إن العديد من كتابنا لا يمتُّون بأيّة صلة لما يطرحونه في كتاباتهم؛ إذ ليست لهم أي جذور معها.. مثل الطحالب! هل يؤمن ويصدق الكاتب ما يكتبه؟ هل لديه يقين بأن ما يبشِّر به هو جزء لا يتجزأ من خط سير حياته؟ ما جعلني أطرح هذه الإسئلة هو ما أطالعه من كتابات في مقالات وأعمدة وسواها لمجموعة لا يستهان بها من الكُتّاب وكنت قريباً منهم وهم أبعد خلق الله مما ينادون به ويطرحونه في كتاباتهم.. كاتب يدعو إلى الفضيلة وهو موبوء بالرذيلة، وآخر ينادي بالحرية بينما يصادر حق الآخرين في الاختلاف معه، وثالث ينافح عن العدالة والمساواة وهو كتلة من الظلم والتعسف، ورابع يوزع ضوء الحب من خلال كلماته بينما يمارس عتمة الكراهية، وخامس يطعم سطوره بطيور الصدق بينما ينهش الآخرين بمناقير صقور الكذب و... وكثير من الأمثلة التي تجعل أغلب كُتّابنا في وادٍ وكتاباتهم في وادٍ آخر. إن الكتابة مرآة كاتبها، ليت هؤلاء الكُتّاب يمعنون النظر في مرآة كتاباتهم.. أي ذعر سوف يصيبهم حينما يشاهدون وجوهاً مشوهة!! { مسكين هذا الجيل: مسكين هذا الجيل.. وأعني بذلك الجيل الذي كان ميلاده مع الانتفاضة في منتصف الثمانينات من القرن العشرين، الذي كنا نعتقد أنه سوف ينعم بخيرات كثيرة ذات قيمة غذائية عالية سواء في مجال التعليم أو الصحة أو الفن أو السياسة ...الخ.. أي سوف تكون هناك انتفاضة على كل ما هو ضعيف ومشوه ومشلول و«نافد»، أي انتهت مدة صلاحيته، ولكن اعتقادي تم بناؤه على عهن منفوش، لذا لم يصمد حتى لوضع حجر أساس له. كانت الانتفاضة مجرد شعارات مثل بالونات الأطفال لا تحتاج سوى دبوس صغير جداً ليقوم «بفرقعتها» ونسمع دويها في ثانية ثم لا شيء. جاءت الأحزاب وذهبت كما جاءت حتى قبل أن تحك شعر رأسها، وبعضها زحف «الصلع» عليه. ثم أتت الإنقاذ وكاد يغرق الوطن في بحرها المالح، ولكن لطف الله به، فكانت «المراجعات» طوق نجاة، ومازالت الشواطئ بعيد بالرغم من فنارات الانتخابات. مسكين هذا الجيل لقد شرب الماء المالح غصباً عنه، فنال تعليماً مالحاً، وصحة مالحة، وفناً مالحاً، وسياسة أكثر «ملوحة»!! جيل نشأ «هش» الانتماء وأكثر هشاشة إقليمياً ودولياً. مسكين هذا الجيل وُلد وفي فمه «شوكة» صبار، من ثم لن ندهش حينما يجهل خريج جامعي معالم كثيرة في تاريخ وطنه وجغرافيته، من ثم فإن هذا الجيل وُلد ناقصاً «طفل سبعة أشهر»، وعدم اكتمال النمو سحب الكثير من رصيده في كل المناحي، لذا أصابه الكساح المبكر وضمور في نمو ذاكرته الوطنية لأنه تغذى على «دِربات» الاختلاف أكثر من الائتلاف، وتربى على لغة «الخصومة» الموغلة في التطرف. ونطرح السؤال: من المسؤول عن «مسكنة» هذا الجيل؟ { مسطول قالوا ليهو في الصين كل دقيقة بتولد واحد.. ختَّ إيدو فوق راسو وصرخ: ملعون أبو التطور.. نحن كل 9 شهور!!