ثمة أخطاء قد تبدو صغيرة لنا ترتكب في حق الحياة الزوجية، والواقع والتجربة يؤكدان أن تكرار الخطأ الصغير والإصرار عليه يعادلان إرتكاب الأخطاء الكبيرة الفادحة، وأن كليهما قد يؤدي الى خراب البيوت العامرة. لقد جرت العادة أو هكذا يجب أن يتجاوز أحد الزوجين الأخطاء الصغيرة التي يرتكبها الآخر ويقض الطرف عنها من أجل المصلحة العامة. لكن الأمر قد يختلف يوماً ما عندما يخرج الواحد منهما عن صمته وصبره وينفجر بفعل تكرار ذات الأخطاء مراراً سواء أكان ذلك عن عمد أم دون قصد، فاذا لم يمنح أحدهما الآخر مساحات للتراجع والتصويب قد يتحول هذا الخطأ الساذج البريء ليكون القشة التي تقصم ظهر البعير. وإذا حاولنا أن نحصي تلك الأخطاء التي سريعاً ما تكبر قد لا نتمكن من حصرها لأن بعضها يختلف من شخص الى آخر حسب نظرته للأمور واحساسه بها، ولكن يمكن أن نشير الى المتعارف عليه منها وعلى رأسه مشكلة الإهمال وعدم التقدير واللامبالاة. فاذا أمعن أحد الزوجين في إهماله للآخر وعدم احترام مشاعره والحرص عليها قد يتحول الأمر لديه الى إحساس مطلق بالحنق والإهمال ورغبة في التمرد أو الانفصال عن هذا الانسان الذي يتجاهل وجوده وانسانيته. الى جانب الإهمال يوجد أيضاً العناد والاصرار على الخطأ وسياسة العداء الزوجي والاحجام عن الاعتذار عند الضرورة والمكابرة والسخرية من الآخر على الملأ وتعمد التقليل من شأن الزوج أو الزوجة، كذلك الغموض والانطواء واعتبار الآخر مجرد آخر فحسب دون النظر الى كونه شريك حياة بكل ما في الحياة من أفراح وأتراح ومشاكل وهموم إلا أن البعض يتبع سياسة السرية التامة فلا يطلع شريكه على أي تفاصيل تتعلق بعمله أو أصدقائه أو حتى وضعه المادي. ومن أبرز الأخطاء التي تؤثر على الزواج سلباً مشكلة إفشاء الأسرار ونقل الخلافات الزوجية أو حتى تفاصيل الحياة الزوجية العادية الى خارج حدود المنزل، وإقحام أطراف خارجية في أدق التفاصيل والأحداث الزوجية حتى تلك التي يمكن معالجتها داخلياً. من المزعج كذلك في الحياة الزوجية الإكثار من الشكوى والتذمر والطلبات المستمرة حتى دون الحاجة اليها، وهي صفة نسائية خالصة ربما تهدف الزوجة من ورائها للسيطرة على الزوج بصورة غير مباشرة من خلال تنظيف جيوبه دورياً حتى لا يتمكن من ممارسة أي نشاط خارج حدود منزل الزوجية، وهذه لعمري سياسة عقيمة وبالية، فما عاد المال وحده يساعد على التمرد خصوصاً في ظل الوفرة الظاهرة في عدد النساء المقتدرات اللائي يبحثن فقط عن زوج بغض النظر عن وضعه الاجتماعي أو المادي أو وجود أخرى في حياته. ومن الأخطاء الصغيرة الفادحة التي يضمرها الزوج كثيراً لزوجته ما درجت عليه عادة النساء السيئة في المبالغة في الزينة والاهتمام بنفسها عند الخروج أو إرتياد المناسبات فتجدها في قمة أناقتها وتبرجها تفوح منها العطور وتجتهد في «الحنة» والمكياج بينما إذا ما كانت في بيتها في يوم آخر عادي تتحول الى إمرأة أخرى «مبشتنة» و«معولقة» لا تعتني بنفسها ولا تضع اعتباراً لهذه الرجل الذي يحق له وحده دون سواه التمتع بأنوثتها الكاملة، وهي بذلك تحول الأمر الى إحساس يعذب الزوج لأنها لا تهتم به ولا تسعى لارضائه وتدليله وعلى جميع النساء ألا يعمدن لتجاهل القاعدة الشهيرة التي تؤكد أن داخل كل رجل طفل صغير في حاجة دائمة للحنان والاهتمام. عليه.. نخلص لأن الأخطاء البسيطة قد لا تكون سبباً مباشراً في الخلاف، ولكنها تتسبب في عدم وجود رصيد طيب من العطاء والدفء والمودة والرحمة بل يتحول الأمر الى طاقة بسبب الهم والنكد والاحساس بالكبرياء والسخط تظل كامنة في انتظار اللحظة المناسبة للانفجار والتفريغ وعلينا جميعاً أن نسيطر على الوضع بالتفاهم والتفاوض والحب والاعتذار عن الخطأ والإقلاع في الحال..، ويجب ان نعترف أن الأمر برمته يقع على عاتق الزوجات اللائي تبدر منهن معظم الأخطاء، علماً بأن الرجل رغم صلابته الظاهرة كائن حساس ودقيق الملاحظة يستشعر دائماً أي اهمال أو بوادر تغيير أو حدوث ما لا يرضاه في غيابه ويبحث دائماً عن الكمال. أنا شخصياً أدهشني «زوجي» يوماً حين أقسم عليّ أنني لست على ما يرام وان هناك أمرا ما كائنا، ولما كان ذلك صحيحاً استحلفته أن يخبرني عن مصدر معلوماته، فقال ببساطة: «تعودتِ أن تستقبليني «بكوز» الماء البارد عند عودتي من الخارج، ولم تفعلي ذلك اليوم! تلويح: في الزواج لا يوجد خطأ أكبر من أن يصوّب.