يجب أن نوظف في هذه الفترة القصيرة الممتدة من الآن إلى يناير القادم أقصى ما يمكن توظيفه من إمكانيات وقدرات وموارد لتعزيز قضية الوحدة، وحدة السودان أرضاً وشعباً، من حلفا إلى نمولي، ومن الجنينة إلى بورتسودان. ومن واجبنا أن نبني على التصريحات شبه الوحدوية التي تصدر أحياناً من بعض أقطاب الحركة الشعبية، من أمثال الأمين العام باقان أموم، ونائبه ياسر سعيد عرمان، فقد نسب إليهما قولهما إنهما سوف يعملان لتحقيق أو استعادة الوحدة حتى إذا ما كانت نتيجة الاستفتاء هي الانفصال. لكن السؤال هو لماذا لا يعملان وبكل الإخلاص لكي تأتي نتيجة الاستفتاء في صالح الوحدة؟ فمن الملاحظ أن كثيراً من أقوالهما تدفع الجنوبيين دفعاً لأن يصوتوا لصالح الانفصال، وهما تحديداً باقان وعرمان عملا كل ما في وسعهما لتكريه الجنوبين وتنفيرهم من الوحدة ومن الشمال والشماليين، وكانا يؤججان كراهية الجلَّابة بأكثر مما يؤجج غلاة الصهاينة كراهية العرب في قلوب مواطنيهم، وبأكثر مما يؤجج العروبيون كراهية إسرائيل ومن هم وراءها في قلوب العرب. إن المنطقي والأفيَّد هو أن يحرص باقان وعرمان وأن يعملا لأجل أن تأتي نتيجة الاستفتاء المزمع إجراؤه يناير القادم في صالح الوحدة بدلاً من انتهاجهما لهذه السياسات وإطلاقهما لهذه التصريحات التي تنفر الجنوبيين من الوحدة ومن الشمال والشماليين. إن الشماليين الذين نفروا من الوحدة ودعوا نهاراً جهاراً إلى الانفصال أو إلى تقسيم البلد إلى دولتين؛ فعلوا ذلك لأسباب كثيرة وفيها بعض المنطق وبعض (الوجاهة)! ولكن أسهم في دفعهم إلى الكفر بوحدة السودان ومطالبتهم بتقسيمه تصريحات ومواقف بعض القياديين في الحركة الشعبية من أمثال باقان أموم وياسر عرمان وما أكثرها. وتسيطر على الجنوب الآن الحركة الشعبية، وهي سيطرة عسكرية واقتصادية، وإذا كانت هذه الحركة وحدوية فعلاً وإذا كانت حقيقة تمثل الشعب الحركي في الجنوب فمن المؤكد أن تأتي نتيجة الاستفتاء في يناير القادم في صالح الوحدة. وإذا ما كانت نتيجة الاستفتاء هي الانفصال وبالتالي تشظي السودان إلى دولتين؛ فليس معنى ذلك أن الشماليين فشلوا في أن يجعلوا الوحدة جاذبة، وإنما معناه أن الحركة الشعبية حركة انفصالية وأنها خدعت وكذبت عندما ادعت أنها تستهدف تحرير السودان. وفي هذه الحالة يجب أن يتعامل معها الوحدويون جنوباً وشمالاً باعتبارها حركة انفصالية تجب مقاومتها ومحاربتها لأجل أن يكون السودان العظيم بلداً واحداً موحداً.