عرفت أن نفراً محترماً من أبناء هذا الشعب الوفي سوف يُكرّمون مساء اليوم في كلية قاردن سيتي بالخرطوم شاعر العيون الأمدرماني القح الأستاذ عبد الله النجيب.. وعرفت أن التكريم يتضمّن حفلاً غنائياً تُحييه نخبة من المطربين المعتبرين. وكان مدخلنا إلى الشاعر عبد الله النجيب منتصف سبعينيات القرن الماضي صديقه الأثير عبد الباسط إبراهيم.. وهو أمدرماني مثله.. وقد عمل بعد تخرُّجه في حقوق جامعة القاهرة بمصلحة الأراضي وقد انتقل عبد الله النجيب في ذلك الوقت من السبعينيات من بيت الأسرة بحي ود ارو إلى الحارة السادسة بمدينة الثورة. وفي ذلك البيت عرفناه- وكان بيتاً مفتوحاً طوال الوقت - وكان صاحبه يسعد كثيراً بالضيوف.. وكنا وقتها طلبة جامعيين، المهندس الزراعي هاشم أحمد المصطفى.. وهو صديق شخصي للسيد عمر أبو القاسم صاحب كلية قاردن سيتي والدكتور عمر محمد سعيد مدير الشركة السودانية القطرية للإنتاج الحيواني، والدكتور كمال أبو شمة صاحب وعميد مدارس الأندلس بكوستي. لقد استضافنا عبد الله النجيب في بيته عشرات المرات ولم يكِل ولم يمِل قط، وكان هاشاً باستمرار كريماً مقبلاً محباً للحياة. وكان هناك آخرون وكان هناك أصحابه، صهره الشاعر الموهوب مصطفى سند، وعديله الشاعر المقتدر محي الدين فارس، والمطرب هاشم ميرغني، والحكم الدولي عبد الله عبد السلام، وحارس مرمى الهلال أول الخمسينيات سعد خير الله وشقيقه لاعب الإخلاص والمريخ الفلتة سعيد بلبوط، وكمال سينا الذي لا يحتاج إلى تعريف، وطبعاً كان هناك صاحبه المفضل عبد الباسط إبراهيم. وكان السودان في ذلك الوقت من منتصف السبعينيات بلداً جميلاً بناسه وكان آمناً وكانت وحدته في مقدمة الثوابت والمقدسات وكانت أم درمان هي ست الدنيا! ولقد سبقنا إلى هذا الوصف الشاعر العربي الكبير نزار قباني لكنه أطلقه على بيروت في قصيدة جميلة استهلها بقوله: يا ست الدنيا يا بيروت من باع أساورك المشغولة بالياقوت وكان نزار قباني يتحدث عن بيروت منتصف السبعينيات حينما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية. واستمرت علاقتنا واستمرت لقاءاتنا مع عبد الله النجيب بعد ارتحاله إلى بيته الحالي في الحارة العشرين بالثورة، وأوضح أنه لم يحتمل رحيل أحب الناس وأقربهم إليه، مصطفى سند ومحي الدين فارس وعبد الباسط إبراهيم. لكنها سنة الحياة. ثم نشكر أصالة عن أنفسنا ونيابة عن الأستاذ عبد الله النجيب كلية قاردن سيتي وكل الذين كانوا وراء تكريمه .. فهو يستحق .. وأكثر..