انقسم الوسط الفني بين مؤيد ومعارض لسفر المطربات إلى نيجيريا، ويرى القسم الأول المكون من عدد من المطربين والموسيقيين والنقاد أن خروج المطربات إلى دول الجوار كلها وليس نيجيريا فحسب لا يقدم الفن السوداني ولا يسهم في انتشاره ووصفوا أعمال هؤلاء المطربات بالفطيرة وأنهن يعتمدن على مظهرن فقط وأبانوا أن سفير الأغنية السودانية سيد خليفة كان يحمل مقومات الفنان الحقيقي واستمرت السفارة بأحمد المصطفى، حسن عطية، كابلي الذي تحدى نفسه وتغنى في أمريكا بالجيتار الإنجليزي بعد أن لم يجد آلة العود مروراً بمحمد وري، محمد الأمين، د. عبد القادر سالم وحتى جيل شرحبيل الذين صاحبوا د. الفاتح حسين وقدموا أعمالهم بمهرجانات الأوبرا طوال عشر سنوات كاملة وأن جميعهم كانت سفارتهم حقيقة وأعمالهم تؤهلهم للغناء باسم وطن سامق كالسودان أرض الرجال والبطولات والكرم والشهامة ومكارم الأخلاق. ووصفوا سفر المطربات العشر بالمصائب العشر التي وقعت في رؤوس أهل السودان وتحدثوا طويلاً عن المرأة السودانية وكبريائها وعزتها وكرامتها ومكانتها العالية بين نساء الأرض منذ بدء الخليقة وحتى السادس من أكتوبر 2010م. ومضوا إلى أن سفر المطربة عائشة الفلاتية في السابق كان لدواعٍ حقيقية فهي سافرت مع الجيش لإلهاب الحماس حتى حقق النصر في «كرن» وما قدمته ما زال أسود القوات المسلحة بعد أكثر من خمسين عاماً يهتزون له طرباً ويملأون به سماء الأعداء رصاصاً يحمل قيم الكرامة المستدامة. أما رحلاتها إلى القاهرة فكانت بصحبة أمنية لكي تسجل أعمالها في الأسطوانات وإذاعة ركن السودان فلم تكن لدينا شركات للإنتاج الفني ولا حتى أستديوهات. أما الذين قالوا «نعم» لسفر جميلاتنا إلى نيجيريا فقد حملوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أيديهم وبه أن حرية الحركة والانتقال من بلد آمن إلى بلد آمن أو من بلد مضطرب إلى آخر آمن حق مكفول للجميع ومضوا إلى أن النسوة العشر خرجن من بيوت محارمهن وعليهم وحدهم أي المحارم تقع المسؤولية وأردفوا أنهن خرجن عبر مطار الخرطوم الدولي الذي لا يستطيع «فأر» أن يغادره في وجود الأجهزة الأمنية المنظمة جداً و«الصاحية» أبداً وأنه طالما تم الخروج بواسطتها وعلمها وتصديقها ومباركتها فلماذا يحرق نصف الشعب السوداني أعصابه ولماذا تغيب كل القضايا الساخنة من غلاء طاحن وارتفاع في سعر صرف الدولار وتدني مستوى التلاميذ في المدارس وتلويح قادة الحركة الشعبية بالتصويت للانفصال والمصائف العالمية في جوبا وخوف إسرائيل من زيارة أحمدي نجاد لحسن نصر الله في جنوب لبنان وارتفاع حالات الطلاق في الخرطوم وتساءلوا لماذا ينسى الشعب السوداني كل هذه الأحداث الساخنة ويوجه سهامه إلى عشر «نسوان» مسكينات وجدن فرصة لجمع حفنة من الدولارات من بضع حفلات يقيمها رجل مشحون بعشق غناء نساء السودان يدعى شريف ولاية مادوغري النيجيرية ليقدمن له ما طاب من الغناء في ذكرى استقلال بلاده الخمسين يعني الذهبي وطلب هذا القسم من المستطلعين أن يلتفت أهل الصحافة والفن والأدب وعامة الناس لأشغالهم وأن الجميلات عدن الآن إلى الديار محملات بالذهب «ويا دار ما دخلك شر». ويبقى الزميل هيثم كابو رئيس تحرير صحيفة فنون الغراء هو صاحب السبق في كشف هذه الرحلة المثيرة للجدل حتى الآن وربما لسنوات قادمة وسؤالي ماذا إذا سكن الشريف بأحد أحياء الخرطوم الراقية وترك نيجيريا؟ الله يكضب الشينة.