{ كما هو مُتوقع، فاز الرئيس المرشح «عمر البشير» بانتخابات رئاسة الجمهورية بنسبة بلغت 68% من أصوات الناخبين، حيث حصل على (6.901.694) صوتاً «ستة ملايين وتسعمائة وألف وستمائة وأربعة وتسعين صوتاً». { فاز البشير، وفوزه لا يحمل مفاجأة، والنسبة التي حصل عليها تمثل الحقيقة والواقعية السياسية، وتحترم عقول الناس، وتقترب من النسبة التي توقعناها قبل بداية الاقتراع في زاوية «شهادتي لله»، بينما توقّع، بل (أكّد) الدكتور «نافع علي نافع» نائب رئيس المؤتمر الوطني، فوز البشير بنسبة (80%)..!! وقلنا له يومها - وعبر هذه المساحة - إنها نسبة لا علاقة لها لا بالحساب.. ولا بالسياسة.. آخذين في الاعتبار عدد أصوات المواطنين في جنوب السودان التي تبلغ نحو (4) ملايين صوت. { وكتبنا يومها صارخين في آذان عباقرة (المؤتمر الوطني) بأن الحركة الشعبية وجيشها الشعبي بقيادة الفريق أول «سلفاكير ميارديت» هما اللذان سيحددان الفائز في انتخابات رئاسة الجمهورية ورئاسة حكومة الجنوب عبر صناديق اقتراع جنوب السودان. { وقلنا لهم إن الجيش الشعبي هو الذي ينفذ سياسة البطش والإرهاب للتأثير على الانتخابات، فإذا أرادوا أن يفوز «ياسر سعيد عرمان» بأصوات الجنوبيين فسيفوز. { لكن العباقرة ادعوا المعرفة بالملفات الحساسة، وزعموا أنهم - وحدهم - المحتكرون لمصادر المعلومات، فانبروا لأجهزة الإعلام والصحافة مصرحين بأن أصوات الجنوبيين ستكون (مناصفة) بين البشير وعرمان..!! فأرهقوا الرئيس البشير بزيارات مكثفة لمدن وبلدات جنوب السودان وهم يتوهمون أن قلب «سلفاكير» معهم، وأن جيشه الشعبي لا يأبه ل «عرمان»، وأن «الحركة» منقسمة وأن... وأن.. وأن...!! { فإذا بالنتيجة التي أعلنها أمس رئيس المفوضية القومية للانتخابات، مولانا «أبيل ألير»، تكذب معلومات وتحليلات العباقرة، وتؤكد أن جملة الأصوات التي حصل عليها الفريق سلفاكير المرشح لرئاسة حكومة الجنوب، بلغت أكثر من مليونين و«666» ألفاً.. بينما حصل «عرمان» المرشح لرئاسة الجمهورية على أكثر من مليونين و(197) ألفاً.. وهذا يعني أن عرمان حصل على أكثر من مليوني صوت في جنوب السودان.. بالإضافة إلى أكثر من مئة ألف صوت في الشمال، آخذين في الاعتبار نتيجة بقية المرشحين للرئاسة من شمال السودان التي تتراوح من (195) ألف صوت للأستاذ حاتم السر، وأكثر من (96) ألف صوت للإمام الصادق المهدي (المنسحب من السباق)، إلى (77) ألف صوت للدكتور كامل إدريس، وانتهاءً ب (21) ألف صوت للأستاذ محمد إبراهيم نقد، المنسحب أيضاً من الانتخابات. { وبهذه النتيجة يتضح للملأ أن الجيش الشعبي بإشراف «الحركة» قد أدى مهمته بحرفية عالية في تتويج الفريق «سلفا» فائزاً برئاسة حكومة الجنوب بنسبة (92.9%)!! فيما ذهبت معظم أصوات الذين انتخبوا «سلفا» لمرشح الحركة للرئاسة (المنسحب) «ياسر سعيد عرمان»...!! تأملوا الرقمين (2.666) مليون لسلفاكير و(2.197) مليون لعرمان. { ولهذا فإن تصريح أحد العباقرة في الخرطوم القائل بأن الحركة الشعبية سحبت «عرمان» بعد (تفاهمات) مع «المؤتمر الوطني» هو مجرد ادعاءات لا محل لها من إعراب نتيجة مولانا «أبيل ألير»..!! { فاز «البشير».. وكان لابد أن يفوز لأنه يمثل شخصية السوداني النبيل.. ابن البلد الأصيل الذي لا يعرف خبثاً.. ولا يضمر غِلاً.. ولا يكيد للأعداء.. هكذا عرفته أمهاتنا.. وخالاتنا.. وأحبه آباؤنا.. وأعمامنا.. واخواننا على امتداد المليون ميل مربع.. أحبوه لأنه منهم.. يشبههم ملمحاً ومخبراً.. يحكي حالتهم.. ويرسم مشهدهم.. وينطق بألسنتهم.. يزاورهم في الأفراح والأتراح.. يخالطهم في المقابر.. و(يقالدهم) في الأعراس.. { «البشير» قطعة