بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كشفتها جولة «الأهرام اليوم» داخل مستشفى كسلا التعليمي.. الحال يغني عن السؤال!
نشر في الأهرام اليوم يوم 10 - 05 - 2010

أقل المقومات الواجب توفرها في المستشفيات؛ افتقدها مستشفى كسلا التعليمي، الذي يلجأ إليه كل سكان الولاية، بالإضافة إلى مدينة حلفا ومناطق أخرى. فعجز الطاقم الطبي الموجود على رأس المستشفى عن توفير عربة إسعاف واحدة، كما عجز عن توفير عنابر تسع المرضى.
هذا بالإضافة إلى الأوساخ التي اتخذت من المستشفى موطناً لها، كما أن وزارة الصحة بالولاية عجزت عن توفير عربة واحدة، ولكم أن تتصوروا أن عربة الصحة (كارّو) يجرها حمار، كتب على مؤخرة العربة (صحة)!! هي تقوم بدلاً عن العربة بتلك المهمة. انتظرت حضور الحمار طويلاً أمام باب المستشفى، إلا أنه كان في مهمة، ونسبة لضيق الوقت لم أستطع لقاءه. هذا واعترف المسؤولون بالمستشفى ل«الأهرام اليوم» بعجزهم المالي والإداري والوظيفي، كما أكدوا أن الأوضاع مأساوية بمستشفى كسلا التعليمي.
«الأهرام اليوم» وقفت على حال المستشفى ونقلت الأحداث كما هي.
مشهد أول
مستشفى كسلا التعليمي، الدمار الشامل للمرضى، قد تشتبه عليك الأماكن؛ فتدخل إلى غرفة العمليات وتعتقد أنك داخل الحمامات؛ لأنها مشابهة لبعضها البعض، وسرعان ما تشتمّ رائحة البن وهو على نار هادئة، وترى النساء والأطفال والرجال جالسين على الأرض، حتى يخيَّل لك أنك داخل مقهى، فجأة تختلط عليك رائحة (الجبنة الحبشية) برائحة (الحمامات)، حتى تتذكر أنك داخل مستشفى كسلا التعليمي.
علاج تحت التهديد
وجدته في حالة يرثى لها من الاستياء، فسألته عن السبب، أجاب معتصم أنه أتى بابنه البالغ من العمر أربعة أعوام عند الساعة العاشرة صباحاً، وكتب له الطبيب (حقن ودربات) وخرج ليباشر عمله وترك زوجته مع ابنه وعاد إلى المستشفى في الساعة التاسعة مساءً، ووجد ابنه كما تركه في الصباح، واتجه مسرعاً نحو مكتب الطبيب، وتم منعه من الدخول، ودخل بالقوة، ووجد الطبيب، وسأله عن تأخير العلاج، فتفاجأ الطبيب بما قاله، باعتبار أنه أوكل مهمة المريض لإحدى الطبيبات، التي امتنعت بدورها عن مباشرة عملها لخلاف بينها والأطباء. واستمر الشجار على حد قوله لساعة كاملة، وهدد الطبيب والطبيبة بالقتل إذا ما أصاب ابنه مكروه، وقامت الطبيبة على الفور بإعطاء ابنه (الحقن والدربات) خوفاً على حياتها. وأضاف قائلاً إن الأطباء في كسلا تعودوا على التعامل بتلك الطريقة، لأن اللين بات لا يجدي نفعاً معهم، لافتقارهم لأبسط مقومات الطبيب، وهي الرحمة!
غرفة عمليات واحدة
قرر له إجراء عملية (زائدة)، وهي من العمليات المستعجلة، ولكن لأطباء كسلا نظام آخر، إذ جاء «م» في منتصف الليل وهو يعاني من آلام شديدة، وقرر له الأطباء إجراء العملية، ولكنه انتظر حتى منتصف اليوم التالي؛ لأن غرفة العمليات واحدة، وبها أربعة (سراير)، وعندما أتى دوره وهو مستلقٍ في أحد العنابر، جاءه الطبيب وطلب منه خلع ملابسه وارتداء الملاءة والتوجه سيراً إلى غرفة العمليات، لعدم توفر نقالات، ورفض المريض أن يتوجه بذلك المنظر سيراً، لم يكن أمامه خيار آخر، اتجه إلى غرفة العمليات، وتفاجأ عندما وجد امرأة داخل الغرفة معه لإجراء عملية جراحية لها، واتجه إلى السرير المجاور لها وهو في حالة يرثى لها، حيث اختلط الخجل بالألم معاً، ولكن لم تكن خيارات عدة أمامه، فأجريت له العملية!.
