أمهلت قوى تحالف الإجماع المعارضة، رئاسة الجمهورية أسبوعاً للرد على مذكرتها التي دفعت بها، مطالبة بتأجيل الانتخابات حتى نوفمبر المقبل، وحل مفوضية الانتخابات، وتعديل القوانين المتصلة بالحريات، وأبقت على احتمال مقاطعة العملية في حال عدم استجابة الرئاسة لمطالبها، وسيقرر رؤساء الأحزاب بشأنها يوم غد الخميس. كما طالب التحالف بحل مفوضية الانتخابات، وإعادة تشكيلها من شخصيات تتمتع بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية وتحظى بالإجماع الوطني، على أن تصوّب الأخطاء التي صاحبت العملية الانتخابية، وتكوين حكومة انتقالية لتهيئة الأجواء القانونية والسياسية الملائمة لقيام الانتخابات. وقررت القوى السياسية - بحسب المذكرة - ضرورة تعديل القوانين المتصلة بالحريات، وتوفير الشروط اللازمة لقيام انتخابات حرة ونزيهة وشاملة لكل أنحاء البلاد، وهددت بسحب الثقة من المفوضية في حال عدم الاستجابة لهذا المطلب. كما طالبت قوى التحالف بضرورة الاتفاق على ترتيبات سياسية للخروج من الأزمة الحالية، وتمكن البلاد من حل قضية دارفور حلاً عادلاً وشاملاً، وتنفيذ كامل لاتفاقيات السلام، ونادت بقيام الاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب في موعده، وشددت على الاعتراف بخطأ التعداد السكاني، والتأجيل الجزئي للانتخابات بجنوب كردفان. وتأتي مطالب المعارضة بالتأجيل في ظل انتقادات حادة من المراقبين، فطالما أن للمعارضة تحفظات منذ البداية؛ فلماذا دخلت إجراءات الانتخابات، إذ كان عليها أن تقاطع الانتخابات منذ بدايتها. ورأى مراقبون أن ما تفعله المعارضة حتى ولو كانت مطالبها مشروعة؛ مجرد عبث سياسي في موضوع يعتبر فاصلاً في تاريخ السودان الحديث. وحول رفض تأجيل الانتخابات قال «عبد الله دينق نيال» مرشح الشعبي للرئاسة السودانية ل «الأهرام اليوم» إن الحزب قرر خوض الانتخابات على علاتها، وهدفنا الأساسي هو مساحة من الحريات، مع تداول سلمي للسلطة. مضيفاً: لا مجال للتأجيل الآن، فلا بد من تثبيت هذه الحريات وتوسيعها بالاقتراع. مؤكداً أن الأمور تسير نحو صناديق الاقتراع بصورة معقولة. وفي أول رد لمفوضية الانتخابات على اتهامات المعارضة لها، رفض البروفيسور «عبد الله أحمد عبد الله» نائب رئيس المفوضية التعليق على هذا الأمر، وقال ل «الأهرام اليوم»: لا تعليق لدينا على مثل هذا الكلام، فنحن مفوضية مهمتها الإشراف على الإجراءات الانتخابية وتسييرها. مؤكداً أن هذه المراحل تسير في طريقها بسلام حتى الآن، وأن المفوضية ماضية في الإعداد للاقتراع. موضحاً عدم وجود شكاوى من ولايات السودان المختلفة، وأنهم لم يبلغوا بأية خروقات. وقال «د. الشفيع خضر» القيادي البارز بالحزب الشيوعي ل «الأهرام اليوم» إن حزبه مع الإجماع حول أمر التأجيل، فلو قرر إجماع المعارضة ذلك فسيدخل معهم الشيوعي، وأوضح أن هناك مشاورات للخروج برأي نهائي حول هذا الموضوع، مشيراً إلى أن اتهامات تجمع المعارضة السودانية لمفوضية الانتخابات فيه كثير من المنطق، وقال: لم نشارك في اختيار شخصيات المفوضية، فالاختيار تم بالتوافق بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، ولذلك لا نستطيع أن نقول إنهم أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والاستقلالية. متوقعاً أن تقاطع الحركة الشعبية الدخول في انتخابات الشمال إذا حدث إجماع من المعارضة. واعتبر «خضر» الأسباب التي تنطلق منها المعارضة لتأجيل الانتخابات أقل أهمية، وقال: في تقديري هناك أسباب أكثر أهمية لهذا التأجيل، وهي أن هنالك فترة انتقالية لم تكتمل، وبها مشاكل، وربما تنتهي بانفصال، وعودة مرة أخرى للحرب، وربما مواصلة للحرب