{ والتأريخ القديم يروي قصة سباق الحمير في قرية الحسانية حينما كان الرجال يحتشدون لسباق معركة الحرية.. فأصبح السباق كواقعة غريبة أكثر شهرة من المعركة وصار حياً يمشي بين الناس كمثل (الناس في شنو.. والحسانية في شنو؟) { وانتهى أمر كل شخص يقوم بأمر لا علاقة له بحدث الساعة هو كمن شارك في السباق الحميري القديم.. الآن أسرّج حمار فكرتي لهذا العمود لأقود سباقاً بين الكلمات لا علاقة له بحدث الساعة السوداني الانتخابات كإجراء تحوطي مني للحفاظ على ما تيسر من القراء المداومين لي بعيدين عن ضجيج المايكروفونات والأوراق والعلامات (الصاح) و(الغلط)! { لربما تصبح هذه القاعدة آمنة من شرور الفتن والقيل والقال الانتخابية ويتحول اليها الباحثون عن الونس ورفقة الكلمات الطيبة حتى تمر أيام الترقب والانتظار الثلاثة المقلقة لنهاية الحدث.. وسيبدأ سباق آخر وتوتر أكثر رهقاً من هذا لإعلان نتيجة الفرز.. يا إلهي! خرّمت إلى حديث الانتخاب ولم يثبتني أحد منكم ويعيدني الى سيرتي الأولى وحماري العنيد. { والعناد هذا كصفة شهيرة في الأوساط الرجالية كدليل على الذكورة (الرجالة) الآن بحكم الاختلاط الاجتماعي والتصاهر بين الخبرات الذكورية والأنثوية.. تحول الى وسمة أنثوية جداً ومحببة لدى معشر الرجال عند النساء. { على زجاجه الخلفي كتب سائق مركبة عامة (عنيدة لكن بريدها) وترك لنا المجال مفتوحاً على الأخيلة المريضة والخصبة والناضجة لتخيل الضمير المستتر خلف الريدة المقرونة بالعناد هل هي للمركبة القديمة بدخانها المتسخ بالسواد أم هى ابنته؟؟ أو ... { والحرفان المسيطران على قسم العناد هما بلا شك (ما) التي تفتح عمل شيطان العناد في رأس الأنثى فيعمل جاهداً لإضافة كل الحروف العربية والمتعارف عليها لتيسير أمر العناد وإدخاله آمناً ومؤمناً الى رأس الرجل بمختلف صفاته الذكورية بدءاً من الأب وانتهاءً بالحبيب.. أو العكس. { لتنعكس السيطرة والصورة وتصبح الريادة للأمر المعاند فيه للأنثى بلا منازع لتقوى شوكة حوتها في حلق الحياة ويستمر عنادها مبذولاً بسخاء لكل نقاش تحب أن تسيطر عليه بوضع اليد أو الفم أو الرأس مادامت المحصلة النهائية عناداً مفتوح الاحتمالات على الموافقة. { ويقول الفنان (الحوت) محمود عبد العزيز في صريح أغنياته العاطفية (ما تسيب عنادك ما كفاني) ونكتفي ببلاغة الرجاء الحزين الذي لا يخلو من وعيد مبطن بأن عدم الاكتفاء من ممارسة العناد وطوالي قد يولِّد عناداً مضاداً غير مستحب في الممارسة العنادية التي تتكفل بعنيد واحد لا غير. { وأليس الفنان محمود عبد العزيز في ذات عناد مستمر يجوب الوديان الفنية والصوفية والسياسية باحثاً عن الحرية في البال وعن كفاه؟. { إن الاكتفاء من العناد غير موجود؛ لأن العناد كصفة يجعلك تعاند كل شيء يأتيك من الآخر وبدون فرز أول أو ثانٍ لهذا الشيء فالمهم أن تعاند أذن أنت موجود وعنيد. { ولأنه لم يصنّف حتى الآن كمرض نفسي أو عقلي أو حتى بدني لأنه يرتبط بقوة الرأس فإن معظم العنيدين يجهلون تماماً عنادهم وينظرون للمعاند عليهم أنهم بشر لا يفكرون ورؤوسهم لينة يمكن أن تنثني ببساطة أمام عنادهم القوي، بل وفي فورة عنادية يمكن السخرية منهم بالقول (الناس في شنو وديل في شنو؟) { مع أن معظم المعاند عليهم يكونون في الأصل هم أصحاب الفكر القوي والرأي السديد.. والمعركة الحقيقية لا الحمارية. { واعترف الآن مادام المقام غير رسمي، بعنادي الشديد لكل تفكير صائب لم يحالفني حظ تبنيه لمجرد إثبات وجود جمجمة عنيدة تحيط بعقلي وتسيطر على كافة حمير الأفكار فيه، كما أن لعنادي وهذا تبرير ميولاً وراثية تحالفت عليّ فيها الجينات والكروموزومات فأحالت حالة عنادي الى الميئوس منه والمنتظر الى الموت الرحيم من شخص خبير بالرؤوس العنيدة.. ولأني كمؤمنة ببراعة (محمود عبد العزيز) الانتقائية للكلمات فقد (كفاني). { وللذين يتوقعون عناداً قادماً في تجرؤي بالحديث (تاني) عن الشأن الانتخابي أقول كذلك: كفاني.