{ قلت من قبل إنني لست ضد أن ينداح الفن السوداني عبر كل المسالك والقنوات المتاحة لأنه فن محترم وفي أغلبه يحتوي على معانٍ سامية ويصف التجربة الإنسانية بكل تفاصيلها من افراح إلى أحزان إلى اختلاط ما بين هذا وذاك. { وقلت في أكثر من مرة إننا نفتقد المشاركة في مهرجانات عربية مهمة جعلت من مسارحها منبراً للفن الجميل مثل مهرجان بعلبك أو مهرجان قرطاجة وهي المهرجانات التي يجتمع فيها الفنانون العرب من الخليج إلى المحيط يقدمون ما عندهم بمختلف اللهجات والإيقاعات ولا أدري ما هو السبب الحقيقي في أن لا نكون من المشاركين في هذه التظاهرة العربية الكبيرة وهو أمر يحتاج إلى مراجعة إن كان من جانبنا أو من جانب إدارة هذه المهرجانات. { ولعل أكثر ما يعذبني في أننا نفتقد إلى أراضٍ عربية كثيرة نفرط فيها للأسف بكسلنا وعدم اقتحامنا أو لعله تخوفنا من الخوض في التجربة أم أنه قصور من إعلامنا، أكثر ما يعذبني أن الفن السوداني وضع بصمة وأثراً على المستوى الأفريقي. { وهذا الأثر لم تنحته أغنيات إيمان لندن ولا وجدان الملازمين أو فنانات «العين تسمع قبل الأذن أحياناً» ولكنه إرث كبير وضع لبناته الرائع سيد خليفة والإمبراطور محمد وردي والأستاذ محمد ميرغني وعبد العظيم حركة وغيرهم. { ولشدّ ما أجد نفسي فخورة والإخوة في إثيوبيا، مثلاً، يتذوقون «كلمني يا حلو العيون» أو«القمر بوبا» أو«ازيكم كيفنكم» وهذا الرسوخ وهذا التذوق كان نتاجاً طبيعياً لحلاوة هذه الألحان وجزالة الكلمات فلم يكن فناً يحتاج إلى وسيط أو متعهد ليفرضه أو يكون عنه مسؤولاً بالوكالة. { وعلى هذا القياس أقول إن سفر الفنانين والفنانات إلى نيجيريا ليس عليه غضاضة طالما أنه يتم وفق القنوات الرسمية وطالما أن هذه الحفلات تقام في النور وعلى الهواء الطلق وطالما أن الأسماء التي تسافر هي أسماء يمكن أن تبلغ أن تكون مسموعة ومقبولة في نيجيريا البعيدة لأنه ما ممكن فنانة تغني في الدروشاب مثلاً ولم يسمع بها أهل أم القرى شمال ممكن تقنعني أنه شريف نيجريا يميل طرباً لها ويرسل في طلبها بطائرة خاصة وكمان يبذل لها شيكاً على بياض. { لكن الجديد الذي استفزني حد الاستفزاز ما ورد في الأخبار أن وكيل الشريف الموجود في الخرطوم هذه الأيام يقوم بإجراء (معاينات) لنجمات نجوم الغد، ولا أدري على أي أساس يقوم سيادته بهذه المعاينات اللهم إلا إن كان هذا الوكيل مركّب ماكينة الأستاذ بابكر صديق وعايز يعمل نجوم الغد فرع نيجيريا! { والسؤال الأكثر أهمية كيف ارتضت هؤلاء الفنانات الواعدات اللائي حتى الآن يمتلكن أصواتاً فقط دون إنتاج خاص أو حتى مخزون في التجربة، كيف ارتضين أن تتم لهن معاينة حتى ينلن شرف الغناء في بلاط شهريار زمانه السيد حاكم مادوغري!! { في كل الأحوال إن صحت قصة «المعاينات» هذه فيبقى الحكاية عايزة شرح وتوضيح وعلينا ألاّ نتساهل في أي شكل من أشكال استباحة حقوقنا وحدودنا مهما كانت النوايا المبداة حسنة أو جميلة. { وعلى اتحاد المهن الموسيقية أن يفعّل صوته ودوره أكثر لتكون كل الرحلات الفنية تحت بصره وإشرافه وألاّ تكون هذه الرحلات مدعاةً للضبابية وسوء الفهم لأنه الواضح واضح وما عندنا مانع أن تغني أفراح عصام في نيجيريا حتى لو أنها لم تطلع حتى الآن من البيضة أو تغني رفيعة هناك رغم أنها حتى الآن لا تمتلك شريطاً واحداً للكاسيت أو حتى ثلاث أغنيات على بعض. { أما فنانونا الكبار أمثال الكابلي وصلاح ابن البادية وسلطان الطرب كمال ترباس ومحمد الأمين ومحمود تاور وزيدان إبراهيم والبلابل والأمين عبد الغفار ومجذوب اونسة فيكفي أن نحبكم نحن الغبش ونمنحكم الملايين من شيكات المحبة لتكتبوا ما تشاؤون عليها من الأرقام. .. كلمة عزيزة مساء جديد للأسف أصبح في غالب أيام الأسبوع فترة إعلانية مملة يطل عليها كل من يستطيع أن يدفع زمن فترة بثه..ا أخي الشفيع ألحقوا هذا المساء الذي كنا ننتظره بفارغ الصبر. .. كلمة أعز .. قال معاينات قال!!!!