{ ربما كانت الأخلاق هي إحدى المرتكزات والمحاور الجوهرية التي من أجلها بُعث الرسل، وذلك لقول الرسول «صلى الله عليه وسلم» «إنّما بُعثتُ لأُتمّم مكارم الأخلاق». { ويفترض أن أمة الرسالة، والحالة هذه، أن تجعل دائماً من قيمة الأخلاق عنواناً وشعاراً تتحرك به في كل مناحي حياتها. { لهذا ينظر أهل الفقة والدعوة والاصلاح إلى العملية الانتخابية على أنها ضرب من ضروب الحياة لا يمكن تجريدها من الأخلاق. ويفترض أن المسلم يمارس هذا الضرب وفق القيم والأخلاق. { ومن هنا خرجت لجمهور الناخبين مدلولات (القوي الأمين)، وهو مصطلح (أخلاقي إسلامي)، فمِنعة الحكم تحتاج إلى هذين الشرطين المقدسين، فالقوة مطلوبة لإدارة شؤون الدولة، وأية دولة؟!، أنها دولة السودان بحركاتها الثلاثين، وأحزابها الستين، وأثنياتها المائة، غير أنه لابد لهذه القوة من أمانة تعصمها من الانزلاق، وتحرسها من الظلم والطغيان والجبروت. فكما لو أن من ينتخب رجلاً تخذله القوة البدنية، وفي المقابل لا تسعفه الأمانة والقيم، لكونه يجرد هذه الممارسة من الدين وأخلاقه، يبدو كما لو أنه (يخون الله والرسول وأماناته)، لأنك بهذا تعزز من فرص المرشح الذي تخذله هذه القيم. { وربما تزداد قناعاتك أكثر بمثل الدين والأخلاق التي يجب أن تتوافر في (ناخبك المفضل)، إذا أدركت أن هؤلاء المرشحين سيشكلون (برلمان الأمة) الذي يفترض أن يشرّع القوانين ويُقِر الدساتير. القوانين التي يجب أن تستمد قوتها من قوة الدين. { ترددت في الفترة الأخيرة عبارة (الأخلاق الرياضية)، وإنما يستمد الرياضيون المسلمون أخلاقهم من الدين، أو هكذا يجب أن يكون الاقتداء، فمتى كان أصل هذه اللعبة غير إسلامي، فيفترض أننا نمارسها بخُلقنا الإسلامي، بمعنى.. نحن نمتثل إلى الخلق الكريم في ممارسة لعب كرة القدم، ليس لأن أصلها اللاتيني يقول بذلك، ولكن لأن ديننا هو الذي يقول ذلك. { وبهذا الفهم نستوعب هذا الشعار الشاهق الجميل، شعار (الأخلاق الرياضية)، فالرياضيون يتقبلون (النتيجة)، مهما كانت هذه النتيجة، يتقبلونها (بأخلاق رياضية)، ونتيجة الانتخابات هي الأخرى تحتاج إلى قدر من الاخلاق، أن نتقبلها بقبول حسن، ولهذا يحتشد خطابنا الانتخابي بمصطلح (الأخلاق الرياضية)، كما لو أن الانتخابات التي هي السلطة تخضع لجبروت الرياضية، أو بصورة أخرى على السياسيين أن يتعلموا من الرياضيين. { بالأمس كنت أقف على هذه الأخلاق والمُثل الرياضية، وذلك عندما كنت أقوم بواجب العزاء لصديقنا العزيز الرياضي الرقم رمضان أحمد السيد، في وفاة والده عليه من الله الرحمة والرضوان، والذي يدهشك في الأخ رمضان أنه يتقن فن (صناعة الأصدقاء)، ومهارة الاحتفاظ بهؤلاء الأصدقاء، وهو يحتفظ بأخاء وزمالة (صاحب الملاذات) كما يحتفظ بصداقة الأستاذ كمال حامد، غير أن (الأخلاق والقيم الرياضية) قد تجسدت في ذلك الحضور الجميل الذي شكّل لوحة سودانية زاهية، ولك أن تتساءل.. ما الذي يجعل الملياردير صلاح إدريس.. رجل السلطة والثروة والشهرة والهلال.. أن يجلس الساعات الطوال على كرسي بلاستيك.. وكذا دكتور علي قاقرين وآخرين.. لو لا أنهم يؤيدون قيمة المواساة ويبذلون معاني التعاضد والتراحم، «مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحُمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى». { وأقل ما يمكن أن يُقال في هذا المشهد هو أن السياسة يجب أن تتعلم من الرياضة، أن تتعلم منها هذا التلاحم والتعاضد والتماسك، وتتعلم منها أيضاً (الأخلاق الرياضية).