في دارفور، وهذا سبب كاف ومهم في نظري للتأجيل بالإضافة للأسباب الأخرى. وأشار «ين ماثيو شول» الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية إلى وجوب الجلوس مع المعارضة، والحوار معها، وقال ل «الأهرام اليوم»: نحن مع انتخابات حرة نزيهة في ميعادها. مبيناً أن الشعبية بصدد دراسة هذه الخيارات، وأنها سوف تعلن عن النتيجة بعد التشاور أولاً مع الأحزاب، مشيراً إلى أن المؤتمر الوطني مستمر في التزوير، وأن هذا الأمر خطير جداً، مؤكداً أن المفوضية تتعاون مع الوطني بصورة مباشرة، وأن ذلك تبين من خلال سلوك المفوضية في تسيير الإجراءات، داعياً إلى تصحيح الموقف. وقال: إن من الأفضل ألا ندخل بهذا الشكل في انتخابات يترتب عليها مستقبل البلاد. وأكدت «سامية أحمد محمد» وزيرة الرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل، وأمينة المرأة بالمؤتمر الوطني، أن المعارضة تريد إحداث بلبلة للتشويش على الأجواء، بطلبها الملح لتأجيل الانتخابات. وقالت « سامية» ل «الأهرام اليوم» إن المعارضة تريد أن تحافظ على مركزها السياسي القديم، والذي سوف يهتز بعنف جراء هذه الانتخابات، وهي دخلت الإجراءات الانتخابية حتى تثبت أنها تسعى للتحول الديمقراطي. مضيفة أن هذا المطلب ما هو إلا تأسيس لما سوف تقوله بعد هزيمتها، فهي تؤسس منذ الآن حتى تقول إن الانتخابات - بعد النتيجة - مزورة، ولكن المعطيات على الأرض في غير صالح المعارضة. موضحة أنه لن يحدث تأجيل في ظل وجود هذا الكم الكبير من الرقابة الدولية، من الأممالمتحدة، والاتحاد الأوروبي، والذي أرسل أكبر بعثة رقابية في تاريخه، وكذلك المنظمات الدولية المختلفة، بالإضافة إلى الرقابة الداخلية للأحزاب نفسها، بواقع خمسة مراقبين من كل حزب. كما أكدت أن المؤتمر الوطني يثق تماماً في اكتساحه الانتخابات من الواقع على الأرض، وقالت إن أقوى المرشحين منافسة للبشير، لن يستطيعوا الصمود أمامه، وأن من يدعي أن الجنوب سيقف بكامله خلف مرشح الشعبية «ياسر عرمان» غير عالم ببواطن الأمور، وأبانت أنه حتى داخل الحركة الشعبية نفسها هناك الكثيرون ممن لن يرشحوا عرمان، وأن الأحزاب كلها في السودان لو اجتمعت على مرشح رئاسي موحد فلن يهدد الرئيس، وبررت ذلك بأن حتى لو وقفت الأحزاب خلف مرشح واحد للرئاسة، فقواعدها لن تتفق على هذا المرشح، ولن تجمع عليه. يذكر أن مجمل اتهامات المعارضة للمفوضية تتلخص في أنها صرفت الكثير من الأموال على بند تدريب الكوادر، واتهمت المعارضة مفوضية الانتخابات في هذه الجزئية بالفساد، وأيضاً سماح المفوضية بتسجيل القوات النظامية في أماكن عملها، والقانون ينص على أن يكون التسجيل في مكان السكن أو الإقامة، بالإضافة إلى الحديث عن تقسيم الدوائر الجغرافية، ودللت المعارضة على صحة اتهامها في هذه الجزئية بأن المفوضية عندما وقع خلاف بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حول هذا الأمر، قامت بزيادة 40 دائرة إضافية للجنوب، وكذلك الاتهام بطبع البطاقات الانتخابية بمطابع سك العملة بالخرطوم، مما يعطي الفرصة لتزويرها، واكتشاف عدد 100 ألف بطاقة بها رقم متسلسل واحد، والقانوني أن يكون بها رقمان، وأن هناك حديث عن أن الأممالمتحدة لم تشرف على أمر هذه البطاقات، وهذا الاتهام ردت عليه المفوضية بأن البطاقات قد طبعت في كل من جنوب أفريقيا وبريطانيا، وهناك اتهام بأن دولة سلوفينيا قد قدمت عطاء لطبع البطاقات بمبلغ 800 ألف دولار، وتم رفضه، وطبعت في الخرطوم ب 4 ملايين دولار، إضافة إلى الشكوك حول الأداء الإعلامي للحملات الانتخابية، وانحيازها لصالح الوطني، وفي بورتسودان رفض الوالي إلصاق أي ملصقات للمرشحين على الحوائط.