تضاربت الأنباء حول عدد الخسائر الناجمة عن المعارك التي اندلعت بولاية جونقلي منذ «4» أيام، ففي الوقت الذي تحدثت فيه وكالات الأنباء عن مقتل «53» جندياً إثر اشتباكات الجيش الشعبي مع قوات الجنرال جورج أطور المرشح المستقل لمنصب والي جونقلي، قال حاكم جونقلي الفريق كوال ميانق إن أطور فرّ إلى الأحراش وأن المواطنين الذين معه عادوا إلى مناطقهم في «خور فلوس». وأبان ميانق في حديث ل«الأهرام اليوم» إن أطور لم تكن لديه قوة وأن الذين انضموا إليه هم مجموعة من أقاربه من شرطة حرس الصيد «الحياة البرية» وبعض المواطنين الذين سلّحهم أطور من أبناء منطقته، نافياً حدوث معارك مع قوات الجيش الشعبي. فيما أكد مصدر فضّل حجب اسمه أن هناك ما يقارب «6» آلاف جندي من الجيش الشعبي انضموا إلى أطور، كاشفاً عن تأييد كبير وسط الجيش لحركة أطور التصحيحية. وأشار المصدر، وهو مقرب من أطور، أن ما دفع الجنرال إلى خوض الانتخابات مستقلاً هي تلك السياسات الخاطئة لسلفاكير وتأثير المجموعة التي حوله على مجريات الأمور داخل الحركة الشعبية خاصة وأن هذه المجموعة تعمل من أجل مصالحها وأجندتها الشخصية، فالعديد من هؤلاء لم يكن لهم سجل نضالي وكان بعضهم يقيم في أوروبا ولم يفعلوا شيئا لصالح الحركة، مضيفاً أن هذه المجموعة أضرّت بالحركة الشعبية وحقوق الجنوب واحتياجاته من تنمية وغير ذلك، وكان هناك ضرورة لقيام حركة تصحيحية، مشيراً الى أن حركة أطور تحظى بقبول كبير وسط الجيش الشعبي وأن هنالك من يدعموا هذا الاتجاه من ضباط وقادة وحدات وسط قيادة الجيش الشعبي، خاصة بعد كشفهم لخطة أبناء بحر الغزال بالسيطرة على الجيش الشعبي. ويشار إلى أن «أطور» الذي أعلن تمرده ضد قيادة الجيش الشعبي، هو ذات الجنرال الذي تمرد في 16 مايو 83 ضمن كتيبتيْ «104105» بتوريت ضد نظام الخرطوم. وينحدر أطور من منطقة «بور» ذات المنطقة التي ينتمي إليها الدكتور جون قرنق مؤسس الحركة الشعبية ومنظّر مشروع السودان الجديد، إلا أن أطور عُرف برفضه لهذا المشروع وانحصرت نضالاته من أجل حقوق جنوب السودان وأن على أبناء الجنوب الاهتمام بقضاياهم. فأطور الذي تخرج في 79 من مدرسة أعالي النيل الثانوية ذهب إلى الأدغال عام 1983م هو ذات القائد الذي تولّى قيادة وحدة جونقلي ومنسق العمليات العسكرية ياي «2003-2002» ونائب رئيس هيئة الأركان توجيه، وهو من المقربين لدكتور جون قرنق والفريق كوال ميانق حاكم جونقلي، إلا أنه الرجل دخل انتخابات 11 أبريل 2010م مستقلاً بعد أن دفعت الحركة بالفريق كوال ميانق لمنصب الحاكم بولاية الوحدة، وأفرزت ترشيحات الحركة الشعبية للانتخابات خلافات كبيرة وسط التيارات المتصارعة داخل الحركة، بيد أنها هي ذاتها التي دفعت بأن يترشح الفريق الفريد لادو مستقلاً لمنصب حاكم بحر الجبل في مواجهة مرشح الحركة الشعبية كلمن واني، يبقى غوري هو جنرال بالجيش الشعبي ينتمي إلى قبيلة الباريا التي تبدي استياءً واضحاً على بقاء القبائل الأخرى في جوبا، وتُعرف هذه القبيلة بتمسُّكها بأراضيها، قد آثار إعلان فوز كلمن واني بمنصب حاكم بحر الجبل مظاهرات أدت هي الأخرى إلى صدامات بين المواطنين والشرطة واختفى على خلفيتها الفريد لادو وحمّل أنصاره الحركة الشعبية أسباب اختفائه وفق تصريحات رئيس حملته الله جابو سامسون ل«الأهرام اليوم» في وقت سابق، أي قبل أن يظهر لادو ويكشف عن مكان وجوده، إلا أن شائعات اختفائه مازالت حديث المدينة؛ فبينما يرى البعض أن لادو ذهب إلى صديقه الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني الذي تربطه بالرجل علاقة قوية، يرى البعض الآخر أن قوري ذهب إلى جزيرة كاندقري داخل مدينة جوبا. أما بشمال بحر الغزال التي شهدت هي الأخرى توترات أمنية كادت أن تحدث صداماً بين أنصار الحكام اللواء قول مونق والجنرال داو اتور جوك، مازالت هي الأخرى تعيش حالة الترقب والحذر كتلك التي تعيشها ولاية الوحدة عقب طرد مساندي المرشحة المستقلة لمنصب الحاكم حرم الدكتور رياك مشار نائب رئيس الحركة «انجلينا تنج»، وهو ما يؤكد دخول صراع التيارات داخل الحركة الشعبية إلى المواجهة. ويرى المراقبون أن إعلان تمرد أطور قد يجر الجنوب إلى حركات عصيان وسط العديد من القبائل؛ خاصة وأن هنالك من يرى أن مثل هذه الأحداث قد تدفع بالجنوب إلى حلبة الاقتتال القبلي، خاصة في وقت برزت فيه الأجندة السياسية لكل تيار؛ ففي ولاية الوحدة التي تنتج ما نسبته «80%» من النفط السوداني اشتد الصراع بعد الانتخابات والذي يسيطر عليها من تيارات الحركة هو الذي يسيطر علي مقاليد الأمور داخل الحركة. أما جونقلي فهي الأخرى تمثل السيطرة عليها السيطرة على الجيش الشعبي والحدود قاعدة الانطلاق بإثيوبيا لأي تمرد جديد بالمنطقة. ويرى المراقبون أن صراعات الانفصاليين والوحدويين داخل الحركة الشعبية قد تقود إلى صدام بينهما كما حدث إبان 83 في «ببلقام» عندما دخلت مجموعة قرنق ومجموعة أنانيا بقيادة عبد الله شول في معارك خلفت آلافاً من القتلى.