التحديات التي تواجه الأمة العربية تتطلب مواقف جادة ومسؤولة، العودة للبيت العربي وفق استراتيجيات تحددها المصالح المشتركة والأمن القومي المشترك هو الجهد الذي يجب أن يُبذل قبل فوات الأوان. هذه القمة التي عُرفت بقمة صمود القدس سبقتها أحداث إقليمية ودولية انعكست على الموقف العربي وقراراته { أولاً: اسرائيل ظلت ممارسات دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية مستمرة.. من هدم منازل وتشريد وتغول على الأراضي المقدسة الإسلامية والمسيحية وبناء المستوطنات وعدم الالتزام بالقرارات الدولية، الشئ الذي يكشف نية الكيان الصهيوني بعدم الرغبة في تفاوض يؤدي إلى سلام شامل وعادل، بالرغم من تمسك العرب بمبادرة السلام العربية، فضلاً عن وضع شروط مسبقة وتعجيزية لأي تفاوض: 1/ الاعتراف من جانب الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية. 2/ عدم العودة لحدود 1967م.
4/ أن تكون القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية. { ثانياً: الإدارة الأمريكية 1/ التحيز الأمريكي لدولة اسرائيل والتصريح بالالتزام بأمنها وأن العلاقات الأمريكية الاسرائيلية لم تنفصم، وهذه تصريحات لاحقة لمذكرة التفاهم الأمنية بين أمريكا وإسرائيل التي وقعت عليها وزيرتا الخارجية الأمريكية والاسرائيلية، الشئ الذي أحرج دولاً عربية كانت تأمل في دور أمريكي مقبول. 2/نجحت الإدارة الأمريكية في فرض الصراع الأمريكي الإيراني بسبب الملف النووي الإيراني.. بأن يكون القضية الأولى للعرب، وأن يكون الصراع العربي الاسرائيلي في المرتبة الثانية، مما دفع بعضهم للتصريح علانية بأن هناك مواجهة بين المشروع الإيراني والمشروع العربي. 3/ شهادة الجنرال باتريوس قائد قوات التحالف في أفغانستان والعراق بعدم القدرة على تحقيق أي نصر عسكري وسقوط قتلى وسط القوات الغازية.. أرجع ذلك إلى الصراع العربي الإسرائيلي مما دفع دول التحالف للمؤازرة والمشاركة للإدارة الأمريكية في حربها على ما يسمى بالإرهاب للتملص من ضغط شعوبها بعدم جدوى التبعية للإدارة الامريكية في حروب مكلفة ولن تحقق أهدافها. { ثالثاً: الجامعة العربية 1/ لم تنجح الجامعة العربية في رأب الصدع العربي العربي وتوحيد البيت العربي لاتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ فضلاً عن الانقسام الفلسطيني الفلسطيني الذي تُرك أمره للجهود المصرية. 2/ الصمت العربي في مواجهة غزو العراق، حيث سمحت بعض الدول العربية بمرور السلاح والعتاد الأمريكي من خلال أراضيها فضلاً عن قيام قواعد عسكرية أمريكية واستباحة المياه الإقليمية العربية وكذلك الأجواء. 3/ لم يرفع العرب ورقة ضغط واحدة توقف أو تهدد الممارسات الإسرائيلية في الأراضي العربية أو تدفع بالإدارة الأمريكية لتعيد النظر في حساباتها بأن هناك قوة في المنطقة العربية لها مصالح استراتيجية تتقاطع مع المصالح الأمريكية الصهيونية ولايمكن التنازل عنها. 4/ لم تتم الاستفادة أو توظيف المقاومة كثقافة وفاعل جديد ومؤيد من الشعوب العربية، خاصة بعد تحقيق انتصارين في 2006م بلبنان و2008م في غزة، مما أفشل مشروع الشرق الأوسط الجديد، وصمود دول الممانعة وخاصة سوريا في مواجهة التآمر الإقليمي والدولي لتكون رافعة لمشروع عربي في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني. 5/ بالرغم من بعض المجهودات الخجولة لمصالحات عربية عربية إلا أنها لاترقى إلى توقع صدور قرارات حاسمة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية التي امتدت إلى القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين. إذن ماذا تبقى للعرب.. وهذا حصاد مؤتمرات قمة لواحد وعشرين عاماً؟ { الجديد في هذه القمة: ظهور لاعبين جدد كتركيا وإيران وهما دولتان إسلاميتان يجمعنا بهما التاريخ والجغرافيا فضلاً عن مساندتهما المتصاعدة للقضية الفلسطينية في مواجهة التحيز الأمريكي والأوربي لدولة العدو الصهيوني، مما شكل دافعا معنويا للشعوب العربية للضغط على النظام الرسمي العربي للقيام برد فعل متواضع لإنقاذ فلسطين من التلاشي والذوبان خاصة بعد احتمال فشل عملية السلام التي استمرت مفاوضاتها لثلاثين عاماً ولم تحقق أي شئ. في قمة القدس لم تكن هناك توصيات بالمعنى الواضح بل مقترحات: 1/ قيام رابطة تستوعب دول الجوار والتركيز على تركيا وإيران واثيوبيا، وكان هذا مقترح الأمين العام عمرو موسي. 2/ بعد أن أدت الجامعة العربية دورها أصبحت الحاجة ملحة لقيام اتحاد عربي على غرار الاتحاد الافريقي بجهاز تنفيذي ومحكمة عدل عربية حسب ما ورد في مقترح الرئيسي اليمني علي عبدالله صالح. 3/ تعديل المبادرة العربية (السلام مقابل الأرض) بإضافة حق العودة والتعويض واعتبار القدس عاصمة للدولة الفلسطينية والاعتراف بالأرض المحتلة 1967 ومنح صلاحيات أكبر لرئيس القمة العربية وهذا مقترح الرئيس معمر القذافي. { خياران وضعهما أمير قطر: 1/ إما أن يترك العمل العربي المشترك لمصائره ومصادفاته لتذهب حيث تشاء.. 2/ أو أن تكون هناك ضرورة للمراجعة وإعادة النظر لأن الكثير من قرارات القمم العربية تصبح حبراً على ورق. كان هذا محصلة أحداث سبقت القمة ومقترحاتها، أما التوجيه الوحيد الذي تم الاتفاق عليه فهو ترحيل كل المقترحات إلى قمة استثنائية بعد ستة أشهر للتفاكر والتشاور والدراسة.. هذا ما ستكشف عنه القمم القادمة.. فهل هناك مزيد من المقترحات أم توصيات؟