النيل والفيضان، وحوادث غرق الشباب والصبيان، متلازمة يحملها موسم الخريف منذ بداية شهر يونيو وحتى أكتوبر من كل عام، وفي هذا الوقت تزيد أعباء رجال الإنقاذ بشرطة الدفاع المدني بكل الولايات المتاخمة للنيلين، الأزرق والأبيض، ونهر النيل. «الأهرام اليوم» وقفت مع رجال «الإنقاذ»، وكشفت أدق أسرار عملهم الإنساني، ومعاناة «الغطَّاس» الغواص، والمصاعب التي تواجهه حتى يُخرج جثث الغرقى ويسلمها لأهاليها. ويقول اللواء هاشم حسين مدير إدارة الوقاية والسلامة بالإدارة العامة للدفاع المدني، إن الدفاع المدني هو مجموعة إجراءات وتدابير وقائية لحماية السكان من المخاطر، وتأمين الممتلكات العامة والخاصة، وذلك لضمان استمرارية النشاطات الحياتية بالنسبة للإنسان. ويضيف هاشم حسين أن عمليات الإنقاذ من أهم الواجبات التي يقوم بها أفراد الدفاع المدني في كل المجالات، من إنقاذ بري، وجوي، ومسطحات مائية، تستخدم فيها كل الوسائل الخاصة بعمليات الإنقاذ والمتمثلة في المعدا ت والأجهزة التي يتم التدرب عليها بصورة مستمرة، لإجادتها، وسرعة التنفيذ للإنقاذ السريع حسب حجم المخاطر. وأبان اللواء هاشم أن المسطحات المائية كثيرة، ومواقعها جاذبة للسياحة والترفيه للأسر، وبالتالي تشجع الشباب والصبيان على السباحة، مما يؤدي إلى حوادث الغرق، وأيضاً المواعين النهرية في حالة زيادة الحمولة، أو في حالة الظروف المناخية السيئة، تساعد على الغرق. ويواصل اللواء حديثه «تتولى دائرة المسطحات المائية بالإدارة العامة للدفاع المدني عمليات الإنقاذ بواسطة قوى تلقت تدريبات خارجية وداخلية بمصر وتركيا على أعمال الإنقاذ في المسطحات المائية، حيث تقوم بدور أساسي عبر نقاط ارتكاز منتشرة في كل الولايات النيلية بالتنسيق مع الشرطة الشعبية والمجتمعية، وشرطة النظام العام، ولكن في بعض الأحيان يلجأ الشباب إلى مناطق بعيدة عن المراقبة فتحدث حالات الغرق». أما عن الصعوبات التي تواجه أفراد الإنقاذ فأوضح أن عدم تحديد منطقة الغرق وعدم التزام أصحاب المواعين النهرية بالحمولة المحددة للماعون، بالإضافة إلى حركتها ليلاً، وخاصة في فترات الفيضان أو عندما تكون هنالك رياح أو أعاصير. وأضاف أن الجثث الطافية، التي عادة ما تكون قد تحللت، يصعب التعامل معها والتعرف عليها ومعرفة أهل المتوفى. وفي نهاية حديثه وجه اللواء هاشم حسين ثلاث رسائل، الأولى إلى الأسر لمراقبة أبنائها وعدم السماح لهم بالسباحة في النيل، لا سيما في ظروف الفيضان، أما الرسالة الثانية فوجهها للجهات المعنية بالشباب والتعليم، بالتوسع في المسابح على مستوى الأحياء والفرقان والأندية، لإجادة السباحة، أما الرسالة الأخيرة فكانت موجهة لأصحاب المواعين النهرية، لا سيما في القرى، للالتزام بالحمولة المحددة للمواعين وعدم التحرك ليلاً. أما العقيد شرطة الأمين توفيق فضل السيد مدير دائرة المسطحات المائية بالإدارة العامة للدفاع المدني فتحدث لنا عن الغطَّاس ومهامه، وعن (بدلة الغطس)، فقال إن «لبسة» الغطس عبارة عن بدلة متكاملة من البلاستيك المطاط وتحتوي على حذاء به زعانف يرتديه الغطاس لمساعدته على الحركة داخل الماء، وأيضاً لدى الغطاس جهاز تنفس مكون من أسطوانة موصلة بخرطوم وساعة لمعرفة كمية الهواء أو الأوكسجين المتبقي. ويضيف سعادة العقيد «يرتدي الغواص حزاماً في وسطه مصنوعاً من مادة الرصاص ليجعله أكثر ثباتاً وعمقاً داخل الماء». ويسترسل في حديثه «يحمل الغواص بطارية (طورش) مائية مصنوعة من البلاستيك لحمايتها من الصدأ ودخول الماء إليها ويستخدمها للاستكشاف والنظر داخل الماء». أما عن الصعوبات التي تواجه الغواص داخل الماء فأوضح الأمين: «يفاجأ الغواص بأحجار ضخمة أو أشجار كثيفة تعيق حركته داخل الماء، ومن هنا تأتي أهمية «الخنجر» الذي يحمله الغواص في «جيب اللبسة» وأيضاً يتم استخدامه في حالة وجود الحيوانات المفترسة وغالباً ما «يربط» الغواص بحبل بمساعدة مرشد خارج الماء وأخذ التعليمات من الخارج إلى داخل الماء وفق إشارات محددة أو لغة معينة بواسطة الحبل». أما اللنشات أو القوارب فيتم استخدامها في حالة الغرق وسترات وأطواق النجاة فتساعد على العوم، وأيضاً النقالة والبطاطين، وأكياس لحفظ الموتى، أما في حالة الجثة الطافية فيقول سعادة العقيد «نتعامل معها بواسطة الخطاف الذي يتكون من حديد شنكل مربوط بحبل». وزاد «تكثر حالات الغرق في فترة الصيف والإجازات المدرسية وفي شهر رمضان والأعياد».