حرس برتبة خفير
«محمد» الذي يعمل حارساً بالبوابة قال ل«الأهرام اليوم» إنه في مستشفى كسلا لا يستطيع أن يباشر عمله كشرطي أبداً، وإنما يقوم بمهمة الصلح إذا وقعت أي مشاجرة، لأن أقل إمكانياته وحقوقه تتمثل في تحديد مواعيد الزيارة لراحة المريض، ولكن للأسف يحدث العكس فكل الأوقات هي مواعيد زيارة رسمية للمرضى، والأدهى والأمر كما ذكر أن الزوار يدخلون إلى المستشفى عبر البوابة الرئيسية وهم يحملون كل ما تحتاجه المرأة في المطبخ، كما أن بائع اللبن يدخل يومياً بحماره بذات البوابة، ولهذا لا يمكن لمستشفى كسلا التعليمي أن ينهض ويواكب أقل المستشفيات الأخرى، كفاءة وصحة.
جثمان بلا ثلاجة
أكد مصدر ل«الأهرام اليوم» يعمل بمشرحة مستشفى كسلا التعليمي أن المشرحة تفتقر لأقل المقومات، وهي عبارة عن حوض غسيل فقط، بحيث لا يمكن أن تسع المشرحة بأكملها أكثر من جثتين، بالإضافة إلى أنه لا توجد بها ثلاجة لحفظ الجثامين. كما أكد أن هذا الوضع الحرج لا يُحتمل، ولا بد للدولة أولاً، ثم الولاية، أن تجد حلاً لهذا المستشفى بأكمله أو تغلقه ليذهب المرضى لأماكن أخرى بدل الموت البطيء الذي يحدث هنا.
عربة الصحة (كارو)
وذكر مصدر آخر بالمستشفى أنه لا توجد عربة تابعة لوزارة الصحة، وتم تأجير (كارو حمار) للعمل محل عربة الصحة، وقال إن الحمار يباشر عمله بصورة منتظمة!! كما أكد عدم وجود عربة إسعاف، ولو واحدة، داخل مستشفى كسلا التعليمي!! الكهرباء غير متوفرة بجميع العنابر، وبنك الدم أيضاً، ولا يوجد به مولد كهرباء.
وقال د. ياسر النور المدير الطبي العام: إن الوضع الرديء الذي كان وما زال يحاصر مستشفى كسلا، ليست لنا أي يد فيه
واعترف د. ياسر في حديثه ل«الأهرام اليوم» بتشددهم الإداري في إمكانية ضبط مواعيد الزيارة، وقال: عندما حاولنا تحديد مواعيد الزيارة تعرضنا لخسائر فادحة واشتباكات، كما أن تحديد مواعيد الزيارة ليس في صالحنا باعتبار أن اعتمادنا الكلي يتوقف على عائد تلك الزيارات، فلا يمكن تحديدها، إذ لا توجد أي جهة أخرى تقوم بدعمنا سوى وزارة المالية التي تمدنا بالمرتبات فقط، عدا ذلك هو مسؤولية المستشفى لا الدولة ولا الولاية، وقال لا توجد هنا أي جهة قادرة على محاسبتهم، إذا الأطباء لم يرغبوا في إجراء عملية لأي مريض على سبيل المثال، ولكن أخلاقيات المهنة تفرض علينا القيام بالواجب في حدود استطاعتنا. وقال: نفذنا عشرة حمامات، ولكن قليلين من يقضون حاجتهم داخلها، حسب عادات البعض هنا، وفيها (قطع رقاب)!!
وفي ذات السياق التقت «الأهرام اليوم» الدكتور مجاهد حسن، المدير الطبي للحوادث، وقال إن المستشفى يعاني من عجز كبير في أبسط المعينات وأكبرها وذكر أن في اليوم الواحد يأتي ما لا يقل عن (70) مريضاً وعنابر المستشفى لا تسع غير (27) مريضاً، وكما أنه في كل (15) يوماً نقابل عجزاً بقيمة (20) مليون، وذكر أن الولاية غير قادرة على تقديم أي دعم للمستشفى ولذلك ليس لدينا خيارات لتقديم خدمات أفضل وقال: أعتبر نفسي مسؤولاً عن التزام الأطباء بمواعيد عملهم لأنني مطمئن من إمكانية دفع أجورهم في مواعيدها المحددة، وعن الجانب الصحي والبيئي المتردي بالمستشفى قال إن السبب الأول هو الكائن البشري نفسه وطبيعة التركيبة السكانية للمنطقة تنظر إلى النظافة والالتزام كأنهما تنازل عن القيم والمبادئ التي يؤمنون بها ويقدسونها وبالتالي لا يتقبلون المساس بها، وأكد د. مجاهد أن الإنجازات التي قدموها للمستشفى هي بمثابة نقطة في محيط، ولهذا لا يمكن أن يترقى مستشفى كسلا التعليمي أبداً.
مناشدة
يناشد الأطباء في ولاية كسلا وعلى رأسهم المدير الطبي والمواطنون الجهات المسؤولة متمثلة في الدولة والولاية بكافة مستوياتها ومراكزها، دعم المستشفى بالمعدات اللازمة والأساسية، وتوفير علاج مناسب لجميع المرضى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.