٭ مهما اختلفنا حول بدعة إقامة احتفالات كبيرة جداً لتخريج أطفال الرياض؛ فإننا حتماً سنتفق على أنها فرحة تستحق التقدير والتضحية، وأن السعادة التي نصيبها ونحن نتابع إبداعات هؤلاء الصغار لا توازيها أي حسابات مادية أو منطقية، لا سيما وأن الأطفال أنفسهم يكونون في حالة من الفرح الطفولي والاجتهاد في التجويد ترغمك على احترام يومهم المميز هذا، وتشعرك بأنهم حقاً «عَشَم باكر» ورجال المستقبل. ٭ وقبل أيام، تخرج ابني «محمد» من روضة براعم البرعي، ليبدأ طريقه نحو مقاعد الدراسة والتحصيل العلمي، وفي خضم سعادتي به؛ وبداية تفكيري في الكيفية المثالية لتعبيد طريقه الدراسي، ومعاونته على التفوق والنجاح؛ قررت أنني لا أريد له أكثر من تلك البيئة الصالحة التي هيأتها له أسرة «براعم البرعي» طوال عامه الأخير بالروضة، لدرجة جعلتني أقف مندهشة ومبهورة بأدائه المتميز، ومشاركاته الشجاعة والجميلة، في البرنامج الثقافي المصاحب للتخرج، وكأنني أتعرف للمرة الأولى على قدراته، وأكتشف مواهبه وهو يقدم فقراته بكل ثقة وإذعان لتعليمات معلماته، اللائي أغبطهن على قدرتهن، الفائقة على التوجيه والتربية للدرجة التي جعلت «محمد» ينصاع لأوامرهن، ويفرط في طاعتهن، والتودد إليهن أكثر مني، أنا والدته، فيا له من تأثير ساحر لهؤلاء المعلمات المتفانيات الودودات اللائي تمكنَّ من إحكام سيطرتهن على أطفالنا العنيدين المشاغبين التواقين للتمرد والجنوح بحكم فطرتهم البشرية، فروضن فيهم كل ذلك بسطوة المحبة والاهتمام، وسياسة الاقناع والحوار، وهن يضربن مثلاً يحتذى في العمل الدؤوب والتعاون الكبير والتآخي في ما بينهن، ابتداءً من ربان سفينة «براعم البرعي» الأستاذة المحترمة والوقورة والمثقفة «اعتماد أنس» التي يقف خلفها ذلك الرجل العظيم والمتعاون زوجها سعادة الباشمهندس «عوض جلال» صديق الاندياح المداوم الذي ما فتئ يمدنا عبر البريد الإلكتروني بكل مفيد وجديد، مروراً بالأستاذة المميزة خلقاً وأداءً، تلك المجاهدة «إقبال الشيخ» التي ترى التضحية والصبر في كل جوانب حياتها، وإلى جانبها رفيقتها المخلصة الهادئة التي تعمل في صمت الأستاذة «سهام»، وكذلك الشابات الرائعات الأستاذة «رندة عباس»، والأستاذة «نهى»، والأستاذة «منى»، والخالة الودودة «بثينة» التي عكفت طوال العام على خدمة أبنائنا والإشراف على وجباتهم واحتياجاتهم دون كلل ولا ملل ولا مطالبات. ٭ أما الحديث عن كرنفال التخريج، فشهادتي فيه مجروحة؛ لأنني كنت ضمن المكرمين، وضمن الطاقم الذي عمل على إخراج هذا الاحتفال البهيج في أحلى صوره، والحقُّ يقال إن ما وفرته لنا الأستاذة «اعتماد أنس» وأركان حربها ووقوفهم على كافة التفاصيل منذ زمن طويل؛ جعلني أستمتع جداً بكل العروض المميزة والممتعة وأعمال الدراما والإنشاد والإلقاء الشعري وغيرها مما أتحفنا به هؤلاء الصغار الكبار بالإضافة لشكل الضيافة المحترم والحرص على إرضاء الجميع بأي ثمن، فقد كانت «أسرة براعم البرعي» جميعها تعمل على قدم وساق، والكل يبذل ما في وسعه دون تلكؤ أو مماطلة أو الرجوع لأحد، فكلهم كانوا «أهل وجعة»، و«أهل بيت»، وهدفهم الوحيد السترة والإتقان؛ فأتت الفقرات غاية في الجمال، والأطفال مبدعون.. مبدعون.. مبدعون، والمكان مريح، والأسر جميعها في غاية الرضا، إلا بعض المفطورين على السخط، و«النِّقة». ٭ ورغم الميزانية الباهظة التي تكبدتها أسرة الروضة؛ إلا أن جهدهم آتى أكله، وفرحة الأطفال وأسرهم أزالت العناء، وبددت التعب، ومهما قلنا من كلمات الشكر والتقدير؛ فأحسب أنني لن أوفيهم حقهم، وهم من أسهموا بفاعلية في إعداد ابني لاستقبال أعبائه الدراسية، ومجابهة الحياة كما يجب، فسلحوه بالعلم والأخلاق والقرآن والشجاعة والأدب، فلهم مني خالص الحب والتقدير والامتنان، على أمل أن يعود «محمد» لرحابهم من جديد، فينعم بخيرهم وتفانيهم على مقاعد الدراسة «بمدارس البرعي القرآنية» العام القادم بإذن الله. تلويح: براعم البرعي الروضة الغالية.. في الخرطوم راياتك عالية