{ إنشاء الكليات والبرامج بالجامعات في دول العالم المتقدم يرتبط بحاجة المجتمع، ويتَّسق مع خطط واستراتيجيات الدولة ومشروعاتها التنموية زراعية، أو صناعية أو متعلقة بالبنى التحتية. { ولكن يبدو أن قيام الكليات الجديدة والمصادقة عليها في بلادنا يتم اعتباطاً دون دراسات ومراجعات تستهدف سد الثغرات، وتلبية الحاجات، وتغطية النقص في سوق العمل. { ولا تبالي إدارات بعض الجامعات وهي تستحدث كل عام كليات تطبيقية أو نظرية، وتعلن عن فتح القبول لدفعة جديدة من الطلاب، ليدفع الطالب رسوماً دراسية باهظة تبلغ آلاف الجنيهات، أو آلاف الدولارات لطلاب النفقة الخاصة أو الشهادة العربية..!! { ففي إحدى الجامعات تخرجت أكثر من (10) عشر دفعات من كلية تحمل اسم «هندسة الطيران» يقضي بها الطالب خمس سنوات، ثلاثاً منها تضيع على كورسات نظرية إدارية لا علاقة لها بموضوع التخصص «هندسة الطيران»..!! { ويشقى الطلاب في السنة الرابعة لتوفير آلاف الدولارات للفرد للسفر خارج السودان للالتحاق بإحدى كليات «هندسة الطيران» بدولة متقدمة في هذا المجال لمدة لا تزيد عن شهر ونصف الشهر..!! { والجامعة الحكومية التي تتحصل رسومها الدراسية (على داير المليم) لا تدعم مثل هذه الرحلات العلمية، وهي في الأصل كورسات عملية وعلمية تغوص في أعماق التخصص، ولا شك أنها أقيم وأفيد للطلاب من دراسات نظرية معنية بعلم الإدارة. { وبعد التخرج، أين يعمل مهندسو الطيران؟! في مصنع صافات؟! كم يستوعب سنوياً.. وكيف يتم الاستيعاب.. باختيار أوائل الدفعات أم عملاً بنظرية الولاء قبل الكفاءة حتى في تخصص نادر وحساس كهذا؟! { وبعد هندسة الطيران، أنشأت الجامعة كليةً للهندسة النووية..!! ولا تعليق. { وخريجات كلية هندسة النفط لا يجدن وظائف في وزارة الطاقة وشركات البترول فيعملن في وظائف إدارية، أو سكرتيرات في المكاتب!! لماذا إذن تقبل الجامعة وإدارة القبول للتعليم العالي (طالبات) بكليات هندسة النفط إذا كان سوق العمل لا يقبل مهندسات نفط؟ { إنها كليات حالمة.. وتخصصات (بالونية) منفصلة ومنعزلة عن الواقع وحاجة المجتمع وبرامج الدولة. { إنني، وحفاظاً على أموال وأزمان الطلاب وأولياء الأمور، أنصحهم بعدم التورُّط في التقديم لهذا العام لكليات (مَضهَّبة) في التخصصات الطبية مثل الهندسة الطبية وغيرها، والتخصصات الهندسية مثلما أوردنا سابقاً، وبعض الكليات النظرية التي تخرج فيها مئات الآلاف دون أن يجدوا وظائف فتحولوا إلى قيادة «الركشات» و«الأمجاد»..! { إياكم والكليات (المَضهَّبة) فسماسرة السيارات يقولون عن العربة التي لا سعر لها ثابت (دي عربية مَضهَّبة)..!! حمانا الله واياكم من شر (الضَهَب)، و(المتضهِّبين) و(المتَضهِّبات).