عند نشوب صراع ديني أو عرقي في بلد من البلدان، فإن من أسهل الحلول أن ينادي البعض بتقسيم هذا البلد إلى دولتين أو أكثر. وأحدث الملتجئين إلى هذه الحلول السهلة زعيم عربي إفريقي، دعا إلى تقسيم نيجيريا جراء الصراعات الدينية بين سكانها إلى دولتين إحداهما مسلمة وأخرى مسيحية.. على غِرار ما حدث في الهند، إذ تم تقسيمها عام 1947م بعد صراعات الهندوس والمسلمين إلى دولتين هما الهند وباكستان. لكن تقسيم الهند إلى دولتين لم يحل كل المشكلات.. ومازالت هناك كشمير.. ثم إن الدولتين خاضتا حرباً ضروساً مطلع سبعينيات القرن الماضي انتصرت فيها الهند وترتّب على ذلك الانتصار تقسيم باكستان إلى دولتين هما باكستان وبنجلاديش. إذن.. فإن الدين الواحد لا يحول بين تقسيم البلد الواحد إلى دولتين. إن دعوة الرئيس العربي الإفريقي إلى تقسيم نيجيريا إلى دولتين، دعوة غريبة ومرفوضة في نفس الوقت. ومبعث غرابتها أن هذا الزعيم استهل حياته الرئاسية منادياً وهاتفاً للوحدة العربية. ولم يتحقق منها شيء ثم إتجه إلى المناداة بالوحدة الإفريقية والآن فإنه يدعو إلى تقسيم دولة إفريقية كبيرة وغنية ومؤهلة لأن تكون ركيزة أو دعامة للوحدة الإفريقية!!. إن الفوارق والتناقضات والاختلافات الدينية واللُّغوية داخل القارة الأوروبية أكثر بكثير من تلكم القائمة داخل نيجيريا.. والحروب الدامية التي اندلعت بين الشعوب الأوروبية خلال القرون الماضية أكثر وأفظع وأخطر من تلك التي حدثت وتحدث بين المسلمين والمسيحيين في نيجيريا من وقت لآخر. ورغم ذلك إتحد الأوروبيون وأقاموا الإتحاد الأوروبي وهو كيان قوي غني له وزنه في المجتمع الدولي، وله مكانته في الواقع السياسي المعاصر. وسوف تقيل نيجيريا عثرتها، وسوف يتمسك المسلمون بإسلامهم والمسيحيون بمسيحيتهم، ولكن سوف تأتي لحظة يعلو فيها صوت العقل ويقدم فيها النيجيريون وطنهم ووحدته على كل الاختلافات الموجودة بينهم. ولقد تعرضت نيجيريا ستينيات القرن الماضي إلى تجربة تقسيمية لكنها لم تصمد وسرعان ما عادت نيجيريا دولة واحدة موحّدة. وما تتعرض له حالياً ليس أخطر من تلك التجربة الفاشلة..