من عجينة هذه الشعب.. (مملحة) بالطيبة.. ومعطونة في عرق الغلابى والكادحين.. { فاز «البشير» لأنه منّا.. ابن فلاح بسيط.. أخُ كريم.. وابن أخ كريم.. حملته الأقدار وتصريفات السياسة من صفوف القوات المسلحة إلى مقعد رئاسة الجمهورية.. فكان خير سفير للمؤسسة العسكرية.. مثّلها فأحسن تمثيلها.. ومثّل شعبنا فأحسن قيادته عشرين عاماً من الصبر والكفاح الطويل.. تكسرت خلالها النصال على النصال.. وظل البشير صامداً وصابراً على مؤامرات الأعداء.. ومتجاوزاً لأخطاء الداخل.. وتجاوزاته الغبية.. يغطي لهذا.. و(يطبطب) على ظهر ذاك لتمضي السفينة.. وتعبر المضائق.. { فاز «البشير».. لكن الذي تبقى من المشوار أصعب.. فإما أن تعود (الإنقاذ) إلى مربعها الأول وشموليتها القابضة في ظل (برلمان) بلا معارضة..!! برلمان كل أعضائه في الولايات الشمالية ينتمون لحزب (المؤتمر الوطني) وأفراد على عدد أصابع اليد من أحزاب أخرى..!! هل تصدقون أن حزباً صنع استقلال السودان مثل (الاتحادي الأصل) يحصل - حتى الآن - على مقعدين فقط في برلمان به (450) مقعداً..!! { أليست فضيحة سياسية حتى ولو كانت الانتخابات حُرة ونزيهة وشفافة.. أليس غباءً أن نقول إن الشعب السوداني أسقط كل مرشحي حزب الأزهري الزعيم والشريف الحسين الهندي.. ومولانا السيد محمد عثمان الميرغني.. ابتداءً من «ميرغني عبد الرحمن سليمان» المرشح لوالي شمال كردفان.. إلى «البخاري الجعلي» المرشح لوالي نهر النيل.. إلى «التوم هجو» المرشح لوالي سنار.. ثم يسقط كل مرشحي الحزب بجميع الدوائر الجغرافية في السودان عدا دائرتين أو ثلاث.. أو قل خمس.. من لدن الرمز الوطني والاجتماعي والاقتصادي الكبير السيد «طه علي البشير» رئيس نادي الهلال الأسبق، أكبر أندية السودان، ومدير عام مجموعة «حجار».. وعضو مجالس الإدارات بالعديد من الشركات والبنوك، الذي رضي أن ينزل بدائرة «الدبة» متنازلاً عن الترشيح لمقعد والي الخرطوم.. فأسقطوه بالدبة.. بل لم يجعلوه حتى ثانياً في الترتيب..!! { هل هكذا يكون الذكاء السياسي، أن يتحدى رجل مثل «مندور المهدي» مفوضية الانتخابات ويتشدق على أثير الفضائيات والإذاعات بالأمس، زاعماً فوز المرشح «عبد الله مسار»، رغم قرار المفوضية والمحكمة العليا بإلغاء الانتخابات وإعادة الاقتراع بعد أسبوعين من اليوم.. مقابل الرضاء التام عن سقوط قامات وطنية متوازنة ومتزنة مثل الحكيم «طه علي البشير»..؟! من يفكر لهذا الحزب..؟ من يُخطط له..؟ مَن.. ومن..؟ { وبعد كل هذه (الهرجلة)، يتحدثون عن انتقال السياسي الوحيد الذي تبقى في (حزب مندور) الشيخ «علي عثمان محمد طه» من منصب نائب الرئيس إلى مقعد رئيس البرلمان..!! { وهل هذا البرلمان.. برلمان (الإجماع السكوتي) القادم يحتاج إلى صاحب قدرات هائلة لإدارته، ليتفرغ له السياسي الوحيد بين قيادات حزب المؤتمر الوطني؟ { إن أي عضو من الكوادر الوسيطة يمكنه أن يدير هذا البرلمان بتشكيلته (الأحادية)، علماً بأن نواب الحركة الشعبية سيغادرون عند إعلان الانفصال الذي ستقرره - أيضاً - الحركة والجيش الشعبي وليس مواطني جنوب السودان. { سيدي الرئيس المنتخب عمر البشير: إذا لم تضم الحكومة القادمة وزراء من حزبي الأمة القومي والاتحادي الأصل.. وتشكيلات اليسار والمستقلين والسلفيين.. فلا حاجة إلى إعلان جديد.. ومراسيم جديدة تكرّر ذات الوجوه.. ذات الرجال.. ذات الجمود.. { انفتح سيدي الرئيس على الآخرين.. كفانا أخطاء.. كفانا عباقرة.. كفانا أدعياء.. ومآزق دارفور.. والجنائية.. و«أبيي».. وانفصال الجنوب.. علامات على طريق الألغام والانفجارات.. { وفقكم الله لخدمة البلاد والعباد.