هدّدت حكومة جنوب السودان الأممالمتحدة بإغلاق محطتها الإذاعية «مرايا اف ام» على خلفية إجراء الإذاعة حواراً مع قائد التمرد بجنوب السودان الفريق جورج أطور الذي تقود قواته عمليات عسكرية ضد الجيش الشعبي منذ السادس عشر من أبريل الماضي، أي عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات التي جرت في 11 أبريل 2010م. وكان الجنرال أطور قد تقدم باستقالة من منصبه في هيئة أركان الجيش الشعبي الذي قاده في جبهات القتال لأكثر من عشرين عاماً ضد حكومات الخرطوم المتعاقبة، فأطور ترشح مستقلاً لمنصب حاكم ولاية جونقلي بعد أن دفع حزبه «الحركة الشعبية» بالفريق كوال ميانق مرشحاً لذات المنصب، فولاية جونقلي التي ينحدر منها زعيم الحركة الشعبية د. جون قرنق الذي رحل في أغسطس 2005م إثر تحطم المروحية الرئاسية اليوغندية التي كانت تقله على سفوح جبال الأماتونج، وهي ذات المنطقة التي شهدت اقتتالاً قبلياً في عام 2009م بين قبيلتيْ الدينكا والمورلي راح ضحيتها أكثر من ألفين من المواطنين. وبتمرد أطور أضحت المنطقة الأكثر إلتهاباً بالجنوب منذ وصول الحركة الشعبية إلى سدة الحكم في جنوب السودان وفق نصوص اتفاقية نيفاشا الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان في كينيا عام 2005م، إلا أنه في عام 2010م انفجر الوضع بصورة أثارت قلق العديد من المراقبين؛ خاصة عقب الرفض الواسع لنتيجة الانتخابات وتشكيك المستقلين في نزاهتها وهو ما دفع بالفريق جورج أطور إلى الدخول في مواجهات مسلحة مع حكومة الجنوب، فأطور الذي فجّر الأوضاع في جنوب السودان هو ذات الجنرال الذي فجّر أزمة بين الأممالمتحدة وحكومة الجنوب على خلفية الحوار الذي أجرته إذاعة «مرايا اف ام» مع أطور، وهي إذاعة مملوكة للأمم المتحدة وهو ما اعتبرته حكومة الجنوب دعماً لتمرد الجنرال أطور وهددت بإغلاق الإذاعة. وفي هذا السياق قال وزير الإعلام بحكومة الجنوب بوم ميوم إن الإذاعة تجاوزت التفويض الممنوح لها بنشر الأخبار واتهمها ببث برامج تثير الروح القبلية وسط مواطني الإقليم واشترط ميوم اعتذار «الإذاعة» وتصحيح الخطأ الناجم عن حوار أطور حتى يتسنّى لها نقل مكاتبها من الخرطوم إلى جوبا، وطالب بإجراء تحقيق لكشف الذين يعملون على إثارة الفتن ومراجعة الكوادر بالإذاعة لمعرفة مقدراتهم الصحفية وتقديم اعتذار لشعب الجنوب وأن يتم إنفاذ تلك الشروط في غضون سبعة أيام، وفي حال عدم التزام الأممالمتحدة باشتراطات حكومة الجنوب فسيتم إغلاق الإذاعة. ولمجابهة الأزمة الناجمة عن حوار الجنرال أطور دخلت الأممالمتحدة في اجتماعات مغلقة أمس «الأربعاء» على خلفية تهديد حكومة الجنوب بإغلاق إذاعة «مرايا اف ام». وقال مصدر فضّل حجب اسمه ل«الأهرام اليوم» إن اجتماعاً يضم ممثلين عن الأممالمتحدة وحكومة الجنوب قد يسفر عن اتفاق يتجاوز به الطرفان الأزمة، بل إن الأممالمتحدة قد تقود مبادرة سلام بين الطرفين لوقف الاقتال الدائر بالجنوب منذ أبريل 2010م، وهو ذات الاتجاه الذي أكده الفريق جورج أطور الذي يقود تمرداً ضد حكومة الجنوب؛ حيث قال ل«الأهرام اليوم» إنهم على استعداد لقبول أيّة وساطة من الأممالمتحدة. وأشار أطور إلى أن قيادة الحركة الشعبية قررت الحسم العسكري. فيما كلف المكتب السياسي للحركة الشعبية نائب رئيس الحركة د. رياك مشار للتفاوض مع الجنرال أطور وإقناعه بالحضور الى جوبا وبحث تداعيات تمرده، وهو ذات الاتجاه الذي رفضه أطور ووضع شروطاً لوقف الاقتتال، وقال ل«الأهرام اليوم» لدينا شروط لوقف الاقتتال وتشتمل على إلغاء نتائج الانتخابات وعقد مؤتمر جامع للأحزاب السياسية الجنوبية وتشكيل حكومة انتقالية تشرف على الاستفتاء المزمع إجراؤه مطلع 2011م. عموماً يرجح المراقبين أن تلعب الأممالمتحدة دوراً إيجابياً يدفع بالطرفين إلى الدخول في تسوية أزمة الجنرال أطور وحكومة الجنوب.