة عالية من الخطورة وأنه مجرد كلام. ولكن الكلام ما دام يؤذي فهو اضطهاد، والاضطهاد الزوجي مرفوض ويتطلب التحرك السريع حتى لا تتحول الحياة الزوجية الى جحيم أو حالة من الرفض الداخلي والعداء الصامت والوجع اليومي. والكلام الموجع يتسبب في إنكسار نفس المرأة ويطال هذا الانكسار كل نواحي حياتها الشخصية والاجتماعية وربما المهنية وينعكس على سلوكها واحساسها وتربيتها لأبنائها حتى أنه يؤدي بها لعدم القدرة على الانسجام الحميم مع هذا الزوج الذي يكيل السباب والإهانات، وهكذا يتحول عش الزوجية الى مرجل يغلي. أما الأولاد فيتحولون الى مشروع كائنات مدمرة ومنحرفة على جميع المستويات، فيا أيها الزوج الكريم «الكلمة الطيبة جواز سفر» ولا تكلفك شيئاً ولكنها تكسبك الحنان والإخلاص والاستقرار والذرية الصالحة. { تلويح: لا ترمِ الكلمات بلا وزن..، فبعض الكلمات يتحول الى سكاكين تقطع كل الصلات والروابط.